سومي الأوكرانية: السلام المفقود

image


على الرغم من وعود الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانتخابية بإنهاء حرب أوكرانيا خلال 24 ساعة إذا بالوقائع في الميدان تكشف من جهة صعوبة الحديث عن سلام في ظل عدم رغبة روسية واضحة في استمرار الحرب لزيادة الضغط على كييف للقبول بشروطها لأي سلام ومن جهة أخرى صعوبة تحقيق الرئيس الأميركي لوعده.

ما حصل أمس في مدينة “سوميالأوكرانية من مجزرة ارتكبتها موسكو بحق الأبرياء المدنيين الاوكرانيين في يوم أحد الشعانين حيث استهدفت الآلة العسكرية الروسية للرئيس فلاديمير بوتين تلك المدينة بصاروخ باليستي وقد ازدادت أعداد الضحايا مع مرور ساعات النهار وفي يوم يذهب الناس إلى الكنيسة للاحتفال بأحد الشعانين… دليل إضافي على عدم رغبة موسكو بالسلام فما حصل دحض كلياً أي حديث عن السلام وعن نية لدى سيد الكرملين بتحقيق السلام .

السؤال يبقى عن موقف الرئيس ترامب مما يجري وعن قدرته الفعلية على إقناع الرئيس الروسي بوتين بإيقاف آلة الموت والقتل والتدمير، سيّما وأن أوكرانيا لا تزال قادرة على المواجهة وقد باتت جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي الأوروبي ومن الأمن العالمي.

السلام يبدأ بالنوايا، ففي حين أبرز الرئيس الاوكراني فولوديمير زيلينسكي نواياه السلمية وذهب الى واشنطن والتقى الرئيس دونالد ترامب ومن ثم تتابعت المشاورات والمناقشات حول توقيع اتفاقيات استثمار المعادن الثمينة في ظل موافقة الرئيس الاوكراني على التوقيع في مقابل ضمانات طبيعية من حق كييف المطالبة بها، اذا بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين يناور ويسوف ويضع العراقيل على طريق التوصل الى سلام عادل ومنصف لا سلام الاخضاع والغلبة.

من قصف مدينة كريفيه ري مسقط راس الرئيس الاوكراني في 4 نيسان بصاروخ باليستي من طراز (إسكندر ام) وإصابته منطقة سكنية وملعباً للأطفال ومن ثم استتباع الهجمة الأولى بهجمة ثانية خلال ساعات بمسيرات اسفرت عن مقتل 19 شخصاً واصابة 68 اخرين وتبرير القيادة الروسية هذا القصف باستهدافه اجتماعاً كان منعقداً لقادة اوكرانيين مع مدربين غربيين، الأمر الذي نفته هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية الى قصف مسيرات روسية في نفس اليوم محطة خيرسون للطاقة الحرارية في انتهاك صارخ لهدنة الطاقة ومدن سومي وكييف وجيتومير ودنيبرو وبتروفسك، بالإضافة الى ما تناقلته وسائل الاعلام الغربية من زيادرة روسيا لحجم هجماتها بالمسيرات على أوكرانيا بأكثر من 50 % منذ بدء مفاوضات السلام في المملكة العربية السعودية، كلها شواهد ودلائل على غياب أي رغبة لدى موسكو في السلام ورغبتها في انتزاع المزيد من التنازلات من الاوكرانيين نحت شعار مبادرات السلام .

السلام يجب أن يبنى بالنوايا السليمة أولاً ومن ثم بالتفاوض على طاولة حوار مفتوح وصادق فما نراه على الأرض مغاير تماماً لما يحكى وإذا كان لا بد من سلام فليكن سلاماً مبنياً على القانون الدولي ومبادئ سيادة واستقلال الدول والتعاون والتبادل السياسي والاقتصادي والتجاري والديبلوماسي السليم.

فأوكرانيا قيادة وشعباً لن تتراجع عن حقها في سيادتها واستقلالها وفي الوقت نفسه هي مستعدة للسلام لكن السلام كرقصة التانغو بحاجة لشريكين وبالتالي الآمال تبقى معلقة على كل من واشنطن والرياض لحل العقدة الروسية في مسيرة السلام كي لا تستمر الإبادة.. ومعها نصبح أمام سلام مفقود .

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: