Search
Close this search box.

ليت جورج خباز يشارك بقداس الشهداء في معراب

khabbaz

لأن الصحافي يجب أن يضع إصبعه كالقديس توما ويتأكد ولا يعتمد على “القيل والقال”، أبيت التعليق على مسرحية “خيال صحرا” للمؤلف والممثل جورج خباز الذي أكنّ كل التقدير لبصماته الفنية المميزة. فكانت لي فرصة مشاهدتها في ٢٨/٨/٢٠٢٤.

لن اتوقّف عند القدرات التمثيلية لخباز وعادل كرم شريكه في البطولة ولا عند موهبة خباز في تطويع الكلمة بسلاسة وهضامة لخدمة فكرته، فهذه أمور مفروغ منها.

لكنني توقّفت عند وقوع خباز في فخ الصورة النمطية stereotype لمقاتلي الحرب التي يتعمّد بعضهم فبركتها وترويجها لحرف الأنظار عن مسببات الحرب الحقيقية وإدانة المسببين.

لقد إختار خباز شخصيتَي المسرحية قناصين مسيحي ومسلم في الحرب اللبنانية ولجأ بدوره الى لعبة ٦ و٦ مكرّر في تحديد مواصفاتهما اذ كانا فاشلين في حياتهما ويبحثان عن دور فعمدا الى حمل السلاح وطموحهما بعد الانتصار ان تتم مكافأتهما بقصور وحياة رغيدة. تحدث عن تأليههما الزعيم الذي لم يهتم لهما بعد الحرب. كما رسم مصيراً مشابهً لهما.

كل حرب بشعة مهما كانت دوافعها نبيلة وهي تحمل في طياتها صفحات مشرّفة وإنسانية وأخرى سوداء ومثقلة بالأخطاء والخطايا في آن. حكماً هناك من يشبه هاتين الشخصيتين في الحرب اللبنانية، لكن الإيحاء – ولو عن غير قصد – أنهما القاعدة هو جريمة، والمرور عَرضاً على الخطر الوجودي الذي شكّلته الممارسات الفلسطينية ومشروع الوطن البديل خطيئة أصلية.

خباز الذي عوّد اللبنانيين على المسرح الهادف، يقارب إشكالية الانخراط في الحرب بشكل معتور ومجتزأ وشعبوي متناسياً ان كثراً تركوا مستقبلهم وضحوا بحياتهم كي يبقى لبنان ولولا دمائهم ما بقينا. لو انهم تخاذلوا او تركوا “طريق القدس تمر بجونية” لما إستطاع خباز ان يعرض على مسرح كازينو لبنان عند خليج جونية. الامر ليس نكتة سمجة كما حاول تكراره في المسرحية متهكماً من مقولة “لو ما نحنا قاتلنا ما بقيتوا”.

الخطورة أن كثراً من الحضور لم يعيشوا الحرب ويثقون بنص خباز وسوف يكوّنون صورة مغلوطة عن ان رعاعاً فاشلين من قاتلوا وإن هدفهم مكاسب فردية او ترقٍ إجتماعي او إمتلاك فائض قوة جراء حمل السلاح وليس أكثر.

شاءت الصدف انه عند انتهاء العرض المسرحي التقيت زوجة شهيد ويا ليت خباز شعر بما تسبب لها من وجع شاركها به كثر من الحضور.

“العتب ع قد المحبة”، فكيف للممثل عادل كرم ان يرضى بلعب الدور من دون أي تعديل أو أقلّه تأكيد أن هناك ايضاً مقاتلين مثقفين ومتعلمين وناجحين في الحياة ضحوا بها دفاعاً عن الارض؟! فكرم إبن اشرفية البشير ويكفي فقط ان يتذكر إستشهاد الصيدلي ميشال بيرتي حاملاً بندقيته أمام صيدليته لمواجهة المحتل السوري.

أما المبدع جورج خباز، فيا ليتهم يوجّهون له دعوة للمشاركة في القداس لراحة أنفس شهداء المقاومة اللبنانية في معراب الأحد. كلنا ثقة انه بحضرة اهالي الشهداء ودموع العمر وخوابي الذكريات عن أحلام ابنائهم وبطولاتهم ورقي التزامهم وبحضرة مصابي حرب ومناضلين منذ ما قبل العام ١٩٧٥ وناجحين اليوم في الحياة، سيعي ماذا إقترفت يداه.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: