كتبت عزة الحاج حسن في صحيفة “المدن”:
لم يعد أمام سليم صفير، رئيس جمعية المصارف المنتهية ولايته، سوى خيارين اثنين لا ثالث لهما، للخروج من أزمة ساهم هو وحده بإدخال الجمعية فيها. فإما أن يمتثل لخيارات شريحة كبيرة من شركائه المصرفيين أو أن يذهب بالجمعية إلى انتخابات ديمقراطية شفافة. وما لم يأخذ بالخيارات المتاحة أمامه، وأن يستمر بحالة “العناد” القائمة حالياً، فإنه قد يتحوّل من رئيس لجمعية المصارف إلى “مغتصب للسلطة”، حسب قول مصرفيين.
ماذا بعد تعطّل الجمعية العمومية
بعد تعطّل نصاب الجمعية العمومية غير العادية التي انعقدت في 10 تموز الجاري، وعقب مرور أكثر من أسبوعين على المواجهة الشرسة وغير المباشرة بين المصارف الكبيرة والمصارف الصغيرة، ونجاح الأخيرة بفرض إرادتها.. بات لزاماً على إدارة جمعية المصارف الدعوة مجدداً إلى جمعية عمومية جديدة.
ولكن أي جمعية عمومية وأي خيارات؟ وهل ستلتف الإدارة الحالية للجمعية على الخلافات بين أعضائها وتنتهج أحد الخيارات القانونية لتعديل أو انتخاب مجلس إدارة جديد، أم أنها ستُعمّق الخلاف بخيارات متهوّرة قد تُفقد السلطة شرعيتها وتعمّق الخلافات؟
يقول مصدر من أحد المصارف الصغرى في حديث إلى “المدن”، إن على مجلس الإدارة الحالي لجمعية المصارف حسم قراره النهائي بشأن مسار الجمعية العمومية المقبلة. فإما الدعوة إلى انعقاد جمعية عمومية عادية ليتم انتخاب مجلس جديد للجمعية، لا يشمل قطعاً الرئيس الحالي سليم صفير، الذي أمضى ولايتين متتاليتين حسب النظام الداخلي، أو ان تتم الدعوة إلى جمعية عمومية غير عادية، وبالتالي يتم التوافق على تعديل النظام الداخلي على أساس الإبقاء على الرئيس الحالي سليم صفير، وتمثيل المصارف الصغيرة بعضوين يتم اختيارهما من قبل تكتّل المصارف الصغيرة، الذي أثبت وحدة قراره. فيصبح مجلس إدارة الجمعية 14 عضواً بدلاً من 12 عضواً.
والأهم من ضرورة حسم الجمعية خياراتها، هو ضرورة التزامها بالدعوة إلى جمعية عمومية في وقت قريب. وإن كان النظام الداخلي لجمعية المصارف لم يحدّد المدة الزمنية الفاصلة بين الدعوتين للجمعية العمومية، إلا أن تجاوز مدة الشهر من دون الدعوة إلى جمعية عمومية يُعد بالنسبة إلى عدد كبير من المصارف “اغتصاباً للسلطة” من قبل المجلس الحالي، وتحديداً من قبل رئيسه المعني المباشر بتحديد الخطوة المقبلة للجمعية.
وبالنظر إلى أن الجمعية العمومية غير العادية الأولى انعقدت بتاريخ 10 تموز الجار، فإنه يتحتم على رئاسة جمعية المصارف المبادرة للدعوة إلى جمعية عمومية جديدة خلال النصف الأول من شهر آب المقبل. ويقول المصدر بأن “موقف صفير وعناده الشخصي لا يشيران إلى حلحلة قريبة”.
ويرى المصدر أن المصارف الصغرى أثبتت شرعيتها وتكاتفها في الجمعية العمومية السابقة، وتمكّنت من تعطيل النصاب وفرض نفسها كشريك وليس كتابع كما جرت العادة. فحسب النظام الداخلي للجمعية، يتحتّم حضور 75 في المئة من المصارف. وهو ما لم يتوفّر بعد مقاطعة 15 مصرفاً وضعوا مطالبهم على الطاولة بانتظار بحثها بجدّية من قبل مجلس إدارة الجمعية.
ضغوط على صفير
وحسب معلومات “المدن”، فإن ضغوطاً تُمارسها بعض المصارف من داخل مجلس الإدارة باتجاه دفع رئيس الجمعية سليم صفير إلى حسم خياره وحل الأزمة، قبل أن تتسع أكثر وتدخل بتعقيدات في غنى عنها، لاسيما في ظل الظروف الراهنة. ويؤكد مصدر من أحد المصارف الأعضاء في مجلس إدارة الجمعية بأن الاجتماع الأخير الذي عقده مجلس إدارة الجمعية يوم الأربعاء الفائت، بحث فيه المجتمعون بالخيارات المتاحة للخروج من الأزمة الحالية. ويؤكد المصدر بأن 6 إلى 7 أعضاء من مجلس الإدارة -جميعهم من كبار المصارف- تصارحوا مع صفير بأن الخيارات ضيقة، وأنهم لا يمانعون تعديل النظام الداخلي وزيادة عضوين إلى مجلس الإدارة في سبيل حل الأزمة قريباً، والدعوة إلى انعقاد جمعية عمومية جديدة.
وإذ يلفت المصدر في حديث إلى “المدن”، إلى أن الخروج من الأزمة يستلزم من رئيس الجمعية التنازل والاستماع إلى مطالب الأعضاء، وإن كان يختلف مع توجهاتهم.. يرى المصدر أنه في حال تمسّك صفير بالبقاء على رأس الجمعية، فلا خيار أمامه سوى التوجه إلى تعديل النظام الداخلي وتلبية مطالب المصارف الصغيرة بتمثيلها بعضوين والبقاء على رأس الجمعية، أو الدعوة إلى انعقاد جمعية عمومية عادية والذهاب إلى انتخاب مجلس جديد يكون صفير خارجه.
“من المؤسف أن تذهب الأمور إلى هذا المستوى من التعقيدات، ومن غير المقبول أن تتم شخصنة الأزمة وربطها بشخص معين بشكل مخالف لكل المعايير المهنية والمنطقية”، يقول المصدر. فعدم التوافق بين أعضاء الجمعية وتعنّت البعض، يعكس لمجتمع الأعمال اللبناني والخارجي مشهداً جديداً على جمعية المصارف، يقوم على الخلافات وعدم المرونة بالتعاطي.
ويلتقي المصدر مع مصرفي آخر بالقول إن مطلب المصارف الصغيرة، وبصرف النظر عن صحّته، بات مطلباً شرعياً باعتباره يعكس وجهة نظر عدد كافٍ من المصارف لتعطيل أي جمعية عمومية: “من هنا ليس محبّذاً على مجلس الإدارة الحالي ورئيسه المماطلة حتى شهر أيلول المقبل وإلا تصبح الأمور فاضحة”.