Search
Close this search box.

لا شرعية دستورية وميثاقية لسلاح حزب الله  

Hizbollah Forces3

أن يُقال بأن سلاح حزب الله كسلاح مقاومة، أمرٌ مشرّعٌ ودستوريٌ بموجب اتفاق الطائف والبيانات الوزارية، فهو أمرٌ يجافي الميثاقية والدستورية معاً للأسباب الآتية:

-أولاً : لأن وثيقة الطائف لم تسمِّ حزباً أو فصيلاً محدّداً لتعطيه مشروعية المقاومة، بل تكلمت عن استعادة سلطة الدولة (لا الميلشيات أو الأهالي ) حتى الحدود المعترَف بها دولياً، وقد جاء في نص الطائف وتحت فصل تحرير لبنان من الاحتلال الإسرائيلي ما حرفيته : (…ج) إتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لتحرير جميع الأراضي اللبنانية من الاحتلال الإسرائيلي، وبسط سيادة الدولة على جميع أراضيها، ونشر الجيش اللبناني في منطقة الحدود اللبنانية المعترَف بها دولياً، وعلى تدعيم وجود قوات الطوارئ الدولية في الجنوب اللبناني لتأمين الانسحاب الإسرائيلي …”

 هذا هو نص الطائف، فأين شرعنة حزب الله وسلاح حزب الله فيه؟!

 النصُ كان واضحاً من خلال الآتي :

1 – تحرير جميع الأراضي وبسط سيادة الدولة على جميع أراضي الدولة، ومن هنا السؤال المطروح : أين بسط سيادة الدولة في الجنوب وبخاصة في مناطق محرّرة من الإسرائيلي؟ وكيف يكون هناك دولة وميليشيا في نفس الوقت؟ وأيهما يمثّلُ سيادة الدولة ولديه الشرعية الدولية والدستورية لتمثيلها وبسط سيادة الجيش أو الميليشيا؟

2 – نشر الجيش اللبناني في منطقة الحدود اللبنانية، ومن هنا جملة أسئلة مطروحة: أين الجيش اللبناني في مناطق عمليات حزب الله ونفوذه؟ وهل هو الآمر والناهي على الأرض بموجب نصّ الطائف كونه أداة بسط سيادة الدولة؟

3 – إتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لتحرير جميع الأراضي اللبنانية من الاحتلال يهدف الى بسط سيادة الدولة بحرفية الطائف، وبالتالي فإن حزب الله ليس الدولة وليس الجيش اللبناني أداة بسط السلطة الشرعية،

ثم أن الإجراءات التي يتكلمُ عنها منطق النصّ يرتبطُ لغوياً ومنطقياً بدور الجيش اللبناني والدولة اللبنانية في بسط سيادة الدولة كما هو واضح وفق هذا المنطق، وإلا لكان وجبَ أن ينصّ الطائف على اتخاذ كافة

” الإجراءات الشعبية أو الأهلية أو الرسمية ” للتحرير … لو أراد إعطاء الأهالي أو الميليشيات دوراً في إجراءات التحرير.

4 – البند (ج) الذي تكلّم عن اتخاذ الإجراءات اللازمة للتحرير، سبقَه بندان أين حزب الله منهما إن كان يعتبرُ نفسه ملتزماً باتفاق الطائف : العمل على تنفيذ القرار 425 وسائر قرارات مجلس الامن الدولي القاضية بإزالة الاحتلال الإسرائيلي إزالةً شاملة، فالمعروف أن القرارات الدولية ومنها ال 425 تنيط بالدولة اللبنانية والجيش والسلطات السيادية تنفيذها لا الأهالي أو الشعب …

 كذلك الفقرة (ب) تنصُّ على التمسّك باتفاقية الهدنة الموقّعة في 23 آذار 1949، فأين حزب الله من اتفاقية الهدنة؟ علماً أن اتفاق الطائف كرّسَ اتفاق الهدنة مرجعيةً دستوريةً للوضع في الجنوب، فلنعد الى اتفاقية الهدنة التي سبقت حتى القرار 1701، وبالتالي فإن الكلام الصادر عن نواب ومسؤولين نيابيين ورسميين وحزبيين حول اتخاذ المقاومة مشروعيتها وشرعيتها من اتفاق الطائف هو كلامٌ مغلوطٌ كلياً ولا أساس له من الصحة بصراحة نصّ الطائف وروحيته اللغوية.

-ثانياً : لأن الدستور واضح في اعتبار البيان الوزاري بياناً سياسياً لا بياناً ذات قيمة دستورية يكرّس شرعيةً ما أو شرعنةً دستورية لواقعّ أو حدثٍ .

 وبما أن نظامنا برلماني بطبيعته ومرتكزه الأساسي لا مسؤولية رئيس الجمهورية، وبالتالي فالمسؤولية تلك يتحمّلها الوزراء جماعياً أو فردياً، وهي المسؤولية البرلمانية المنصوص عنها في المادة 66 من الدستور والتي تنصُّ على الآتي:  ” … يتحمّل الوزراء

إجمالاً تجاه مجلس النواب تَبٍعة سياسة الحكومة العامة، ويتحمّلُ إفرادياً تَبِعة أفعالهم الشخصية”، وبالتالي فإن النتيجة المترتّبة على هذه المسؤولية الوزارية هي الثقة التي تُمنحُ وتُنزع، ما يعني أنها ليست ثقةً نهائية ثابتة كي تكوّن حقاً دستورياُ مكتسباً يُعتّدُ به أو تُبنى عليه شرعية ما .

البيان الوزاري جاء عرضاً لسياسة الحكومة في شقّيها الداخلي والخارجي وبرنامج أعمالها، وهو البيان الذي تنطلقُ منه عملية منح الثقة أو حجبها أو نزعها لاحقاً .. وهذا ما يؤكده العلامة البروفسور  إدمون رباط في مؤلفاته الدستورية، وبالتالي فإن عرض السياسة العامة هو وثيقة سياسية ملزِمة للحكومة متى نالت الثقة ومنحها ليس حقاً مكتسباً دستورياً.

للحكومة ووزرائها تبقى الثقةُ خاضعةً للسحب أو الحجب، وبالتالي كل ما هو قابل للتغيير ليس حقاً ثابتاً كي يُعتّدَ به على أنه ذات قيمة دستورية.

 المادة ٦٤ من الدستور نصّت في فقرتها الثالثة على صلاحية رئيس مجلس الوزراء بطرح سياسة الحكومة العامة أمام المجلس ( أي البيان الوزاري) لنيل الثقة على أساسها، وبالتالي فإن الصفة السياسية على الوثيقة المُسًّماة  “بيان وزاري” تغلبُ أي صفة أخرى، وهي ليست صكاً دستورياً طالما أنه ليس نهائياً وثابتاً، وعليه فإن البيان الوزاري ليس صكاً دستورياً بل وثيقة عمل سياسية للحكومة لتنال الثقة من عدمها على أساسها، وبالتالي فإن نيل الثقة لا يشرعن السلاح غير الشرعي لاسيما إذا لم يكن مكرّساً صراحةً في وثيقة الطائف كما بيّنا أعلاه، واذا كانت الثقة أمراً سياسياً يُجيزُ الدستور سحبها أو حجبها في أي وقت.

ولا يجب أن ننسى بأن قسماً من اللبنانيين لم يوافق على بنود البيانات الوزارية للحكومات المتعاقبة، والتي أُقرّت سياسياً لا دستورياً بسلاح الحزب، وإلا لوجبَ إدراج نصٍّ في صلب الدستور يُشرّعُ للشعب حمل السلاح وإنشاء كيانات حزبية وميليشياوية لتحرير الأرض بديلاً عن الدولة والجيش.

ويبقى أن نشير الى أن تطوّر موقف حزب الله على الصعيد الداخلي بدعوته من خلال نواب في كتلة الحزب اللبنانيين لمناقشة موضوع سلاحه، هو موقفٌ استباقي لِما ينتظرُ الحزب عند انتهاء مهامه على جبهة الجنوب مع إسرائيل المرشّحة للدخول في حالة استنزاف طويلة، بحيث سيحاولُ الحزب إيجاد أرضية وطنية لتسويته وسط رفض أكثر من نصف الشعب اللبناني لدوره ووظيفته.

إنه التحدّي الآتي على لبنان بعد أن يدخل وقف الحرب في الجنوب حيز التنفيذ على وقع التفاهمات الإيرانية- الأميركية المقبلة … وقريباً….. اذا لم يطرأ ما يعيدُ خلط الأوراق .

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: