وفقًا لقراري مجلس الأمن 425 (1978) و426 (1978) المؤرخين في 19 آذار 1978، أُنشئت اليونيفيل للقيام بما يلي:
تأكيد انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان.
إعادة السلام والأمن الدوليين.
مساعدة حكومة لبنان على بسط سلطتها “الفعلية” في المنطقة.
ووفقًا لقرار مجلس الأمن 1701 (2006) المؤرخ في 11 آب 2006، فإن اليونيفيل، إضافة إلى تنفيذ مهامها بموجب القرارين 425 و426، تقوم بما يلي:
رصد وقف الأعمال العدائية.
مرافقة ودعم القوات المسلحة اللبنانية خلال انتشارها في جميع أنحاء جنوب لبنان، بما في ذلك على طول الخط الأزرق، بينما تسحب إسرائيل قواتها المسلحة من لبنان.
تنسيق الأنشطة المشار إليها في الفقرة السابقة مع حكومة لبنان وحكومة إسرائيل.
تقديم المساعدة لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى السكان المدنيين، والعودة الطوعية والآمنة للنازحين.
مساعدة القوات المسلحة اللبنانية في اتخاذ خطوات ترمي إلى إنشاء منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني “خالية من أي عناصر مسلحة، وموجودات، وأسلحة غير تلك التابعة لحكومة لبنان وقوة اليونيفيل المنتشرة في هذه المنطقة”.
مساعدة حكومة لبنان، بناءً على طلبها، في “تأمين حدودها وغيرها من نقاط الدخول لمنع دخول الأسلحة أو العتاد ذي الصلة إلى لبنان دون موافقتها”.
بموجب هذا القرار، أذن المجلس أيضًا لقوة اليونيفيل “باتخاذ جميع الإجراءات الضرورية في مناطق انتشار قواتها، وحسبما يقتضيه الوضع وفي حدود قدراتها، لضمان عدم استخدام مناطق عملياتها لأي أنشطة عدائية من أي نوع كان”، ومقاومة المحاولات التي تهدف إلى منعها بالقوة من القيام بواجباتها التي نص عليها تكليف مجلس الأمن، وحماية موظفي ومرافق ومنشآت ومعدات الأمم المتحدة، وكفالة أمن وحرية تنقل موظفي الأمم المتحدة والعاملين في مجال المساعدات الإنسانية، وحماية المدنيين المعرّضين لخطر العنف الجسدي، دون المساس بمسؤوليات حكومة لبنان.
في عام 2022، أُدخل تعديل على قرار التمديد يمنح اليونيفيل صلاحية التحرك بصورة مستقلة، بما في ذلك تسيير الدوريات المعلنة وغير المعلنة دون مؤازرة أو إبلاغ الجيش اللبناني.
وبعد أن حذّر الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله عشية تمديد العام 2023-2024 من تمديد تفويض قوة “يونيفيل” بصيغة العام 2022، قائلاً: “قوة مسلحة أجنبية تتحرك على الأرض اللبنانية من دون إذن الحكومة ومن دون إذن الجيش اللبناني، ومن دون تنسيق مع الجيش اللبناني، أين السيادة؟”.
صوّت مجلس الأمن الدولي في 1 أيلول 2023 لصالح تمديد مهمة حفظ السلام المستمرة في لبنان لمدة عام آخر. وتراقب “اليونيفيل”، قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان التي تشكلت عام 1978، الحدود الجنوبية مع إسرائيل، ويُمدَّد تفويض مهمتها سنويًا. وقد اعتمد مجلس الأمن النص الذي صاغته فرنسا بتصويت 13 دولة لصالحه، وامتناع روسيا والصين عن التصويت.
وقد مدّد مجلس الأمن الدولي بغالبية أعضائه تفويض قوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان (يونيفيل) لمدة عام إضافي، وذلك بعد مناقشات طويلة تمحورت خصوصًا حول “حرية تنقل الجنود الدوليين”.
ومدد القرار، الذي اعتمد بغالبية 13 صوتًا مع امتناع روسيا والصين، “تفويض اليونيفيل حتى 31 آب 2024″، مستعيدًا في جزء كبير منه صياغة العام السابق بشأن حرية تنقل عناصر هذه القوة البالغ عددهم نحو 10 آلاف جندي.
إذ يدعو القرار كل الأطراف إلى “ضمان احترام حرية تنقل اليونيفيل في كل عملياتها، وحرية وصول اليونيفيل إلى الخط الأزرق وعدم عرقلتها”، وأن “اليونيفيل لا تحتاج إلى تصريح أو إذن مسبق للقيام بمهام تفويضها”، و”يسمح لها بتأدية عملياتها بشكل مستقل”.
بالإضافة إلى مضمون البيانات الواضحة والمحددة لحدود المهمة المناطة بها، والتي ما زالت تصدر رسميًا عن قوات حفظ السلام العاملة في لبنان “اليونيفيل”، بعد كل اعتداء أو عرقلة عبر التسكير والتكسير، وحتى بعد كل استهداف دموي بالضرب وصولًا إلى القتل على يد “أهالي الحزب”، فإن ما أوردناه أعلاه من مضامين قرارات إلزامية صادرة عن مجلس الأمن منذ 19 آذار 1978 وصولًا إلى 27 تشرين الثاني 2024، يُلزم لبنان الرسمي والشعبي والأهلي والحزبي باحترام ما قبلوا به وتعهدوا بالالتزام بتنفيذه بكافة مندرجاته، على عكس ما يدّعيه الأهالي وما يزعمه الحزب “المسيّر”، وبعض مسؤولي الدولة اللبنانية، وعلى رأسهم رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري، وآخر ما أدلى به اليوم، وكأنه لم يقرأ تعديلات عامَي 2022 و2023، ولا اتفاق وقف إطلاق النار لعام 2024، ولا خطاب القسم، ولا البيان الوزاري، إذ يقول مبرّرًا الأهالي ومن وراءهم، بخلاف ما قرأناه أعلاه:
“الإشكالات تحصل بسبب قيام دوريات لليونيفيل في أراضٍ خاصة من دون مرافقة الجيش اللبناني، ولا يعترض الحزب على عملها، ولا نقبل بتعديل المهام التي تقوم بها”.
وتبريره هذا يناقض قوله السابق، المعلق على اعتداءات “أهالي الحزب” المتكررة: “مع اليونيفيل ظالمة أم مظلومة، أرفض بشكل حازم الاحتكاكات التي حصلت أخيرًا مع دورياتها في بعض البلدات الجنوبية، سواء أكان المشاركون فيها من مناصري حركة أمل أم حزب الله. اليونيفيل تعرّضت لاعتداءات إسرائيلية خلال الحرب الأخيرة، والعدو الإسرائيلي لا يريد بقاءها في الجنوب، وهذا وحده يكفي لأن نكون إلى جانبها”.
ليتلاقى قوله السابق مع الحالي عن تلاقٍ بين “الأهالي والعدو الإسرائيلي” على نقطة “تهشيل” اليونيفيل أو دفعها إلى إنهاء مهامها، إذ تحدّث الأستاذ في تصريحه الأخير عن “المؤامرة على اليونيفيل”.
هنا يتذكر القارئ ويُذكّر من لا يريد أن يقرأ ما كان موقف نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى أمام “الوصايا للشيعة اللبنانيين” حيال وضعه اعتداءات الحزب على اليونيفيل في إطارها الحقيقي الطبيعي المنسجم مع العدو الإسرائيلي، إذ يقول في 24 آب 1986: “ضرب القوة الدولية أمر محرّم شرعًا”.
وفي اليوم نفسه، يقول المسؤول التنظيمي في حركة أمل، السيد علي الحسيني، ملقيًا كلمة رئيس حركة أمل، الرئيس نبيه بري، في مناسبة حزبية: “نرفض أي اعتداء على القوة الدولية، إننا سنمنع ذلك ولو بالقوة، وهذا موقف سياسي وتكليف شرعي”.
قد يقول قائل متملص إن اعتداءات الأهالي عفوية وفردية ومحلية، لا حزبية ولا تنظيمية ولا منظمة.
لكن لا يُصدَّق هذا القول، إذ إن تكرار تلك الاعتداءات، وانتشارها بوتيرة سريعة زمنيًا وواسعة مكانيًا، وسوابق الحزب بتطابقها مع اعتداءات الأهالي الحالية، تُسقِط عنها صفة الفردية والعفوية والأهلية.
وما التملص إلا خشية من تحمّل الحزب أعباء وتبعات وتداعيات الاعتداءات، حيث يكون العدو الإسرائيلي، مرة أخرى بعد قرار الحزب بالتصعيد، المستفيد الأكبر — بل الوحيد — من تقديم الحزب “رأس اليونيفيل على طبق من فضة”، ليكون جنوب لبنان وبيئة الحزب أول الخاسرين.