بعد 45 عاماً من التمثيل.. رندة حشمة: حصلتُ على فرصتي الحقيقية

randa-hechme

كتب شربل لبكي في نداء الوطن:

يتصدّر مسلسل “بالدم” اللبناني بقوّة في شهر رمضان 2025 على شاشة “mtv”، ويُبرز نخبة من أهم الممثلين اللبنانيين يقدّمهم المخرج فيليب أسمر بمشهديّة متميّزة لا تقلّ عن “أدوار العمر” التي كتبتها لهم ندين جابر، في توليفة إنتاجية لـ “إيغل فيلمز” تحت إدارة المنتج جمال سنان. ومن الأدوار التي توقّف عندها المشاهدون، شخصيّة سهى بركات التي تؤدّيها الممثّلة رندة حشمة.

متخفّيةً خلف بشرة مشقّقة وأظافر مغمّسة بالوحل وملابس بالية وسّخت كتفَيْها فضلات الحَمَام الذي يُحيطها من كل جانب وصوب، تطلّ سهى بركات. دخول غالية مجدّداً إلى حياتها حيث تعيش على سطح بناية مهجورة، يعيد فتح صفحات الماضي، حين قتل زوج سهى ابنتها لأنه اكتشف أنها ليست ابنته. تعصف بها نوبات من الذّعر والخوف لمشاهدتها امرأة تبحث عن ابنتها. هزّة من هنا، رجفة من هناك، وصرخة من هنالك… أداء متميّز لرندة حشمة، كان لا بدّ من الحديث معها عن كواليسه، وعن إعدادها هذا الدَّور.

بين دَورَين

تخبر حشمة “نداء الوطن” أنه عُرض عليها دوران في مسلسل “بالدم”، وتكشف “كنت أريد اختيار الدَّور الأول لأنه سهل، لكنّ المخرج فيليب أسمر اختار لي دور سهى بركات لأنّ تعابير وجهي تناسب الشخصية، فقبلت بعد أن حاولت الرفض عدّة مرات”. هنا تثني الممثّلة المخضرمة على عمل أسمر وتعبّر عن امتنانها له قائلةً: “حبيب قلبي، يعطي للممثّل حقّه كاملاً في الظهور كما ينبغي”.

سهى أرهقتني

تُحدِّثنا حشمة عن تأثير هذا الدَّور على حياتها، فتقول: “كنت أعود إلى المنزل وأجلس بمفردي ساعات حتى أنسى دور سهى، لقد أرهقتني، كان ينبغي الانتباه إلى كلّ حركة والتركيز مع المخرج والكاميرا، وكنتُ استمر بالارتجاف حتى ينتهي تصوير المشهد بعد إعادته أحياناً عدّة مرات”. وتلفت إلى صعوبة الدَّور باعتباره أيضاً خالياً من أي نصّ أو حوار ويقتصر فقط على الإحساس ولغة الجسد.

تردّد رندة حشمة بين حين وآخر، عبارات تشكر الله فيها على نعمه: “كتّر خيرك يا رب عطيتني أكتر ما بستاهل”، وتعتبر هذا الدَّور محوريّاً في مسيرتها، هي التي اعتادت تمثيل أدوار الأم أو المربّية. “لم يسبق أن أسندوا إليّ الدَّور الذي استحقه، أشكر ربّي على هذه النعمة”، وتشير إلى تجارب عديدة خذلتها ولم تلقِ الضوء على مجهودها.

“في ذهني صورة نمطية أنّ أدائي لن يظهر للمشاهدين فلماذا أبذل الجهد”، هكذا تعبّر رندة بحرقة، بعد تجاربها السابقة مع العديد من المخرجين، حيث تبوح لنا: “كنت أرفض المشاركة في الكثير من الأعمال لأنني عانيتُ كثيراً من أدوار بلا نكهة ولا لون، ومن سوء معاملة بعض المخرجين”. وتضيف: “في بعض مشاهدي كان يظهر البطل بدلاً مني، ومشاهد أخرى كانت تُحذف وكنت أبكي كثيراً بصمت”.

تعود لتتحدّث عن أهمية دور سهى بركات بالقول: “هذا الدور جعلني أشعر أنني ممثلة، أشبعني “وفشّلي خلقي”، فبعد 45 عاماً من التعب والجهد المهدور، أستطيع اليوم القول إنني حصلت أخيراً على الفرصة الحقيقية التي أستحقها”.

مقابلات وتهانٍ

وبسؤالنا لها عن تلقّيها عروض عمل جديدة بعد هذا الدور تجيب ضاحكةً: “أتلقّى الآن طلبات إجراء مقابلات”، قبل أن تتابع: “لم أدرك أهمية الدَّور إلا بعد عرضه على الشاشة وتلقّي ردّات الفعل من المشاهدين”.

لا تنسى الممثلة رندة حشمة التنويه بجهد وتعب خبيرة التجميل علا موسوي، ومصفّف الشعر هيثم نجّار، ومصمّم الملابس جورج سقيّم، لجهة الاهتمام بالمظهر الخارجي للشخصية التي ظهرت مختلفة تماماً عن شكل وشخصيّة مؤدّيتها الممثلة التي نعرفها.

وإلى طلبات المقابلات الإعلاميّة والصحافيّة، لم تتوقف اتصالات التهاني التي تنهال على حشمة من زملائها، فقد “تلقّيت العديد من التهاني من أبناء وبنات جيلي من الممثلين والممثلات، وهذه عادة ممثلي ذلك الجيل في تهنئة بعضنا بعد كل عمل، ومنهم غريتا عون وجناح فاخوري وليلى قمري ونقيب الممثلين نعمة بدوي وغيرهم كثر”.

الخوف من الحَمَام 

تشير رندة حشمة إلى كونها تخطّت تحدّيات العمل وصعوبات الدَّور، باستثناء ثغرة واحدة وهي الاقتراب من طيور الحَمَام. تبوح لنا عن خوفها من هذا الصنف من الطيور: “لم أخف من شيء سوى من الحَمَام، وأحياناً كانوا يرمُون طيور الحمام عليّ حتى تطير في المشهد. كنت أحاول السيطرة على أدائي التمثيلي رغم كل ما يحصل من حولي”. هنا تخبرنا عن مشهد كانت تقف فيه الحمامة على كتفها، وهي تحاول جاهدة تجاهلها للتّركيز على العمل وإتمامه… فتضحك ونضحك معها.

أما عن المشهد الأكثر تأثيراً، فتختار “المشهد الذي أصرخ فيه أنها ابنتي. بكيت وأنا اشاهده على التلفاز رغم أنّني الممثّلة التي أجسّد الدَّور فرحت بنفسي كثيراً”.

البطلة والإنتاج

وعن تعاملها مع بطلة “بالدم”، الممثّلة ماغي بو غصن، فتقول حشمة عن بو غصن، إنها “حين تصل إلى موقع التصوير تجلس معنا وتحدّثنا، ولا تتصرف معنا كما تتصرّف النجمات في أعمال أخرى، “بتجنن”، مُحبَّة وامرأة “شبعانة”، والحمدلله الذي أعطاها نجوميّة تستحقها”. هي المرّة الأولى التي يعملان فيها معاً. تسترجع حشمة المشهد الأول بينهما، حين اقتربت منها بعينين جاحظتين، فشعرت بو غصن بالخوف منها، وهنّأتها على عملها قائلةً: “شو شاطرة!”.

بذلك، يأتي أداء رندة حشمة ليؤكّد للمنتجين مرّةً جديدة، أنّ الممثّل اللّبناني حين تُهَيّأ له الأرضيّة الصحيحة للدَّور والأداء يستطيع أن يُبدع، وتؤكّد حشمة أنّ “شركة “إيغل فيلمز” تُدلّل الممثّلين وتهتمّ بأدقّ التفاصيل، من ناحية الملبس والشعر والماكياج وسائر التفاصيل الأخرى، وتترك لنا كممثّلين التركيز على أدائنا فقط. من جهتي أتمنى العمل معهم دائماً”.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: