✒️كتب وجدي العريضي
ولّدت مواقف رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل أضراراً بالغة على غير مستوى وصعيد بفعل ارتداداتها على الساحة الداخلية، فهو بدايةً فرمل التأليف وجعله في مهب الريح نتيجة لجوئه إلى مبدأ “أنا أو لا أحد” وبالتالي هو من يقرّر التحدّث باسم المسيحيين، وهذا ما سبق وأشار إليه أكثر من مرجع سياسي معتبرين أنّ باسيل يعمل على تعطيل التأليف باعتباره لم يهضم وصول الرئيس المكلف سعد الحريري إلى السراي مجدداً.
بينما اللافت في ما تطرق إليه من معقله في ميرنا الشالوحي، أنّه طالب مراراً، وهنا لب المشكلة، بتغيير النظام، وهذا بحدّ ذاته يسبّب أذى كبيراً للموارنة وللمسيحيين وللبنانيين بشكل عام، إذ يعيدنا إلى المطالبة بمؤتمر تأسيسي والمثالة، وهو يتناغم في هذا الموقف الذي أعلنه مع حزب الله، حيث هناك توزيع أدوار واضح لا لبس فيه بدا جلياً من خلال التناغم والتنسيق بينهما.
أما الأمر الآخر، فتمثل بفتحه النار على رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط على خلفية ملف المهجرين، ما يعيد التوتر وزعزعة الاستقرار إلى الجبل، نتيجة الحساسية بين الحزب الاشتراكي والتيار الوطني الحر حيث لم يكن في تاريخهما أي كيمياء بينهما.
وعلى خط موازٍ، فإنّ باسيل بدا بارعاً في محاولة كسب الشعبوية المسيحية، عندما أشار إلى أنّه يدرس إعادة النظر في “تفاهم مار مخايل”، وهذا الأمر “ضحك على الذقون” باعتبار أنّ هناك لقاءات واتصالات مكثفة بين باسيل وحزب الله وآخرها لقاء جمعه بالسيد حسن نصر الله وفقاً معلومات مؤكدة لموقع LebTalks، وإنّ السيد نصر الله ترك هامشاً واسعاً لباسيل في التحرك كما يشاء، أكان على مستوى تأليف الحكومة أو على الساحة المسيحية والأمور الوطنية بشكل عام.
أحد نواب “اللقاء الديمقراطي” قال لموقع LebTalks: ليس جديداً على جبران باسيل إثارة الأحقاد ونبش الماضي، وهذا هو تاريخه حيث يهدف إلى بناء شعبوية دون أن يعطي أي اعتبار لمصالحة الجبل والاستقرار السائد بين كل العائلات الروحية، وإنّ باسيل، باعتقادي، يكمل ما بدأه عمّه في العام 1989 عندما هجّر الغالبية من المسيحيين على خلفية حربَي التحرير والإلغاء، من خلال إثارة موضوع النظام السياسي، وهذه لعبة خطيرة دونها عقبات، متوقّعاً أياماً صعبة لأنّ من يحكم البلد اليوم هو جبران باسيل وليس الرئيس ميشال عون، وهو سيجرنا إلى الويلات لا سيما وأنّ هناك “قبة باط” له من حزب الله، وهذا ما بدا واضحاً في أكثر من محطة، لذلك نتوقع الأسوء ومن الطبيعي أنّ لبنان سيدفع أثماناً باهظة بفعل السياسات التي ينتهجها التيار الوطني الحر، وقد وصلنا إلى مرحلة، في ظل جائحة كورونا، تُنذر بإفلاس البلد، ليس فقط على صعيد الاقتصاد والمال، وإنّما في السياسة أيضاً، لأنّ من يدير اللعبة السياسية في قصر بعبدا إنّما هو باسيل ومجموعة من المستشارين، وهؤلاء ما جلبوا للبنان إلا الخراب والدمار، ومن يعش يرَ.
ويخلص النائب المذكور قائلاً: أرى أنّ مواقف باسيل إنّما هي شعبوية بالدرجة الأولى وهذا ما تعودنا عليه، وهو يلبي رغبة حزب الله في المطالبة بتغيير النظام، إضافةً إلى أنّه يفرض نفسه وما زال مصراً على أنّه الرئيس المقبل للجمهورية ومن يدير قصر بعبدا، وهذا ما تبدى بشكل واضح في حركته السياسية ومواقفه، أضف إلى أنّه يحاول تحسين شروطه في الحكومة العتيدة، وعلى هذه الخلفية كان قصفه على الرئيس سعد الحريري، وسؤالنا هنا: ماذا سيكون رد الحريري؟ هل يقبل بأن يتجاوب مع شروط باسيل؟ أم أنّه سيتجه نحو الاعتذار؟ وهذا ما نتمناه عليه لأنّ التعايش بين سعد الحريري والقصر الجمهوري وباسيل والتيار الوطني الحر دونه عقبات.