في الاجتماع الرابع تبدّدت الأجواء الإيجابية بقرب ولادة الحكومة وسيطرت الضبابية على المشهد الحكومي، فبعد اجتماع لم يدم أكثر من 25 دقيقة خرج الرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي بتصريح أوحى بأنّ الأمور أقرب إلى السلبية وأشبه بنصف اعتذار، على أن تكون الأيام المقبلة حاسمة بحسب ما قالت مصادر مطلعة فإما حكومة أو ندخل في مفترق لا أحد يعرف إلى أين يقودنا في ظلّ الأحداث الأمنية المفاجئة التي استجدّت في خلدة وتلك المنتظرة في ذكرى تفجير مرفأ بيروت.
لقاء غير ايجابي
وافادت بعض المعلومات من مصادر مقربة لبعبدا “ان هناك نية لدى الطرفين واستعداداً لتشكيل حكومة على امل ان يدور ميقاتي الزوايا ولاسيما في ما خص حقيبتي الداخلية والعدل كي لا تقع مرافق عامة بيد طائفة واحدة”، فيما ذكرت مصادر اخرى ان الجو بين الرئيسين كان متشنجاً ولم يحصل اي توافق ما يؤخر تشكيل الحكومة ربما الى فترة اطول من المتوقع، لذلك فالرئيس ميقاتي يضع مهلة 10 ايام لاتخاذ القرار بشأن التشكيل. وهو تواصل مع الفرنسيين في الايام الماضية وابلغهم بوجود عُقّدٍ حكومية.
وكشفت مصادر متابعة ان مسار تشكيل الحكومة، شهد تباينا واضحا بين الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية الذي يصر على اعتماد مبدأ المداورة في الحقائب الوزارية الاربعة الداخلية، والخارجية والمالية والدفاع، في التشكيلة الوزارية المرتقبة، بينما يرفض ميقاتي التجاوب مع مطلب عون هذا، ويفضل الاستمرار باعتماد صيغة الوزارة المستقيلة.
في المقابل، لفتت مصادر متابعة إلى أن “تمسك بعض الأطراف بحقائب وزارية محددة يتناقض مع المبادرة الفرنسية التي اتفق عليها كل الأطراف، والتي تدعو في إحدى أبرز نقاطها إلى اعتماد المداورة الشاملة التي تشكل حلاً طبيعياً للإشكالية القائمة حول تأخير ولادة الحكومة نتيجة التمسك بحقائب معينة”. وسألت: “لماذا يفترض البعض أن ما لن يُعط للحريري سيُعطى لميقاتي في حال كان قد حاء الشروط نفسها؟”.
الاّ أن مصادر مطلعة على أجواء التأليف أكدت لـ”الأخبار” أن الطريق “ليس مسدوداً تماماً”، مشيرة الى أن “هذه ليست طبيعة الرئيس نجيب ميقاتي، كما أن أحداً ليس في وارد إطلاق مشكلة سياسية في البلد عشية ذكرى تفجير الرابع من آب، وما يكتنفها من مخاوف استغلال البعض لها للانزلاق بالبلد إلى مهوار أمني لا يريده أحد في الداخل”.
قالت مصادر أخرى: “حرام أن نقول من الآن أن لا حكومة، فهذا سيئ بحق البلد. لقد أعطى ميقاتي لنفسه مهلة أسبوع، فلننتظر ونرَ”، في حين يؤكد مقربون من ميقاتي أن”خطوة واحدة من شأنها أن تفتح الباب للحكومة، وخطوة من شأنها أن توصده نهائياً. وليس من المنطقي الآن القول إن الأمور انتهت”.
مصادر كتلة التنمية والتحرير لفتت لـ “البناء” إلى أن “الأيام القادمة مفصلية لتحديد التوجهات النهائية لملف تشكيل الحكومة وما ستنتهي اليه اللقاءات وما ستسفر عنه الاتصالات والمشاورات التي تسير على أكثر من خط وقناة لبلورة تفاهم مشترك لهيكلية حكومة الانقاذ والتي حدّدت ملامحها مبادرة الرئيس نبيه بري تأكيداً على المبادرة الفرنسية، لأنّ دقة المرحلة تتطلب الإسراع بوجود حكومة قادرة على مواكبة كلّ متطلبات عملية الإنقاذ شكلاً ومضموناً”. وفضلت المصادر إبقاء القديم على قدمه لجهة التركيبة والتوزيعة الوزارية والطائفية للحكومة الماضية الماضية. ورسمت علامات استفهام حول نوايا البعض حيال تأليف الحكومة انطلاقاً من تصريح بعض المقربين من بعبدا تجاه الرئيس ميقاتي.
فرنسا ومؤتمر الدعم
وسط هذه المناخات، نقلت “النهار” عن مصدر رئاسي فرنسي انه “يجب ان نأمل بان يؤلف الرئيس نجيب ميقاتي حكومة في اقرب وقت ممكن، واعتبر ان السبيل الوحيد للخروج من الازمة هو تشكيل حكومة والمباشرة بالقيام بالاصلاحات الضرورية وإعادة فتح المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.
واشارت مصادر في قصر الاليزيه الى ان الرئيس ايمانويل ماكرون سيترأس ظهر غدا مؤتمرا دوليا ثالثا، لدعم الشعب اللبناني. وقالت انه بعد مرور عام على انفجار المرفأ تفاقم الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي كان متدهوراً، ولا يزال السكان الذين يعيشون في لبنان يواجهون العديد من الحاجات الانسانية الملحة. لذلك سيكون الهدف من مؤتمر الدعم الثالث تحديد الحاجات الجديدة للسكان والتأكد من دقة الية توجيه وتوزيع المساعدات وفعاليتها وشفافيتها، وتسريع جهود التضامن الدولي لصالح الفئات الضعيفة من السكان. لذلك تواصل فرنسا العمل على دعم السكان وحشد التضامن الدولي لتلبية هذه الحاجات الاساسية على الفور من خلال هذا المؤتمر الذي حددت الامم المتحدة قيمة المساعدات الدولية الملحة عبره بـ 557 مليون دولار اميركي.
واشار المصدر الى ان قيمة المساعدات الفرنسية ستتخطى ما حصل عليه لبنان العام الماضي وان هذه المساعدات ستوجه الى الصحة واعادة تجهيز المرفأ ودعم التراث الوطني والثقافة والصحة الغذائية.
كما سيرسل المؤتمر رسالة سياسية الى السياسيين في ظل عدم احترام التزاماتهم تشكيل حكومة ومطالبتهم بالقيام بذلك على وجه السرعة ووضع المسؤولين امام مسؤوليتهم لان المجتمع الدولي ينتظر هذه الحكومة.