دخل المشهد السياسي الداخلي مجددا في مستنقع الجمود والركود والشلل السياسي والمؤسساتي بالكامل بانتظار الزيارة الثانية للموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان للبنان.
وكشفت معطيات متوافرة لـ"النهار" ان فترة الانتظار لعودة لودريان الى لبنان في الفصل الثاني من مهمته ستمتد الى ما بين منتصف تموز المقبل والعشرين منه من دون أوهام لدى جهات عديدة في ان تحمل الجولة الثانية معطيات اكثر تفاؤلا نظرا الى ان الموفد الفرنسي لمس بدقة التعقيدات الضخمة التي ستواجهها بلاده في طرح أي مبادرة جديدة نظرا الى عوامل كثيرة من ابرزها فقدان فرنسا نفسها لمقومات الاضطلاع بوساطة فاعلة ومؤثرة بما لا يبقي هامشا واسعا امام حظوظ نجاح مهمة لودريان. ومن المتوقع ان يلتقي لودريان في الأيام القليلة المقبلة في باريس المرشح الرئاسي جهاد ازعور بناء على اتفاق سابق.
وكان أزعور في أثناء وجود لودريان في بيروت، تلقى اتصالاً من السفيرة الفرنسية آن غريو لترتيب اللقاء مع المبعوث الرئاسي.
وأشارت مصادر «البناء» إلى أهمية الجولة الأولى للموفد الفرنسي، حيث رمت الكرة في ملعب من يرفض التسوية من دون تقديم بدائل، على أن يعود لودريان الى لبنان لأخذ الأجوبة على الأسئلة التي وجهها للأطراف السياسية، وبعدها سيدعو ممثلين عنهم إلى حوار قد يكون في فرنسا أو في دولة عربية مثل السعودية أو قطر، ومن يرفض الحوار ستحمله فرنسا مسؤولية تعطيل الانتخابات الرئاسية وتفاقم الأزمة.كما علمت «البناء» أن لودريان سيغادر الى السعودية للقاء المسؤولين عن الملف اللبناني في المملكة لاستكمال التشاور بين «خلية الأزمة» السعودية – الفرنسية على أن يناقش مع الإدارة الفرنسية حصيلة لقاءاته في لبنان والسعودية لكي يعود إلى بيروت مزوداً بالتوجيهات للمرحلة المقبلة.وتشير مصادر مواكبة للحراك الفرنسي لـ»البناء» إلى أن جوهر المبادرة الفرنسية هو تسوية بين رئيس الجمهورية لفريق المقاومة ورئيس حكومة للفريق الآخر، والتفاهم رئيس حكومة وحكومة والوزارات الأساسيّة والتعيينات في المواقع العليا كحاكم مصرف لبنان وقائد الجيش ورئيس مجلس القضاء الأعلى وعلى خريطة إنقاذية في المرحلة المقبلة.وإذ كشفت مصادر في الفريق الداعم للوزير السابق جهاد أزعور لـ»البناء» أن فريق «التقاطعات» سقط ولم يبق منه إلا القوات اللبنانية والكتائب بعد تراجع الحزب التقدمي الاشتراكي وقوى التغيير عن دعم أزعور، ويجري البحث بين نواب التغيير عن مرشح آخر.وجدّدت مصادر في التيار الوطني الحر لـ»البناء» رفضها السير بفرنجية، مؤكدة الانفتاح على كافة الخيارات الأخرى والحوار مع كافة الأطراف وخصوصاً مع حزب الله، داعية الجميع لحوار على مرشح توافقي يحظى بتغطية مسيحية واسعة وبدعم أغلبية مجلس النواب ويملك رؤية إصلاحية وعلاقات خارجية.
ولفتت اوساط مطلعة، ان احد المؤشرات المنتظرة يتعلق بالموقف الاميركي، الذي لن يبقى في دائرة «السلبية» طويلا، لان الاشهر القليلة المقبلة ستكون مهمة للغاية اميركيا. وثمة رهان في باريس على انخراطها جديا في التسوية من خلال حشرها في زاوية استحقاقات تهمها، فهي ستكون مستعجلة لانجاز الاستحقاق الرئاسي وانتخاب رئيس سريعا قبل نهاية الصيف، خشية تمدد الفراغ الى المناصب المالية والامنية والعسكرية والقضائية، وهي معنية بالتفاوض على حاكم المركزي وقائد الجيش، وهذا له في المقابل اثمان. فهل ستكون الادارة الاميركية جاهزة لدفعه؟ وهل ستكون مستعدة لاجراء «المقايضة»؟