لا يزال الغموض يكتنفُ التفاهم أو التسوية التي يقودها رئيس مجلس النواب نبيه برّي بتفويض من حزب الله، مع الموفد الأميركي آموس هوكستين، وقد قطعت كل التأويلات والاستنتاجات زيارة الأخير لمعراب، ولقاءه برئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، ما يؤكد المؤكد بأن هذه الزيارة غيّرت الكثير من المواقف، وكان لها دلالتها على غير مستوى وصعيد في هذا التوقيت بالذات، بعدما أطلع هوكستين جعجع على تفاصيل وحيثيات الإتفاق، بمعنى أنها تحملُ مؤشراً أساسياً لما يمثّله جعجع على الصعيد المسيحي والوطني، ولهذه الغاية، فالزيارة كانت الحدث.
أما ماذا عن التفاهم والتسوية؟ تشيرُ المعلومات إلى أنه خلال الثماني والاربعين ساعة المقبلة ستظهر معالمها، والأبرز لقاء هوكستين مع المسؤولين الإسرائيليين، الذي يتناغم ويترافق مع بدء العملية البرّية، وإن لم تكن موسّعة إنما تحمل الكثير من المؤشرات.
وبالعودة إلى الاتفاق، فالبعض يخشى من ملاحق سرّية، ونعود إلى اتفاق 17 أيار واتفاق القاهرة وكل الاتفاقات التي حصلت وتم إلغاؤها في المجلس النيابي، وبمعنى آخر، تغييب وتهميش شريحة كبيرة من اللبنانيين حول كل ما يجري بالتفاوض، ما يشكّلُ منحدراً لا بل يعيدنا إلى حقبات الماضي، عندما كان يتمُّ التفاوض مع الفلسطينيين وبعدها مع الإسرائيليين خلال اجتياح 1982، وصولاً إلى عهد الوصاية وفي كل المراحل والمحطات التي تلتها، لذا فالتسوية لا تزال موضع ترقّبٍ وانتظار ويكتنفها المزيد من الغموض، وعَودٌ على بدء فما سيُقدم عليه هوكشتاين في الأيام المقبلة، هو انتظار ما سيقوله الإسرائيلي له بعد اللقاءات الواسعة التي أجراها الموفد الأميركي في لبنان، ليُبنى على الشيء مقتضاه، لكن وفق المؤشرات والمعلومات والمعطيات المستقاة من جهات ديبلوماسية غربية وعربية، فالحرب مستمرة وليس هناك ما يشي بأنها ستتوقّفُ اليوم أو غداً.