Search
Close this search box.

الرياض والحوثيون… بين تحالفِ “حارس الازدهار” ونُذُرِ عودة الحرب

boats

منذ توقيع اتفاقية المصالحة بين الجمهورية الإسلامية في إيران والمملكة العربية السعودية في بيجين برعاية وضمان الصين في شهر آذار من العام 2022، كان الملف اليمني بالنسبة للسعوديين “أولوية الأولويات” وقد طلبت الرياض من بيجين أثناء المفاوضات وقبل إبرام الاتفاقية ممارسة الضغط على طهران ونظام الملالي لإيجاد أرضية سلام في اليمن ووقف تفجّر الأوضاع التي كانت مستفحلة في حينه، وكانت تشكّلُ تهديداً استراتيجياً مباشراً لأمن وسيادة المملكة ودول الخليج ومِلاحتها، وبالتالي تصدت الرياض في بيجين وفي الاتفاقية لمسألة الحوثيين الذين هم صنيعة الحرس الثوري الإيراني، وكانت مطالب الرياض في الاتفاقية وأثناء المفاوضات أمام “الراعي الصيني” أن تكبح طهران جماح ميليشيات الحوثي في شمال اليمن ووقف استهداف المملكة وامتناع إيران عن استهداف السعودية والأمن الإقليمي وإيقاف العمليات الإرهابية ضد الشعب اليمني.

تفلّت الحوثيين من الالتزام بتوجيهات إيران

 بعد توقيع الاتفاقية المذكورة أصدرت طهران أوامرها للحوثي بالالتزام بما اتُّفق عليه في بيجين ووقف استهداف المملكة من قِبَل الحوثي ووقف العبث بأمن واستقرار الحدود السعودية واستقرار وأمن المنطقة، فالتزمَ الحوثي بالتوجيهات الإيرانية وتوقّفت الأعمال العدائية لأشهر ضد المملكة وأراضيها وسيادتها،

لكن منذ أيام قليلة فوجئ المراقبون بإطلالة عبد الملك الحوثي زعيم الحركة الحوثية من على شاشات التلفزة لشنّ هجومٍ عنيفٍ على المملكة العربية السعودية لم يخلُ من تهديدٍ ووعيدٍ من العيار الثقيل ضد الرياض.

للوهلة الأولى يمكن اعتبار هذه ” الهجمة ” انعكاساً لموقف إيراني رسمي يسعى لفضّ الاتفاقية التي لا ترى طهران إمكانية استمرارها لعوامل عدة منها داخلية وخارجية، لكن الحقيقة أن الذي حصلَ من تغيّرٍ في الموقف الحوثي بالعودة الى السلبية تجاه الرياض يرجعُ سببه الى أمرٍ عميقٍ هو إجراءات التضييق المالية والمصرفية على الحوثيين.

إجراءات تضييقٍ على الحوثيين لصالح السلطة الشرعية اليمنية

المملكة العربية السعودية ومنذ البداية، لعبت دور الوسيط في الصراع اليمني من أجل التوصّل الى خطة سلام متكاملة وذلك على أساس الحوار بين الشرعية اليمنية والحوثيين، فحصلت جولات من المفاوضات والاجتماعات إستضافت الرياض القسم الأكبر منها.

ومنذ فترة وفي إطار ممارسة السلطة اليمنية الشرعية لصلاحياتها، اتّخذت الحكومة الشرعية إجراءات عدة منها نقل المصرف المركزي اليمني من صنعاء حيث منطقة نفوذ الحوثي الى عدن مركز الحكومة الشرعية اليمنية، الأمر الذي أدّى الى التضييق المالي على الحوثيين خصوصاً في ظل القرارات الأممية والعقوبات المفروضة عليهم والتي لم تكن لتبقي لديهم سوى أموال البنك المركزي اليمني كمصدر ارتزاقٍ، لا بل مصدر تمويل حربهم وسياساتهم وعملياتهم، وقد منعت القرارات الأممية التعامل مع الحوثي على اعتباره منظمة إرهابية خصوصاً منذ خوضه سلسلة عمليات قرصنة واعتداءات بحرية وتهديد أمن الممرات المائية واحتجاز سفن وتهديد أمن الملاحة الدولية في باب المندب والبحر الأحمر .

تهديد عبد الملك الحوثي للمملكة فاجأ الأوساط الإقليمية والدولية

انطلاقاً من التدابير التي اتخذها الشرعية اليمنية، أقدمت دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية على وقف التحويلات المالية من أراضيها باتجاه مناطق سيطرة الحوثي، ما أدّى الى قطع التمويل عن الحوثي ومناطقه ومحاصرته مالياً، علماً أن الزعامات الحوثية كانت قد نهبت ثروات المركزي والثروات التي استولت عليها في مناطق نفوذها ما سمحَ لها بتملّك عقارات والقيام باستثمارات خاصة بها في الخارج وعلى رأسها عبد الملك الحوثي.

هذه الإجراءات الخليجية أغضبت الأخير فانتقل الى مواقفه المهاجمة مجدّداً للمملكة حيث يطلقُ ضدها التهديد والوعيد بشكلٍ فاقَ التصوّر وفاجأ الأوساط الإقليمية والدولية.

 وبحسب موقع اكسيوس الأميركي الشهير، سبقَ لقياداتٍ حوثيةٍ كبيرة أن قدّمت للسعوديين معلومات مفصّلة عن شبكات كهوفٍ وأنفاقٍ في صعدة ومران حيث يتواجد عبد الملك الحوثي، وقد حاولت تلك الشخصيات التي كانت تتردّدُ الى المملكة العربية السعودية النأي بنفسها عن الحوثي والتقرّب من الرياض، وبناءً على ذلك حدّدت الرياض “بنك أهداف” كبير ضد الحوثيين إن هو عاد الى التصعيد العسكري بما يمكن معه القول إن الذي حصلَ في السابق أثناء “عاصفة الحزم” كان بمثابة ” نزهة ” في مقابل ما أعدّت له الرياض هذه المرة من استراتيجيات عسكرية مؤلمة ومدمِّرة للحوثيين إن هم تطاولوا على أمن المملكة مجدّداً.

فشل استجلاب نظام الملالي للاستثمارات السعودية الضخمة

الرياض اعتمدت خطةَ تجفيف مصادر تمويل الحوثيين،  فيما إيران سبق لها أن عرضت على الرياض تسليمها عبد الملك الحوثي مقابل 100 مليون دولار أميركي إلا أن الرياض رفضت العرض معتبرةً أنها قادرة على استئصاله من دون تكبّد عناءٍ مالي أو أي تكلفة عليه.

والمعروف أنه ما دامت إيران تحرّك الحوثي فهذا يعني أن الحوثيين يحظون بدعم ومؤازرة الحرس الثوري الإيراني، كما أن نظام الملالي عندما وقّعَ اتفاقية التطبيع مع المملكة العربية السعودية كانت الغاية الأساسية لدى النظام المذكور استجلاب الاستثمارات والأموال السعودية الى إيران، الأمر الذي حصل باعتراف وزير الاقتصاد الإيراني نفسه مؤخراً حيث أكد ” أن إيران لم تستفد ولن تستفيد على ما يبدو من المصالحة مع السعوديين لجهة الاستثمارات وغياب المشاريع الضخمة “، وقد أحجمت الرياض عن القيام بمثل هذه الاستثمارات تحت وطأة العقوبات الدولية على إيران منذ زمن الرئيس السابق دونالد ترامب.

 وانطلاقاً من مجمل هذه المعطيات، يمكن القول إن مستقبل الوضع اليمني عاد الى الواجهة ومعه عادت علامات استفهام كبيرة حول إمكانيات انفجار الوضع العسكري مجدّداً بين الرياض والميليشيا الإيرانية في اليمن أي الحوثيين، والسؤال حول ما اذا كان الانفجار المتوقَّع  سيكون حدثاً معزولاً أو مترابطاً مع تفجّر ملفاتٍ أخرى في المنطقة، خصوصاً أن حرب غزّة بذيولها وتداعياتها المستمرة ٩تى الآن أظهرت وتظهر كل يوم مزيداً من الغوص في المجهول وفي الغموض، خصوصاً مع استمرار التفجير الأمني والمواجهات العسكرية في جنوب لبنان مع إسرائيل، ومع تنامي الكلام عن توسعة المواجهات في لبنان واحتمال تحوّلها الى حرب شاملة.

 المؤكد ختى الآن هو أن نُذُر عودة الصراع بين الرياض والحوثيين واضحة وضوح الشمس … ولكن هل يكتبُ الحوثي نهايته العسكرية على يد السعوديين الحائزين هذه المرة على الدعم الغربي والأميركي خصوصاً في حال انخراط الرياض في تحالف “حارس الازدهار” بمجرد إطلاق الصاروخ الأول على الحوثيين؟ والسؤال الأهم هل عودة الحوثي لمهاجمة المملكة العربية السعودية مؤشر إرادة إيرانية بالانقلاب على اتفاقية بيجين، وما. هو دور الصين الراعي الكبير في هذه الحالة بالضغط على طهران ونظام الملالي؟

أسئلةٌ كثيرة تُطرحُ بانتظار إجابات في الأيام والأسابيع القليلة المقبلة.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: