بدأت الاستعدادات للاستشارات النيابية الملزمة، والتي من المتوقع ان تحدد يوم الخميس المقبل، بعد ان تسلمت دوائر القصر الجمهوري لائحة بتوزيع النواب على الكتل.
ولعل المفارقة التي تبرز عشية الانخراط السياسي والنيابي في الاستحقاق الحكومي تتمثل في التضارب الحاد الذي تبدو معالمه واضحة حيال مواقف القوى والكتل المختلفة من طبيعة الحكومة العتيدة، وهل تكون حكومة انتقالية الى نهاية العهد ام حكومة تستبطن احتمال حصول فراغ رئاسي بعد مغادرة عون لقصر بعبدا وتاليا حكومة سياسية من مختلف الاتجاهات السياسية، ام تكون حكومة اختصاصيين متلونين بالولاء السياسي اقرب الى حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الحالية التي تصرف الاعمال، وهل يجدد تكليف ميقاتي وباي أكثرية وباي معادلة، ام ان ثمة كباشا حادا سينشأ حول الأسماء البديلة المحتملة من ميقاتي سواء من نادي الأسماء النيابية السنية المنتخبة ام من خارج المجلس.
الواقع ان مجمل هذه الصورة المعقدة ارتسمت في الساعات الأخيرة في خلفية حركة الكواليس السياسية والنيابية انطلاقا من نقاشات لم تصل بعد الى أي نتائج حاسمة في شأن إعادة تكليف ميقاتي تشكيل الحكومة العتيدة الأولى بعد الانتخابات النيابية او الذهاب الى بلورة شخصية سنية بديلة. واذا صح ان معظم مكونات قوى 8 اذار تلوح بإمكان تكرار تجربة “خرق” الأكثرية المنتخبة مجددا بإعادة تكليف ميقاتي مجددا بغالبية الـ 65 صوتا التي جمعت لاعادة انتخاب الرئيس نبيه بري، فان معطيات أخرى بدأت تتسرب لاحقا ومفادها انه من غير الثابت بعد ان كل قوى 8 اذار سلمت بهذا الخيار، كما ان ميقاتي لا يبدي حماسة لكي يعود بصورة مرشح تحالف 8 اذار وحده مع ما يعنيه ذلك من محاذير، كما ان القوى الأخرى في الكتل السيادية والتغييرية لم تطلق بعد أي إشارة لا سلبا ولا إيجابا حيال خيار ميقاتي او بدائله ولو كان خيار ميقاتي متقدما. وتبعا لذلك سيكون متوقعا ان تتصاعد حرارة الاستحقاق الحكومي في مطلع الأسبوع المقبل مترافقا مع جلسة مجلس النواب لانتخاب اللجان النيابية الثلثاء المقبل .
جولة المشاورات غير الرسمية الجارية بين الحلفاء وبينهم وبين الآخرين تشير إلى الآتي:أولاً، يوجد ميل أكيد لدى الرئيس بري وكتلة النائب السابق وليد جنبلاط والتيار القريب من الحريري لإعادة التجديد للرئيس ميقاتي، حتى أن أحدهم نقل عن مرجع معني عدم معارضة تعويم الحكومة الحالية مع تعديلات طفيفة. بينما يميل التيار الوطني الحر إلى تسمية رئيس جديد للحكومة على قاعدة أن الحكومة الحالية لم تنجح في تحقيق أمور استثنائية . ويقول خصوم التيار إن النائب جبران باسيل يدعم وصول رئيس جديد للحكومة يحاكي نتائج الانتخابات ويكون قادراً على اتخاذ قرارات أساسية تتعلق بالوضع المالي ودور مصرف لبنان إلى جانب ملفي الكهرباء والاتفاق مع صندوق النقد الوطني.ثانياً، إن جميع هذه القوى تحاول الوقوف على رأي الجهات الخارجية المعنية، خصوصاً الجانب الفرنسي الذي أطلق حملة اتصالات مع القوى البارزة في البلاد غداة الانتخابات النيابية. ويكشف مصدر ديبلوماسي عربي لـ«الأخبار» أن الفرنسيين وسعوا دائرة مشاوراتهم لتشمل الأميركيين والسعوديين أيضاً، وأن هناك تبدلاً أولياً في موقف الرياض يجعلها تنتقل من مربع عدم الاهتمام بالملف اللبناني إلى عدم ممانعة المساعدة على دعم حكومة تعكس الواقع السياسي في لبنان. لكن المصدر ينفي أن تكون السعودية تفضل التورط في تسمية مرشح معين.
وقالت مصادر واسعة الاطلاع لـ”الجمهورية” ان رئيس الجمهورية لن يوجّه الدعوة الى هذه الاستشارات قبل انتخاب رؤساء ومقرري اللجان النيابية في الجلسة النيابية المنتظرة الثلاثاء المقبل، وربما سينتظر حصيلة المشاورات التي انطلقت في شأن المرشحين السنة للمهمة لبيان هوية الاشخاص الذين يمكن ان تُطرح اسماءهم.
ولذلك، فإنّ الحديث عن مجموعة من الأسماء المتداَول بها لا تعدو كونها شائعات، وربما نتيجة ما يرغب به البعض من الكتل النيابية كما المرشحين المحتملين أنفسهم. وحتى الأمس لم يحدد اي طرف بعد مرشّحه لمهمة التأليف، وإن دُعي النواب الى الاستشارات في خلال ايام القليلة المقبلة فقد يتعذّر على عدد كبير منهم تسمية مرشحه للموقع.