منذ لحظة اندلاع حرب غزة بعد عملية طوفان الأقصى التقت المعلومات والتحليلات والتكهنات على نقطة ارادة وعزم وتخطيط رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو على استجرار تدخل دولي غربي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية مستفيداً من التعاطف الدولي الاولي المبدئي مع من سقطوا من ابرياء ونساء وأطفال اسرائيليين في عملية طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول 2023، ومستغلاً للعملية في سبيل تحقيق اهداف استراتيجية بعيدة من ميدان غزة الفلسطيني وصولاً الى ازالة خطر ايران النووية ومن خلالها أذرعها في كل من اليمن والعراق وسوريا ولبنان.
وعلى هذه الاسس وخوفاً من التورط والتوريط سعت الدول المعنية ومنها الممانعة وعلى رأسها ايران الى ضبط أذرعها في المنطقة على الايقاع الايراني – الاميركي تحت ما يسمّى احترام قواعد الاشتباك، خوفاً من الانزلاق الى ما لا تريدانه “متفقتين” العدوتان – الحليفتان.
لا تخفى على أحد من المراقبين الضغوط المباشرة الاميركية الهائلة التي تفرض على الحكومة الاسرائيلية منعاً لتوسعة الحرب التي قد تؤدي الى توريط الولايات المتحدة الاميركية وحلفائها، كما لا يخفى على احد سعي نتنياهو الحثيث لزج الدول الغربية وعلى راسها الولايات المتحدة الاميركية في مواجهة مع ايران تكون اغتناماً ناجحاً للفرص بالقضاء على الخطر المحدق من ايران على اسرائيل.
لا يخفى على احد أيضاً من المراقبين وغيرهم مما تبذله ايران الولي الفقيه مع اتباعها ادارةً وتسييراً وضبطاً ومنعاً للتصعيد خوفا مما تحيكه حكومة نتنياهو في اسرائيل وتجنباً لمواجهة مع “أمريكا” تكون معروفة النتائج لصالح هذه الأخيرة وحليفتها اسرائيل.
هنا وتأكيداً على هذا المسار لا بد ان نتوقف عند ما نقلته وكالة رويترز في 15 آذار 2024 “عن مصادر متعددة عن لقاء جمع قائد فيلق القدس اسماعيل قآاني وأمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله ونقلت الوكالة ان نصر الله “طمأن” في اللقاء قاآني بأنه لا يريد أن تنجر إيران إلى حرب مع إسرائيل أو الولايات المتحدة وأن حزب الله سيقاتل بمفرده. اذ قال نصر الله لقاآني: “هذه هي معركتنا”.
وحسب رويترز ترأس قاآني اجتماعاً لمدة يومين في إيران قبل لقاء نصرالله في مطلع شباط مع قادة العمليات في فصائل باليمن والعراق وسوريا وثلاثة ممثلين عن حزب الله ووفد من الحوثيين.
وفي الاجتماع “اتفق كل المشاركين في النهاية على أن إسرائيل تريد توسيع دائرة الحرب وأنه يجب تجنب الوقوع في هذا الفخ لأنه سيبرر وجود قوات أميركية إضافية في المنطقة”.
الاكيد ان نصرالله وحزبه واحزاب محور ايران الاخرى قد التزموا الاوامر العليا الصادرة من ايران الولي الفقيه والاكيد ايضاً على ما شاهدنا وعاينّا ان هذا الالتزام لم يمنع اسرائيل من توسيع هجماتها واستهدافاتها وجغرافية عملياتها متخطية الخطوط الحمراء بلون الدم المراق من مسؤولين ايرانيين وعراقيين وسوريين ولبنانيين من المحور الممانع “المهادن” المنضبط وصولا الى الاغتيالَين الكبيرين في عمق ضاحية الحزب الجنوبية في حارة حريك حيث استهدفت اسرائيل حامل أعلى منصب عسكري في الحزب فؤاد شكر وفي قلب العاصمة الايرانية طهران حيث استهدفت أعلى سلطة سياسية في حركة حماس اسماعيل هنيّة.
ربطاً بما سبق وفي قراءة متانية لخطاب نصرالله التأبيني للقائد العسكري فؤاد شكر في الأول من آب 2024، يتلمّس القارئ نوعاً من التحريض على الحرب الشاملة وانواعاً من الغمز من قناة ايران دفعاً وحثاً لها على الدفاع عن سيادتها وأمنها القومي وهيبتها وشرفها اذ قال ما حرفيته: “ان خطاب الإمام الخامنئي في شهادة القائد هينة كان أشد من خطابه حين اعتُدي على القنصلية في دمشق لأنه لم يُعتدى على سيادتهم فحسب بل المساس بأمنهم القومي وهيبتهم وتم المسُّ بشرفهم”، ليقول وكانه تراجعاً عن الالتزام السابق المتخذ امام قآاني: “نحن في معركة مفتوحة في كل الجبهات” وفي ما يشبه الغمز “غير المشروع” من القناة الايرانية التي ردّت شكليا في تاريخ 13 نيسان 2024 على قصف قنصليتها في دمشق قال نصرالله:“نحن نبحث عن رد حقيقي مدروس جدا وليس عن رد شكلي”.
هذا ما نسميه “حلفاً موضوعياً” بين العدوّين اللّدودَين بنيامين نتنياهو وحسن نصرالله بوجه حلف موضوعي آخر بين عدوّين لدودَين آخرين متمثّلَين بالولايات المتحدة الاميركية والجمهورية الاسلامية في ايران على الرغم لما بين اطراف “الحلفين” ما صنعه الحداد من خلافاتٍ وعداء وتناقضات في العقائد والمصالح.