ينشغل أي سياسي بملفات لبنان والمنطقة المتفجّرة. من الوضع الجنوبي إلى الأزمات الداخلية إلى حروب المنطقة، وطبعاً الإستحقاق البلدي الذي يأخذ الإهتمام الكبير. وقد يكون معذوراً أي سياسي من الصفّ الأول إذا لم تستطع مقابلته في هذا الظرف. لكن مع الدكتور سمير جعجع القصة مختلفة كلياً، وخصوصاً إذا كانت المسألة تتعلّق بالشباب.
بينما كانت معارك جبل لبنان البلدية تشتعل وتدخل ساعاتها الأخيرة قبل التوجّه إلى صناديق الإقتراع، طلبت موعداً لإبنتي جويا العائدة الى لبنان بعد سنوات من العمل في الخارج، فهي عادت وتريد مقابلة الحكيم.
رفعت الهاتف وطلبت موعداً، وفي داخلي جواب بأن مواعيد الحكيم كثيرة هذه الأيام لأن معركة البلديات دخلت ربع الساعة الأخيرة، وغيرها من المعارك.
المفاجأة كانت بتحديد موعد قبل يوم الأحد، فصعدت برفقة جويا إلى معراب، ومن جونية إلى مقرّ “القوات” راودتني أفكار كثيرة لماذا تمّت تلبية الطلب بسرعة؟ وبين جونية وبكركي وحريصا، تذكّرت مرحلة النضال ما بين أعوام 1994 و2005، يومها إعتقل الحكيم وحلّ التنظيم، وبقيت مصلحة طلاب “القوات” عصب الحزب، وكم من شاب وشابة مشوا من جونية إلى حريصا لإحياء قداس شهداء “القوات” أو ذكرى إعتقال جعجع مجتازين حواجز ومقايضات واستفزازات النظام الأمني اللبناني – السوري.
وصلنا معراب ودخلنا مع ما يحيط بالدخول من حسن ضيافة وإستقبال، جلست وإبنتي والحكيم، وما يزال السؤال يراودني: لماذا إستقبلنا الحكيم بهذه السرعة؟
رجل كسمير جعجع يتابع أدق التفاصيل ويسأل، وطبعاً أخبرته جويا بأنها تركت لبنان وقت الأزمة، لكن بعد نداء الحكيم بعودة المغتربين على إثر انطلاقة العهد الجديد كانت أول من لبت النداء، فقصدت لبنان وكلها أمل بوطن جديد.
غصنا والحكيم في بعض المواضيع الشائكة مثل عمل اللبناني في الخارج، ووضع الحكيم ومحبة اللبنانيين له في الإنتشار، وأخبرته إبنتي أن هذه المحبة لا تتوقف على القواتيين بل له جمهور من كل الطوائف، كذلك ناقشنا أوضاع لبنان والأمل الجديد الذي يبزغ، ومسألة البلديات واللامركزية الموسعة..
وتحلو الجلسة أكثر مع وجود انطوانيت جعجع، الرفيقة والصديقة، التي ترفع من معنويات الشباب وهي المناضلة في ايام الظلم والاضطهاد وما بعدها، فكانت خير ناصح لابنتي جويا، وخصوصاً في مواجهة الصعاب لأن الدرب طويلة، وهناك اجيال شبت وكبرت وسترافق معراب في مسيرة استعادة الدولة.
ينتهي الوقت مع الحكيم بسرعة، وعدا عن مناقشة الأفكار السياسية والوطنية، تمّ فكّ اللغز وهو إستقبالنا بهذه السرعة، ومن مجريات الحديث والأسئلة، إكتشفت أن الحكيم يمنح الإهتمام الأكبر للشباب والطاقات الشابة. وبرز ذلك من تركيزه على دور الشباب وأهمية مشاركتهم في الحياة السياسية وصولاً إلى الرهان عليهم لبناء لبنان الجديد.
يضع الحكيم كل ثقته بالجيل الصاعد، وهذا يبرز من خلال الإهتمام بمصلحة الطلاب، هذه المصلحة التي قدّمت شهداء في مرحلة النضال ضد الإحتلال السوري وعلى رأسهم رمزي العيراني وبيار بولس.
إحدى نقاط قوة قائد كسمير جعجع هي اهتمامه والتفاتته إلى الشباب، والتي تشكّل اليوم “القوات” عنصر الإستقطاب الأول للأجيال الجديدة ويظهر هذا الأمر بوضوح في إنتخابات الجامعات التي تكتسحها “القوات”، وبالتالي هناك رهان متبادل، أجيال تراهن على الحكيم والحكيم يراهن على هذه الأجيال، والوطن هو من يكسب الرهان.
شكراً “حكيم” على هذا الاستقبال والجلسة الاستثنائية، وشكراً لانك الذخيرة الحيّة للقضية، القضية التي من أجلها استشهد البشير، شكراً “حكيم”.



