غسان عويدات فارّ من وجه القانون... والعدالة مخطوفة 

Cover-2023-01-26T150041.512-1536x768

رغم مرور أربع سنوات على فاجعة انفجار مرفأ بيروت، لا تزال العقبات القانونية والسياسية تتراكم أمام العدالة، وتعرقل مسار كشف الحقيقة. وبينما يتابع المحقق العدلي القاضي طارق البيطار تحقيقاته، مستمعًا إلى عدد من الوزراء السابقين، وصل الدور إلى النائب العام التمييزي السابق القاضي غسان عويدات، الذي تغيب عن جلسة الاستماع التي كانت مقررة الأسبوع الماضي.

وبحسب المعلومات، فإن تغيّب عويدات أتى بذريعة "عدم تبلّغه أصولًا"، ما دفع القاضي البيطار إلى إعادة تبليغه وإرجاء الجلسة إلى هذا الأسبوع. ورغم ذلك، لم يحضر عويدات الجلسة الجديدة المقررة يوم الإثنين الفائت، فتم تبليغه بموعد جديد لجلسة مرتقبة في 21 الجاري.

وفي ردّ لافت، أصدر عويدات بيانًا قال فيه:

"حضرة المحقق العدلي المكفوفة يده والملاحق وصاحب هذه الدعوة، عملاً بأحكام المادة 354 أ.م.ج والمادة 3 من القانون رقم 129 تاريخ 26/10/1999، أنت غير ذي صفة وغير ذي صلاحية وغير ذي أهلية. فأنت ممنوع بحكم القانون عن القيام بأي عمل أو إجراء. فلا شرعيّة لك ولن نعطيك إيّاها. أنت جهة غير صالحة، وبالتالي نكون قد تبلّغنا الادعاء المزعوم وتاريخ الجلسة من العدم".

في ظل هذا التصعيد القضائي، يبرز سؤال محوري: هل يحق للمحقق العدلي الاستمرار في استدعاء القاضي عويدات، رغم كفّ يده سابقًا؟ وماذا يقول القانون في هذا السياق؟

موقع LebTalks تواصل مع الخبير الدستوري سعيد مالك الذي أكد بشكل قاطع أن صلاحيات القاضي البيطار تستند إلى أصول قانونية واضحة. وأوضح مالك أن المادة 363 من قانون أصول المحاكمات الجزائية تنص على تطبيق القواعد المتبعة أمام قاضي التحقيق، وتشير المادة 84 إلى أنه لا يمكن لقاضي التحقيق أن ينهي تحقيقه إلا بعد استجواب المدعى عليه، إلا إذا تعذّر ذلك بسبب فراره.

بناءً عليه، يؤكد مالك أنه في حال استمرار عويدات في الامتناع عن المثول، "يُعتبر فارًا من وجه العدالة". وفي هذه الحالة، يحق للقاضي البيطار أن يختم التحقيق وفقًا للمادة 364، ويُحيل الملف إلى النيابة العامة التمييزية لإبداء مطالعتها في الأساس. وعندها يُسجل في المحضر أن استجواب عويدات تعذر بسبب فراره، لتُستكمل الإجراءات ويصدر البيطار قراره الظني، تمهيدًا لإحالة الملف إلى المجلس العدلي.

لكن خلف كل هذه الإجراءات القانونية، تبقى المأساة الإنسانية هي الحقيقة الثابتة الوحيدة. بيروت التي اختنقت في ذلك اليوم المشؤوم في 4 آب، لا تزال تنتظر الحقيقة، بينما تتحوّل العدالة إلى رهينة في دهاليز السياسة.

لا يمكن فصل هذا التعطيل القضائي عن التأثيرات السياسية، وعلى رأسها تدخل حزب الله المستمر في مسار التحقيق. فالحزب، الذي لطالما رفض المسّ بحلفائه أو ببيئة نفوذه، لا يزال يؤثر بطرق مباشرة وغير مباشرة على مجريات الملف، سواء من خلال الضغط على القضاء أو عبر حملات التشكيك المتكررة بحق المحقق العدلي.

في بلد تُختطف فيه العدالة كما اختُطفت أرواح المئات تحت الركام، يبقى السؤال الصعب معلقًا: هل ستحقق بيروت يومًا العدالة؟ أم ستبقى الحقيقة حبيسة ملفات مؤجلة، وقضاة فارّين، ونفوذ لا يعترف لا بقانون ولا بدولة؟

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: