يسيطر الشلل السياسي على المشهد السياسي الحكومي، ولم تبرز معه أي حركة لليوم الثالث على التوالي بعد اصطدام التحركات الأخيرة بعودة التوتر الحاد بين قصر بعبدا وبيت الوسط. في هذا السياق تفيد معطيات “النهار” ان كلّ التقديرات السياسية التي تشير إلى توجّه لدى الرئيس المكلّف سعد الحريري للاعتذار هي سابقة لأوانها، ولا تعبّر عن حقيقة التوجّهات على جدول أعمال الحريري الذي سيستمرّ في دراسة كلّ الخيارات المتاحة في ظلّ عدم تحقيق أي تقدّم في الملف الحكوميّ، وفي مقدّمها الاستمرار في التكليف الذي يشكّل حتى الساعة العنوان الأوّل في توجّهات “بيت الوسط”. ويتشبّث الحريري بحسب هذه المعطيات بمسألتين رئيسيّتين في هذه المرحلة. المسألة الأولى تتمثل في تمسّكه بضرورة التوصل إلى تأليف حكومة وفق الأصول الدستورية بالتوافق مع رئيس الجمهورية. وتكمن المسألة الثانية في اتفاق كان عقده مع رئيس مجلس النواب نبيه بري حول عناوين مبادرته. وتشير مصادر “بيت الوسط” إلى أن بري كان يفترض أن يتلقى أجوبة من رئيس الجمهورية حول مبادرته، لكن يبدو أن الأخير فوّض صلاحياته لرئيس “التيار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل. وقد طرح بري مقترح تشكيل حكومة من 24 وزيراً على قاعدة 3 ثمانات من دون إعطاء ثلث معطّل لأحد. وتوافق مع الحريري على عنوانين اثنين: زيادة عدد الوزراء إلى 24 من جهة، وإعادة توزيع الحقائب من جهة ثانية. ويتمسّك الحريري بتسمية كلّ الوزراء في الحكومة، بما في ذلك الاسماء المحسوبة على رئيس الجمهورية، والتي يريد أن يختارها بالتشاور معه.
وفي الطريق لانضاج القرار، يُشارك الرئيس المكلف سعد الحريري في اجتماع المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى في دار الفتوى.
وحسب معلومات “اللواء” فإن الرئيس الحريري سيضع المجتمعين في أجواء تكليفه برئاسة الحكومة، والاجتماعات التي عقدت في بعبدا مع الرئيس ميشال عون، والتشكيلة التي قدمها بعد أسبوع من تكليفه، وتجاوبه مع مبادرة الرئيس نبيه برّي لحكومة من 24 وزيراً، واستمرار العرقلة من فريق بعبدا لا سيما النائب جبران باسيل.
مبادرة بري والحائط المسدود
وسط هذه الأجواء، أكدت مصادر مواكبة لمسار مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري أنها وصلت أمام “حائط مسدود وباتت تحتاج إلى معجزة لإحداث أي خرق إيجابي في عملية التأليف على وقع احتدام معركة الشروط والشروط المضادة بين ضفة الرئاسة الأولى و”التيار الوطني الحر” من جهة، والرئيس المكلف سعد الحريري من جهة مقابلة”.
وعليه، كرت مصادر متابعة لـ”اللواء” ان الامور اتجهت الى السلبية بعد لقاءات البياضة بين الخليلين والنائب جبران باسيل، حيث جرى تواصل بين الحريري والخليلين ابلغهما خلاله ما معناه “انه لا يرضى ان يتفاوض احد بالنيابة عنه مع باسيل وان يُعطيه حق المشاركة في تشكيل الحكومة، وان لا احد يمون عليّ في ان افعل ما لا اراه مناسبا للمصلحة العامة”.
ونقل بعض المتصلين بالحريري عنه “ان المسألة ليست شخصية بينه وبين باسيل حتى يتوسط البعض لعقد لقاء بينهما لكسر الجليد، بل تتعلق بالصلاحيات الدستورية في تشكيل الحكومة”.
ومع ذلك، اكدت مصادر ثنائي «امل» وحزب الله ان مبادرة الرئيس نبيه بري مازالت قائمة وستستمر حتى النفس الاخير من دون تحديد اسقف زمنية للمساعي ولا للتشكيل، مشيرة الى ان التواصل يتم مع الحريري عبر النائب علي حسن خليل للوقوف على رأيه في المقترحات التي تمت مناقشتها مع باسيل ونقلت للرئيس ميشال عون، حول نقطتي توزيع الحقائب على الطوائف التي انجزت بشكل شبه كامل وبقيت بعض الحقائب وتسمية الوزيرين المسيحيين التي وضعت لها افكار ومقترحات يجري درسها، وبقيت مسألة منح كتلة لبنان القوي الثقة للحكومة معلقة الى ما بعد البت بالعقدتين الاخريين.