مركز رصد للدراسات الاستراتيجية والسياسية
تواجه حركة حماس تحولًا كبيرًا في بنيتها التنظيمية والسياسية وسط تحديات داخلية وخارجية متزايدة. من أبرز هذه التحولات تشكيل مجلس قيادي جديد مؤقت يتضمن قيادات بارزة، مثل رئيس مجلس الشورى محمد درويش، ورئيس الحركة في الخارج خالد مشعل، ونائب رئيس المكتب السياسي خليل الحية، ورئيس إقليم الضفة الغربية زاهر جبارين، وأمين سر الحركة نزار عوض الله. جاء هذا القرار كحل مؤقت بدلًا من تعيين رئيس جديد خلفًا ليحيى السنوار حتى موعد الانتخابات القادمة.
في هذا السياق، نشر “مركز رصد للدراسات السياسية والاستراتيجية” في لندن ورقة تقدير موقف هي الأولى عن هذا المجلس من أصل عدد من الأوراق التي ستصدر خلال الفترة المقبلة ، حيث بحثت الورقة تداعيات هذا التعيين وما يرافقه من انتقادات سياسية، وخصوصًا فيما يتعلق بتعيين زاهر جبارين. وتطرقت الورقة إلى التحديات التي يواجهها هذا القيادي، مشيرةً إلى أن شعبيته في الضفة الغربية تعاني بسبب الإخفاقات المتراكمة، خاصة منذ أحداث غزة في السابع من أكتوبر ٢٠٢٣ وعملية “طوفان الأقصى”.
الانتقادات الموجهة لحركة حماس
تناولت الورقة الانتقادات المتزايدة لحركة حماس، خاصة في ما يتعلق بتعيين جبارين في اللجنة القيادية. ترى الورقة أن حركة حماس، ومنذ سيطرتها على قطاع غزة، فشلت في تحقيق النجاحات المرجوة، إذ تتزايد الانتقادات بسبب الإخفاقات السياسية والاقتصادية التي أثّرت سلبًا على صورتها وسمعتها. يُعد جبارين جزءًا من هذه الإخفاقات، حيث لم يتمكن من تعزيز دور الحركة في الضفة الغربية أو تحقيق إنجازات ملموسة. هذه الانتقادات تنعكس على شعبيته، لاسيما بعد تزايد الخسائر البشرية بين قوات حماس في المواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي، ما أدى إلى حالة من الإحباط العام بين القاعدة الشعبية.
التحديات في الضفة الغربية
تناولت الورقة كذلك التحديات المستمرة في الضفة الغربية التي تُلقي بظلال من الفشل والإحباط على حركة حماس، خاصة بعد تداعيات السابع من أكتوبر ٢٠٢٣. تؤكد الورقة أن الضفة، تحت قيادة جبارين، لم تُحقق نجاحات ملموسة بل تراكمت الإخفاقات، بما في ذلك تزايد القمع من قبل قوات الاحتلال. وتشير إلى أن تعيين جبارين لم يساهم في تحسين الأوضاع، بل ربما زاد من تفاقمها.
ترى الورقة أن جبارين لم يتمكن من بلورة استراتيجية واضحة لحماس في الضفة الغربية، مما أدى إلى نقص في الدعم الشعبي. هذه الإخفاقات تكشف ضرورة وجود رؤية استراتيجية أشمل من مجرد تعيين قيادات ذات ثقل سياسي دون متابعة الأداء والنتائج.
مقارنة مع خالد مشعل
تناولت الورقة أيضًا حالة خالد مشعل، القيادي البارز في حماس والمنتمي إلى الضفة الغربية، ورأت أن انتماءه الجغرافي لم يعزز مصداقيته بشكل كافٍ أمام الجماهير. رغم أن مشعل قاد حماس في المحافل الدولية، إلا أن انتماءه لم يُترجم إلى نجاحات حقيقية على الأرض. هذا الوضع يعكس مشكلة أعمق في الحركة، حيث تُعتبر التحديات التي تواجهها مرتبطةً برؤية استراتيجية شاملة تتجاوز الأسماء والانتماءات.
التحديات المستقبلية
تشير الورقة إلى أن التحديات المستقبلية أمام زاهر جبارين وحركة حماس في الضفة الغربية متعددة الأبعاد. وتؤكد أن تحسين الوضع الراهن يتطلب خطوات جادة في مراجعة الاستراتيجيات وبناء قاعدة شعبية قوية، وتعزيز العلاقات مع الفلسطينيين وخاصة فئات الشباب والنساء، وهو ما يتطلب من جبارين وحماس اتخاذ قرارات جريئة لمواجهة التحديات القائمة.
الخلاصة
تخلص الورقة إلى أن تعيين زاهر جبارين في اللجنة القيادية لحركة حماس يثير العديد من التساؤلات حول فعالية القيادة، خاصة في ظل الإخفاقات المتزايدة في الضفة الغربية وصعوبة تحقيق إنجازات ملموسة. ترى الورقة أن هذه التحديات تؤدي إلى فقدان الثقة بين حركة حماس وقاعدتها الشعبية، ما يتطلب منها مراجعة شاملة لاستراتيجياتها وتقديم رؤية واضحة تعيد بناء الثقة وتثبت قدرتها على إدارة الأزمات.