مركز رصد للدراسات الاستراتيجية – تشير التقديرات الاستراتيجية إلى أن حركة حماس أتيحت لها فرصة نادرة للانضمام إلى الاتفاق اللبناني – الإسرائيلي الأخير الذي أوقف الأعمال العدائية بين إسرائيل وحزب الله. هذا الاتفاق مثّل لحظة فارقة في تاريخ الصراع، إذ أنهى جولة عنف كانت مرشحة للتوسع، ومع ذلك، قررت حماس المضي في نهجها المتشدد، ما يعكس استراتيجيات بعيدة عن الواقعية السياسية ومغلفة بخطاب المقاومة دون اعتبار للعواقب الإنسانية.
عموماً فإن قرار حماس بعدم الاندماج في هذا المسار التفاوضي يعكس توجهها نحو التصعيد، ما أدى إلى تفاقم الأوضاع في غزة، حيث يعاني المدنيون من حصار خانق وآثار الدمار الهائل الناتج عن الحرب المستمرة. التصعيد العسكري الذي تبنته الحركة أظهر محدودية قدرتها على تحقيق مكاسب ملموسة على الأرض، فيما دفع سكان غزة الثمن الأكبر، سواء بالخسائر البشرية أو تدهور البنية التحتية التي لم تعد قادرة على تلبية أبسط احتياجات الحياة.
وقد وفر الاتفاق اللبناني – الإسرائيلي إطارًا دوليًا وإقليميًا لخفض التصعيد، مما كان من الممكن أن تستفيد منه حماس لتخفيف الضغط على القطاع. الانضمام إلى هذا الاتفاق لم يكن يعني التخلي عن المقاومة بالضرورة، ولكنه كان فرصة لإظهار مرونة سياسية تكسب الحركة مزيداً من الدعم الدولي والإقليمي، مع تخفيف معاناة أهالي غزة.
عموماً فإن الوضع في غزة الآن كارثي بكل المقاييس. تشير التقارير إلى أن معدلات الفقر والبطالة وصلت إلى مستويات غير مسبوقة، إضافة إلى نقص في المواد الغذائية والمياه النظيفة والكهرباء. استمرار النهج التصعيدي يفاقم من عزلة غزة الدولية ويزيد من معاناة سكانها الذين يعيشون تحت ظروف مأساوية منذ سنوات.
ورغم أن حماس تدافع عن قرارها باعتباره جزءًا من “المقاومة المستمرة”، إلا أن هذا النهج يثير تساؤلات حول مدى ارتباطه بحسابات استراتيجية دقيقة. مقاومة الاحتلال حق مشروع، لكن العناد في رفض المبادرات السياسية الواقعية قد يتحول إلى عبء على الحركة نفسها، فضلاً عن المدنيين الذين يدفعون ثمن هذا النهج.
وتحتاج حماس إلى إعادة تقييم مواقفها السياسية. الاستمرار في سياسات الصدام دون أفق سياسي واضح لن يؤدي إلا إلى مزيد من الكوارث. بدلاً من التركيز على التصعيد، يجب أن تنظر الحركة إلى طرق لتخفيف المعاناة الإنسانية من خلال الانخراط في مبادرات تفاوضية تؤسس لواقع جديد، سواء في غزة أو على مستوى القضية الفلسطينية عمومًا.
عموما فإن قرار حماس بعدم الانضمام إلى الاتفاق اللبناني-الإسرائيلي ليس مجرد خطوة استراتيجية خاطئة، بل يعكس أزمة أعمق في رؤية الحركة للتعاطي مع التحديات التي تواجهها. إن الأولوية الآن يجب أن تكون لحماية المدنيين في غزة وتخفيف معاناتهم، وهذا لن يتحقق إلا بتبني مقاربة سياسية أكثر واقعية تأخذ بعين الاعتبار التغيرات الإقليمية والدولية.