يسعى محور الممانعة إلى تعديل قانون انتخاب المغتربين لأنهم يعلمون مسبقًا أن خسارتهم ستكون مزدوجة لسببين: الأول بعد كل ما حصل في لبنان مرورًا بالخراب الإسرائيلي المدمّر، والثاني لأن المغتربين، مثل المقيمين، قد سئموا من الحروب المتكررة والمدمرة ويسعون إلى بناء بلد باقتصاد منتج لأبنائهم. فماذا يقول النواب عن تعديل القانون؟

الأسمر: يرفضون لأنهم “يخافون” من صوت المغترب
أكد النائب سعيد الأسمر أن كتلة “الجمهورية القوية” ماضية في المطالبة بحق المغتربين في التصويت الكامل، كما في أي حق دستوري آخر، مشيرًا إلى أن “المغترب اللبناني اضطر إلى الهجرة بعدما دُمّرت أحلامه في وطنه، وهو اليوم لا يزال يحلم بالعودة والمساهمة في بنائه إلى جانب أولاده”.
واعتبر أن القانون الحالي يحصر حق المغترب بستة نواب “لا يقدمون ولا يؤخرون”، في حين يجب أن يكون شريكًا حقيقيًا في صناعة القرار الوطني، تمامًا كما هو شريك في تحمل الأزمات. وأضاف: “المغترب لا يزال ينتظر أن يعود الوطن ليستعيد دوره فيه”.
وانتقد الأسمر ما وصفه بـ”الاستنسابية في التعاطي مع الملفات داخل المجلس النيابي”، قائلاً: “نحن لا نفرض قانونًا بالقوة، بل نطالب بحقنا المشروع. القانون المعجل المكرر قُدّم منذ 9 أيار 2025، ووفقًا للنظام الداخلي يجب طرحه في أول الجلسة، وقد أرفقناه بكتاب وقّعه أكثر من 65 نائبًا لطلب إدراجه على جدول الأعمال”.
وأشار إلى أن الهيئة العامة هي التي يجب أن تقرر، إلا أن الرئيس نبيه بري أحال الملف إلى اللجان خلافًا للنظام الداخلي، في محاولة واضحة لتجميده. وأضاف: “القانون واضح، ومن يقرر وجود العجلة هو المجلس النيابي نفسه، والمجلس من حقه التصويت على ما يشاء”.
ورأى الأسمر أن رفض طرح القانون يعود إلى الخوف من صوت المغترب، الذي برز بقوة في انتخابات 2022، وقد يكون أكثر تأثيرًا في 2026. وقال: “المغترب لن يصوّت لمن كان سببًا في تهجيره، بل لمن يؤمن ببناء الدولة، لمن يسعى إلى جمهورية قوية فعلاً”.
وختم: “نحمّل حزب الله، وحركة أمل، والتيار الوطني الحر، المسؤولية عن تعطيل الملف، لأنهم يخشون صوت المغترب. لهذا السبب خرجنا اليوم من الجلسة وسنلجأ إلى خطوات تصعيدية في حال استمرار خرق القانون. فالكتاب الذي رفعناه إلى بري بات عند الجميع، ولا يمكن تجاهله”.

حنكش: المغتربون ليسوا ATM
أشار النائب إلياس حنكش إلى أن كتلة “الكتائب اللبنانية” قدّمت طعنًا بهذا القانون منذ حزيران 2018، أي منذ سبع سنوات، رفضًا لعزل الاغتراب عن الحياة السياسية الفعلية.
وأضاف: “المغتربون ليسوا آلة صرافة تُسحب منهم الأموال فقط”، مؤكّدًا أنهم “أساس هذا الوطن، ولولاهم لما صمد لبنان في الأزمات التي مر بها”.
وشدّد حنكش على أن “صوت المغترب حرّ، لا يتعرض للابتزاز أو الترغيب أو الضغط، ومن المهم أن يؤثر على انتخاب كامل أعضاء البرلمان وعددهم 128، وليس فقط على 6 مقاعد”.
وتابع: “نرفض رفضًا قاطعًا عزل الاغتراب عن الواقع اللبناني، وهذا ما دفعنا إلى دعم عريضة وقّعها 68 نائبًا تطالب بإعادة النظر في القانون. لكن بري رفض تعديل هذا البند، وهذا ما نعتبره انقلابًا على رأي العام، وعلى النظام الداخلي، وعلى الدستور الذي يساوي بين جميع اللبنانيين”.
وختم حنكش بالقول: “لا يمكن التمييز بين اللبنانيين في الداخل والخارج. من حق كل لبناني، أينما وُجد، أن يصوّت لجميع نواب البرلمان الـ128”.

الصادق: قانون انتخاب المغتربين خُيّط لخدمة هذه الأحزاب فقط
أكد النائب وضاح الصادق أن قانون انتخاب المغتربين الذي أُقر عام 2017 مخالف للدستور، إذ “خُيّط” حينها لخدمة ثلاثة أحزاب سياسية فقط هي: حزب الله، حركة أمل، والتيار الوطني الحر، مشددًا على أن “من حق المغترب أن يصوت بحرية في السفارة، كما ينص الدستور على المساواة بين اللبنانيين”.
ورأى الصادق أن المشكلة الأساسية مع المغتربين تكمن في حرمانهم من التصويت لكامل أعضاء المجلس الـ128، وحصرهم بستة نواب فقط، في مخالفة واضحة لمبدأ المساواة، مؤكدًا أن النظام الداخلي يفرض على رئيس المجلس عرض أي قانون معجل مكرر وقع عليه 67 نائبًا، كما أن العريضة التي طُرحت اليوم حازت على موافقة أكثر من نصف النواب، وعلى الرغم من ذلك “لم تُعرض للتصويت، ما يعدّ خرقًا للدستور والنظام الداخلي والممارسة الديمقراطية”، وفق تعبيره.
وأضاف: “كان من المفترض أن يطرح بري القانون على التصويت ويعلن من يؤيده ومن يعارضه، لكن هذا لم يحصل”.
وردًا على تصريح النائب علي فياض الذي قال: “نحن نقدّم امتيازًا للمغتربين”، قال الصادق: “هل المطلوب أن يأتي مليون ونصف مغترب إلى لبنان للتصويت؟ هل يعرف فياض أننا نحتاج إلى أكثر من 5000 طائرة، إضافة إلى مطار أكبر بـ30 مرة ليستوعبهم؟”
وسأل الصادق: “هل دور المغترب ينحصر فقط في تحويل الأموال؟” مضيفًا: “كنا نطلق على المغترب لقب ‘النفط اللبناني’، فهل انتهى دوره ولم يعد له حقوق؟ هل لم يعد مسموحًا له بالتصويت؟”
وختم متسائلًا: “هل من المقبول أن يُحرم أولادي، أحدهما في أبو ظبي والآخر في باريس، من التصويت لي كنائب، لمجرد أنهم خارج البلاد؟”

خواجة: نؤيّد قانونًا عصريًا
أكد النائب محمد خواجة أن ما حصل في جلسة مجلس النواب اليوم بشأن قانون اقتراع المغتربين “ليس تصرفًا سليمًا”، معتبرًا أن “ما قام به بعض الزملاء هدفه إلغاء الجلسة لا أكثر”.
وأوضح أن “هناك 13 مشروع قانون مدرجًا على جدول الأعمال، جميعها مهمة، منها فتح اعتمادات للجيش، وملف الإعفاءات في الجنوب، خصوصًا في المناطق التي تعرّضت لاعتداءات إسرائيلية”.
وفي ما يخص قانون اقتراع المغتربين، أكد خواجة أن الكتلة “لا تمانع مناقشته ولكن في الوقت المناسب، لكنها تتمسك بالقانون كما هو اليوم”، مشددًا على أنه “يحترم المغتربين، كما تفعل كل دول العالم التي تمنحهم تمثيلًا مباشرًا”.
ورأى أن “القول إننا نريد حرمان المغترب من التصويت غير دقيق، فالحرمان الحقيقي يكون عندما يُمنع من أن يكون له ممثل مباشر في المجلس”.
وشدّد على أن الكتلة تؤيد “قانونًا عصريًا يعيد جمع اللبنانيين، لا أن يبقيهم أسرى قوانين طائفية أو مناطقية”.

عبدالله: هذا الموضوع ناقشناه أكثر من مرة واللجان المشتركة تتولى دراسته
أكد النائب بلال عبدالله أن قانون اقتراع المغتربين لم يكن مطروحًا على جدول أعمال جلسة مجلس النواب اليوم، مشيرًا إلى وجود عريضة قدّمها عدد من النواب، من بينهم أحد النواب في كتلة “اللقاء الديمقراطي”، تطالب بالإبقاء على حق المغتربين في الاقتراع لمناطقهم ونوابهم وعائلاتهم في لبنان.
وأوضح عبدالله أن “هذا الموضوع ناقشناه أكثر من مرة، وهناك لجنة فرعية منبثقة عن اللجان المشتركة تتولى دراسته حاليًا”، مضيفًا: “لذلك، ما طُرح اليوم هو مجرد وجهة نظر ولم يُدرج رسميًا ولم يُناقش”.
وأشار إلى أن بري كان واضحًا بقوله: “طالما يُناقش القانون في لجنة فرعية، فلا داعي لإدراجه على جدول الأعمال”، مضيفًا: “بناءً على ذلك، انسحب عدد من النواب من الجلسة”.
وفي الختام، بين مؤيد ومعارض، كيف سيتعامل المجلس النيابي مع مطلب اللبنانيين المغتربين والمقيمين؟