ضربة قاضية يتعرض لها قطاع المقاولات بعدما سُدّت في وجهه كل السُبل والمداخيل المالية، وستكون مجحفة إذا ما طبّق الإقفال العام المرتقب.
منذ ظهور جائحة كورونا في العالم تباينت الإجراءات المتخذة لمكافحة هذا الوباء وتعددت في كافة الدول بين الاقفال الجزئي والكلي وبين استمرار النشاطات الاقتصادية مع الإيعاز بتطبيق أقصى قواعد السلامة الصحية المعروفة من قبل منظمة الصحة العالمية.
لبنان أيضا تمثّل بهذه البلدان وطبّـق إجراءات متعددة للإحاطة بهذا الوباء ومحاولة تقليص مفاعيله السلبية على المواطن وعلى القطاعات الاقتصادية عامة.
ولطالما كانت القرارات في بلدنا متأرجحة بين إقفال عام أحيانا” ومناطقي أحيانا” أخرى، مما استدعى كافة الهيئات الاقتصادية ومن ضمنها نقابتي المهندسين والمقاولين الى مناشدة المسؤولين في كل مرّة للتراجع عن قرارات الإقفال العام مقابل تطبيق صارم لقواعد السلامة العامة والخاصة الواجب إتباعها لاجتياز المرحلة بأقل أضرار.
لا يخفي على أحد ان بعض الدول التي تتمتع بقدرة اقتصادية عالية اتخذت اجراء الإقفال التام والطويل المدى، إلا ان التمثل بهذه الدول لا يطبق في لبنان إذا لم تلجأ الدولة، كما فعلت تلك الدول التي قررت الاقفال، الى اعطاء حوافز للقطاع الخاص ودعمه، إضافة الى تقديمات لكافة المواطنين على مختلف مستوياتهم لتأمين مستلزمات الصمود المادية والصحية لهم.
ان الاقفال التام في لبنان لن يكون مجديا” بل سيؤدي الى خسائر جسيمة للقطاعات الاقتصادية والى المزيد من التدهور المالي واقفال شركات ومزيد من البطالة…
في لبنان الدولة عاجزة عن تأمين أدنى مستلزمات سبل الصمود، خصوصا بعد انفجار مرفأ بيروت في ٤آب وفي حال توقفت أعمال التدعيم والترميم الجارية، ما يهدّد عشرات المباني بالانهيار وعشرات الألوف من العائلات بالتشرد، وهي حاليا” قيد الترميم من قبل جمعيات دولية ومحلية او بفضل مبادرات فردية.
لذلك نجد ان إجراءات الإقفال التام المرتقب اتخاذها من قبل الدولة هي غير مدروسة، لا بل مؤذية اجتماعيا واقتصاديا لكل القطاعات، لا سيما قطاع المقاولات حيث أنها ستحرم ما تبقى من الشركات والعاملين معها ومن خلالها من استكمال مشاريع اعادة البناء والترميم قبل بدء موسم الشتاء الذي بات قريبا، وتعرّض القطاع بأكمله لصعوبات جمة.
نعم لحلول تجمع بين حماية صحّة النّاس وتؤمّن صمودهم المعيشي والاقتصادي، وان الاهتمام بصحة المواطن واجب وضروري ولكن من يهتم بالاقتصاد الوطني وقطاعاته؟؟؟ فإن نتائج الاقفال التام كارثية.
ان النقابة تناشد الدولة اليوم بعدم إصدار قرارات بالإقفال الجزئي او الكلي، بل التشدد بتطبيق إجراءات قواعد السلامة والوقاية في الأماكن العامة والتجمعات وإنزال العقوبات بالمخالفين ، إضافة الى العمل على دعم المستشفيات الخاصة والحكومية وتسديد ما يتوجب اها لزيادة امكانياتهم الاستيعابية للحالات الحرجة وبالتالي زيادة فعالية القطاع الصحي.
ان قطاع المقاولات يعيش في حالة حرجة جدا منذ سنوات ويكفيه الضربات التي يتلقاها وهو ليس قادرا” على تحمل أي إجراء بالإقفال لا الجزئي ولا الكلي.