مبدئيا يفترض ان تكون جلسة مجلس الوزراء المقررة قبل ظهر اليوم قد طارت بفعل فقدان نصاب الثلثين بعدما اعلن تسعة وزراء من اصل 24 مقاطعتهم للجلسة . ولكن عدم اعلان الغاء الجلسة مسبقا يؤشر الى احتمال من اثنين : اما ان "وزيرا ملكا" سيهبط في اللحظة الحاسمة من بين التسعة المقاطعين لينقذ النصاب واما ان رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي يود رد الضربة القاسية التي سيمنى بها اذا لم تنعقد الجلسة بتحميل الافرقاء المقاطعين مسؤولية وتبعات قرارات ملحة لم تصدر.
ذلك انه بمفعول رجعي متآخر شهرا وخمسة أيام بعد نهاية العهد العوني السابق انكشف بوضوح ومجددا الواقع الأساسي الذي حال دون تاليف حكومة جديدة او تطعيم الحكومة الحالية آنذاك من خلال الانفجار الذي حصل على خلفية عقد جلسة لمجلس الوزراء اليوم بين "التيار الوطني الحر" ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي . هذا الانفجار السياسي الذي اقتحم الواقع الحكومي من خلال اعلان تسعة وزراء يتوزعون بين الوزراء المحسوبين على "التيار" والطاشناق وطلال أرسلان مقاطعتهم للجلسة المقررة قبل ظهر اليوم في السرايا تشظى في اتجاهين سلبيين يهددان في حال تطيير نصاب الثلثين الضروري لانعقاد الجلسة بترحيل او تجميد او نسف قرارات حيوية ملحة كانت الأمانة العامة لمجلس الوزراء قلصت جدول اعمال الجلسة الى 25 بندا منها ينطبق عليها طابع الضرورة ولا سيما منها تمويل الاستشفاء واستيراد الادوية المزمنة والسرطانية لتبرير انعقاد الجلسة لحكومة تصريف الاعمال في زمن الفراغ الرئاسي . التشظي الأول ذهب في اتجاه الضرب على الوتر الطائفي بعدما انفجرت سجالات حادة بين "التيارالوطني الحر" وميقاتي اتخذت من مسالة صلاحيات رئاسة الجمهورية المادة اللاهبة لاستدراج القوى والمراجع المسيحية الى تسديد ضربة لحكومة تصريف الاعمال ورئيسها . والتشظي الثاني برز في تناقض واضح جديد بين الحليفين التيار العوني و"حزب الله" الذي وافق مع حليفه الرئيس نبيه بري والمكونات الأخرى الحكومية على انعقاد الجلسة على قاعدة إقرار البنود الملحة الضرورية لمصالح الناس فقط وبدا هذا الموقف مناقضا للدعوة الى مقاطعة الجلسة من جانب التيار العوني . ولعل العامل اللافت الذي سجل عشية الجلسة تمثل في صدور بيان حمل أسماء تسعة وزراء يعلنون فيه مقاطعتهم للجلسة بما يعني ثلث الوزراء زائد واحد بما يحول دون انعقاد الجلسة في حال تغيب التسعة فعلا .
وبمعزل عن انعقاد الجلسة اليوم أو فرط نصابها، فقد تركت الدعوة ندوباً ستفاقم الأزمة السياسية ببعدها الطائفي وخاصة مع ارتفاع منسوب الشعور السلبي لدى القوى المسيحية، فضلاً عن تعزيز أزمة الثقة بين فريق حلفاء المقاومة وهو ما سيكون له تأثيره السلبي الإضافي على مشاورات الانتخابات الرئاسية.
وفي هذا السياق، قالت مصادر رفيعة في التيار الوطني الحر لـ«الأخبار» إن «رئيس حكومة تصريف أعمال مستقيلة لا يستند في هذه الدعوة إلى قوته، علماً أننا اتفقنا بعد دخول الفراغ الرئاسي على أن أي جلسة لن تعقد إلا للأمور الطارئة والملحة وبحضور كل الوزراء، أو على الأقل كل المكونات الأساسية. ولا يمكن أن يتعامل نجيب ميقاتي معنا بهذه الطريقة، فيما حزب الله يتفرج». وأكّدت المصادر أن «هذه ليست مسألة عابرة في العلاقة بين التيار وحزب الله. تفاهمنا قائم على أمور استراتيجية وهذا الأمر بالنسبة إلينا هو كالسلاح بالنسبة إلى الحزب. وجودنا ودورنا هما سلاحنا ولن نسمح لأحد بالمسّ بهما».
