أحمد الحريري: كنا نأمل أن يعيد الحلبي حق أمل شعبان

لطالما تحاشيت إبداء الرأي حول المواقف الجامحة والنابعة عن مصالح شخصية وحسابات ضيقة لبعض قياديي "تيار المستقبل" والتي تصب الزيت على نار عند اقل إحتكاك بين قادة "14 آذار". فأنا من جهة أعتبر أن روحية "14 آذار" أبعد من أشخاص وإطار وزمان ومكان، إنها روحية منبثقة من الوجدان السيادي وعن مسيرة نضالية تراكمية ضد النظام الامني اللبناني – السوري كنت فرداً في صفوفها بدءاً من عملي الطالبي في تسعينيات القرن الماضي، ومن جهة أخرى عاهدت نفسي أن أبقى وفياً ما حييت للإختبار الانساني الجميل الذي عشته في قناة "المستقبل". لقد كان لعملي كـمسؤول عن إعداد نشرات الاخبار news producer في الشاشة الزرقاء بين عامي 2012 و2017 مكسب أهم من المردود المادي والمهني وهو تلك التجربة الصادقة والواعدة عن التعددية اللبنانية. في قناة "المستقبل"، كان هناك السني والشيعي والدرزي والعلوي والمسيحي... كان هناك البيروتي والصيداوي والطرابلسي والبعلبكي والكسرواني والبتروني و... كان هناك الى جانب المستقبلي اليساري على إختلاف تلاوينه والاشتراكي والقواتي وحتى العوني وكثر من مؤيدي "8 آذار"... كان هناك المؤمن والملتزم والملحد... كان هناك ذاك اللبنان بفرادته. في قناة "المستقبل"، حيث بطبيعة الحال إلتزمت بمهنيتي وبسياسة المحطة، عشت حرية شخصية في إبداء الرأي السياسي والقناعة لم أعهد مداها في مؤسسات أخرى عملت بها. ففي عز الاختلاف السياسي بين "المستقبل" وبيئتي، لم اسمع اي همسة تجاهي أو ذبذبة... في قناة "المستقبل"، تعرفت على الشق المختلف في الآخر بلا تزلّف ولا تزمّت. عشت معه رمضانه والافطار اليومي وعاش معي الاجواء الميلادية حيث الشجرة والزينة كانت حاضرة والـ Secret Santa. انه إختبار إجتماعي وصداقة لا تكاذب إذ ليس المطلوب إغراق العلاقات الانسانية بالطابع الفقهي أو اللاهوتي. هناك، تعرفت بعيداً عن اي أحكام مسبقة أو إسقاطات على "تيار المستقبل" وجمهوره الذي لطالما تباهى أنه عابر للطوائف... هناك، في وجوه لينا دوغان ومنير الحافي وغيدا مجذوب وكثر كثر من الزملاء الاعزاء - الذين عملنا معاً لبضع سنوات ولكن كسبتهم اصدقاء احباء لمدى العمر – تعرفت على حلم رفيق الحريري... لكن ما هالني اليوم، هو تغريدات الأمين العام لـ "تيار المستقبل" أحمد الحريري التويترية التي تهشم صورة "تيار المستقبل" التي خبرتها وتقوقعه في شرنقة طائفية تفقده علّة وجوده. تغريدات قد لا تكون يتيمة لكنها بدأت تشكل خطراً وجودياً على نظرتنا نحن ألا مستقبليين للتيار. إستفزه قول رئيس حزب "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع أن "الاكثرية السنية هم حلفاؤنا بطبيعة الحال على المستوى الشعبي لا القيادي، وكل من لديه نفس طروحاتنا سيكون هناك انسجاماً معه". إستفزه عدم تكاذب جعجع في توصيفه للعلاقة المستدامة بين جمهوري الطرفين بحكم النفس السيادي الذي يجمعهما والعلاقة شبه المقطوعة بين القيادتين. الأصح لم يستفزه الموقف بل شكّل بالنسبة له "شحمة على فطيرة" ليستغله بهدف حرف الانظار عن الضبابية التي يمرّ بها "التيار" او ما يفضّل ربما ان يسميه "غموض بناء" عشية الاستحقاق الانتخابي أو ربما تمهيداً لتسويقه لتحالفات لا تشبه هاجس جمهوره بل تعيده الى زمن "ربط النزاع" فيما البلاد تنازع. يعتبر الحريري أحمد أن فصل جعجع بين الاكثرية السنية وبين قيادتها السياسية، "المقصود منه حتماً تيار المستقبل وقيادته، الا اذا كان الدكتور سمير جعجع يعتبر أن بعض الفتات السياسي الذي يغازل معراب بات يشكل اكثرية يعتد بها، وفي الامكان تجييرها بالجملة او المفرق كي تصبح تحت خيمة القوات". وتوجه بـ "نصيحة من حليف سابق إلى الحكيم"، مفادها: "إلعب في ملعبك كما تشاء وعش الاحلام التي تتمناها .. لكن اترك الاكثرية السنية بحالها وتوقف عن سياسة شق الصفوف بينها وبين قيادتها السياسية .. النصيحة كانت بجمل لكنها اليوم ببلاش!". وكأن به يقول "ما تدعوس ببقدونساتي"!!! وكأنه يصرّ على قوقعة "تيار المستقبل" في قمقم مذهبي وهو الذي لطالما تباهى بأنه عابر للطوائف!!! بكل اسف، يبدو أن هذا الموقف تجسيد للقلق الكبير الذي يعتمر احمد الحريري بشأن واقع العلاقة بين القاعدة والقيادة وتحديداً إن آلت اليه في حال إعتكاف الرئيس سعد الحريري. للأسف يعمد الى تقسيم لبنان الى ملاعب ومحميات، فهل هناك من عاب عليه إمتلاك وزراء ونواب مسيحيين؟!! هل هناك من عاب عليه جمعه النواب فريد مكاري وبطرس حرب وهادي حبيش ورئيس حركة الاستقلال ميشال معوض وغيرهم من المسيحيين في بوطقة للتصدي لطرح الاكثرية المسيحية القانون الارثوذكسي والذي إشترط جعجع للسير به موافقة حلفائه من باقي الطوائف؟!! حتى "حزب الله" لم يعب على "القوات اللبنانية" التواصل مع القواعد الشيعية في بعلبك – الهرمل وتشكيله مع "المستقبل" يومها لائحة في انتخابات 2018 في بعلبك – الهرمل. التجربة خير من ينصح، وهي أثبتت عبر السنين ان لا الإغراءات ولا الإضطهاد والإعتقالات ولا الإغتيالات قد تفصل قاعدة عن قيادتها متى كانت الاخيرة إنعكاساً لهواجس وآلام وأحلام الاولى.

كتب الأمين العام ل”تيار المستقبل” أحمد الحريري على منصة “أكس” الآتي:

“كنا نظن أن معالي وزير التربية سيعمل على استعادة حق أمل شعبان ممن تآمروا عليها، ولم نتوقع للحظة أن من أشاد بها وبنظافة كفها، قد يتحول إلى قاضي وراضي، بالمزيد من التآمر عليها، خدمةً لمن يريد النيل منها، إذا ما وقّعَ قرار إقصائها من موقعها، كما وصلنا من أروقة الوزارة.

نأمل أن لا يخيب ظننا بمعالي القاضي، وأن يبقى كما عهدناه قاضياً بالحق وللحق، كي لا تكون “رسالة ظلم” يُبنى عليها الكثير! “..

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: