كما أن المقَاومات عبر التاريخ تُراكم النضالات بإنتظار اللحظة المؤاتية – والتي قد لا تأتي – كذلك الدكتاتوريات تُراكم الاخطاء وتسدّد فاتورتها في لحظة آتية لا محال، فيكون الثمن إنهياراً مدوياً. 7 آب 2001 صفحة مشرّفة في مسيرة نضال التيار السيادي ووصمة إجرام لعهد إميل لحود والطبقة السياسية التي شغّلتها دمشق وللنظام الامني اللبناني – السوري وللقضاء العضومي.
شكلت مصالحة الجبل التي تكرّست بزيارة البطريرك الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير واللقاء مع الزعيم الدرزي وليد جنبلاط في 3 و4 و5 آب 2001 والالتفاف الشعبي الذي رافقها وصيحات “آى ويلا سوريا طلعي برا” و”ما بدنا جيش بلبنان إلا الجيش اللبناني” على كوع الكحالة، النكسة الرابعة لمشروع المحتل الذي يرتكز في أحد أوجهه على سياسة “فرّق تسد” لإحكام قبضته على كافة المكونات. فكان انقضاد شبيحة النظام الامني اللبناني – السوري، وإن عبر تسخير عسكر شرعي محكوم على أمره، على مركزي طلاب “القوات اللبنانية” و”التيار العوني”، وكانت توقيفات همجية ترافقت مع إعتقالات في صفوف قياديين لدى الطرفين وحزب “الوطنيين الاحرار”. تَبِعَ ذلك في 9 آب واقعة “الرناجر” أمام قصر العدل حيث عمدت عناصر عسكرية بلباس مدني الى فرط التجمع الشبابي السلمي القواتي – العوني بالقوة تحت أعين لحود الذي إجتاحت صوره الجدران في المكان كأنه إمضاء على فعلته وكان أحد المخططين الاساسيين لهذا التجمع المهندس الشهيد رمزي عيراني.
هذه النكسة لم تكن سوى تتمة للنكسة الثالثة للاحتلال وأدواته التي تلقاها جراء نداء ايلول 2000 للمطارنة الموارنة الذي شكّل منعطفاً أساسياً في النضال السيادي والذي راح يكبر ككرة ثلج من ولادة لقاء قرنة شهوان الى مواقف الزعيم الدرزي وليد جنبلاط المنادي بخروج الجيش السوري تنفيذاً لإتفاق الطائف.
فالنكسة الاولى كانت في أيار 1997 مع زيارة قداسة البابا يوحنا بولس الثاني، يوم خرجت جماهير “القوات اللبنانية” و”التيار العوني” الى العلن متحدية الحظر والاضطهاد ومسقطة نظيرة الاحتلال وادواته بأنهم نجحوا بالقضاء على هذا الثنائي.
أما النكسة الثانية، فكانت في الانتخابات البلدية والاختيارية عام حزيران 1998 حيث نجح الثنائي بفرض حضوره والفوز على مساحة الوطن، ما أقلق المحتل وملحقاته خصوصاً من تعاظم الحجم القواتي. فكان إنفجار مار مارون – الدورة بعد أيام وإغتيال القواتيين نعمة زيادة وجورج ديب وحملة إستدعاءات وتوقيفات بدءاً من السيدة ستريدا جعجع الى آخر قواتي ناشط.
نضالات تراكمت ونكسات تضاعفت الى أن نجح “التيار السيادي” ومن إلتحق بركبه بإخراج الجيش السوري من لبنان في 26 نيسان 2005. بعدها لألف سبب وسبب، لم يحاكم او حتى يحاسب أقلّه معنوياً من كانوا أدوات هذا الاحتلال وهذا يعتبر نكسة سيادية.
لكن النكبة حين إنتهى العونيون حلفاء لسفاحي “7 آب” وإنقلابيين في أكثر من محطة على مصالحة الجبل ومدعي إحتكار بطولة “7 آب” زوراً.
النكبة حين يتحالف العونيون مع لحود او مع جميل السيد كما في الانتخابات النيابية الاخيرة والسيد يتباهى في كل 7 آب أنه كان يقوم بواجبه القومي.
النكبة ما نشهده من قبل من تبقى من عونيين في الاعتماد على احكام القضاء العضومي للتصويب على “القوات” ورئيسها سمير جعجع.
إنها نكبة بنظر كثر لكنها جواب على تساؤلات خالجت بعض السياديين عن كيف سُمح للعونيين بعد “7 آب” بإعادة فتح مقرهم الطالبي ومنع القواتيين من ذلك؟! تساؤلات عن طبيعة التوقيفات “الملطفة” للعونيين مقابل “الكهرباء” و”البلنكو” و”الفروج” وكل أنواع التعذيب التي تعرض لها القواتيون وقافلة من الشهداء قدمتها “القوات” بوجه النظام الامني الذي لم يستشرس بوجه العونيين يوماً. إنها “نكبة أخلاقيات نضالية” مني بها العونيون.