كي لا ينجح “الحزب” في تخييب آمال اللبنانيين بالعهد!

leb

“إذا أردنا أن نبني وطناً علينا أن نكون جميعاً تحت سقف القانون وتحت سقف القضاء حيث لا صيف ولا شتاء على سطح واحد بعد الآن، ولا مافيات أو بؤر أمنية ولا تهريب أو تبييض أموال أو تجارة مخدرات ولا تدخل في القضاء ولا تدخل في المخافر ولا حمايات أو محسوبيات ولا حصانات لمجرم أو فاسد أو مرتكب. العدل هو الفاصل وهو الحصانة الوحيدة بيد كل مواطن وهذا عهدي… عهدي أن أمارس دوري كقائد أعلى للقوات المسلّحة وكرئيس للمجلس الأعلى للدفاع بحيث اعمل من خلالهما على تأكيد حق الدولة في احتكار حمل السلاح. دولة تستثمر في جيشها ليضبط الحدود ويساهم في تثبيتها جنوباً وترسيمها شرقاً وشمالاً وبحراً ويمنع التهريب ويحارب الإرهاب ويحفظ وحدة الأراضي اللبنانية ويطبق القرارات الدولية ويحترم اتفاق الهدنة ويمنع الاعتداءات الاسرائيلية على الأراضي اللبنانية، جيش لديه عقيدة قتالية دفاعية يحمي الشعب ويخوض الحروب وفقاً لأحكام الدستور… عهدي أن أدعو الى مناقشة سياسة دفاعية متكاملة كجزء من استراتيجية أمن وطني على المستويات الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية بما يمكّن الدولة اللبنانية، أكرّر الدولة اللبنانية، من إزالة الاحتلال الإسرائيلي ورد عدوانه عن كافة الأراضي اللبنانية… وأن نتمسّك أيضاً بحق الدولة اللبنانية في ممارسة سلطتها على كافة الأراضي اللبنانية ومن ضمنها مخيّمات لجوء الاخوة الفلسطينيين والحفاظ على كرامتهم الانسانية”، رئيس الجمهورية اللبنانية جوزاف عون في 9 كانون الثاني 2025.

لم يكن التصفيق الحار الذي قابل به النواب والحاضرون من سفراء وملحقين وصحافيين، مقاربة العهد الجديد السيادية الاستقلالية، في خطاب القسم لرئيسَ الجمهورية اللبنانية جوزاف عون بمستغرب او بصادم او مفاجئ اذ انه يعكس آمال وتطلعات اللبنانيين وحلمهم بوطن سيّد حر مستقل وبدولة حازمة لامورها كافة بالامن والحماية والدفاع وبسط السيادة على كامل الـ10452 كيلومتر مربع من الاراضي اللبنانية مع “التأكيد والتوكيد” على حصرية الدولة وحدها لحمل السلاح، اما ما كان مستغرب وصادم ومفاجئ للحاضرين في قاعة البرلمان وللمتسمرين امام الشاشات ما شاهدوه من امتناع وامتعاض وخروج عن مشهدية الاجماع والتصفيق على البنود السيادية، لكتلة الوفاء للمقاومة المنتخبة للرئيس جوزاف عون والموافقة في 27 تشرين الثاني 2024 على أكثر مما ورد في خطاب القسم للرئيس، اذ اعتبر الامتناع عن التصفيق والامتعاض الظاهر على الوجوه مؤشراً على ما يضمره الحزب من استهداف للسيادة عبر الانقلاب على “المرحلة الجديدة تحت سقف الطائف والدولة والقرارات الدولية ذات الشأن السيادي النازع للسلاح” هذه “المرحلة” كانت قد وصّفت على السنة “الحزب” من امينه العام الى أصغر ناشط ومغرّد على صفحات التواصل الاجتماعي.

بعد مرور خمسة اشهر على خطاب الأمل بلبنان سيد حر مستقل، وبعد اكثر من مئة يوم على بيان حكومة نواف سلام المكمل للخطاب من ناحية “حصرية السلاح بيد الدولة” وبسط سلطتها وحدها بقواها الشرعية الرسمية على كامل الاراضي اللبنانية جنوب وشمال وشرق وغرب وفوق وتحت الليطاني، يعمد الحزب على ترجمة امتعاضه من المقاطع السيادية في خطاب القسم، كما يتعمّد تشويه وتزوير وتقسير احادي استنسابي لما ورد في البيان الوزاري من ناحية تسليم سلاحه وفقاً لاتفاق الطائف والقرارات الدولية واتفاق وقف اطلاق النار، وهذا مفهوم ومعلوم من اللبنانيين جميعا، لما تلحقه حقيقة مضامين السيادة وبسط الدولة من اثر سلبي حتمي قدري على دور ما تبقّى من المحور واطماعه في لبنان، والمفهوم والمعلوم والمنطقي والمبدئي ان يتوجس اللبنانيون والسياديون على وجه الخصوص من إحياء عظام “سيطرة حزب السلاح” وهي رميم منذ لحظة التوقيع على وقف اطلاق النار والقبول بتطبيق بنوده كافة،وحتى لحظة دفنها عبر اعطاء، الحزب الثقة للحكومة وفقا لبيانها الوزاري المؤكد على ما ورد أعلاه في خطاب القسم وعلى ما ورد قبله في بنود وقف اطلاق النار والقرارات الدولية واتفاق الطائف.

يتوجّس اللبنانيون والسياديون على وجه الخصوص مما يعتبرونه عن حق او عن خطا تباطؤ او تلكؤ او حتى تراجع من قبل سيد العهد او رئيس حكومته او الحكومة مجتمعة او بعضها عن مسؤولية وموجبات فرض السيادة والقانون والدستور وتطبيق القرارات والاتفاقات المحلية والاقليمية والدولية، يلاقي هذا التوجس المحلي شكوى عربية ودولية جامعة مجمعة على “السلاح اولا” قبل الولوج الى المساعدات واعادة الاعمار وبقية النقاط التي يضعها الحزب ومؤيدوه شروطا قبل تسليم ما هو مسلّم به بتسليمه اي السلاح بدءاً من جنوب الليطاني.

 صحيح ان هامش المناورة امام حزب السلاح يضيق أكثر واكثر امام الضغوطات العربية والدولية وشبه الاجماع اللبناني، ويكاد الهامش ينعدم تحت الضربات الاسرائيلية، بغطاء أميركي ورضى وتفهّم دوليين، التي ما تزال تطال الحزب عديداً وعتاداً جنوب الليطاني وشماله وصولاً الى قلب الضاحية الجنوبية مما قد يجرّ البلاد والعباد الى ما قبل السابع والعشرين من تشرين الثاني 2024، لكن الصحيح اكثر هو ان تحزم الدولة أمرها بان تقوم بما تعهدت هي به من حكومة ميقاتي مروراً بخطاب القسم وصولاً الى البيان الوزاري لحكومة تمام سلام وما تلاه من تصاريح وتاكيدات على لسان رئيس الجمهورية والحكومة والوزراء، ولو عرقل المعرقلون المتضررون الطبيعيون من حصرية السلاح بيد الدولة، ولو امتعض الممتعضون البديهيون من الالتفاف اللبناني والعربي الدولي حول الرئيس جوزاف عون وخطابه السيادي المعبّر عن انتصار ثقافة الحياة على ثقافة الموت والدمار والانهيار.

يستذكر اللبنانيون عامة والمسيحيون بشكل خاص، مستبعدين متخوّفين حتى الساعة تشبيه عهد جوزاف عون بعهد ميسال عون، “النوايا السيادية” العشرة التي أعلنت من الرابية في 2 حزيران 2015 بعد لقاء الدكتور سمير جعجع والعماد ميشال عون والتي عادت واعلنت من معراب في 18 كانون الثاني 2016 كمنطلق واساس لتبني القوات اللبنانية ترشيح عون لرئاسة الجمهورية حيث تعهّد هذا الأخير من مقر القوات اللبنانية بعد تلاوة جعجع للبنود: “كل ما أتى على ذكره رئيس القوات (البنود العشرة) لا شك أنه في ضميرنا وكتابنا ولن ننسى ما قاتلنا من أجله في سبيل سيادة هذا الوطن واستمراره ودوامه في التاريخ “ليعد ويتعهد المرشح في اليوم التالي: “بنود معراب ستكون جزءاً من خطاب القسم”.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: