رغم الشكوك المبررة للبنانيين في التعهدات السياسية التي تقطع حيال أي ملف او ازمة، لا يمكن تجاهل أهمية تشكل اجماع داخلي متجدد حول اتفاق الطائف في هذه الحقبة المأزومة، بما يحمل اجماع كهذا من دلالات اقله لجهة عدم تجرؤ أي جهة على مزيد من اللعب بنار اذكاء الانقسامات. هذه الخلاصة الخاطفة لمنتدى اتفاق الطائف الذي انعقد السبت بمبادرة من السفارة السعودية في بيروت واحدث ترددات إيجابية في فضاء الازمات الداخلية، اثار تساؤلات بل وامالا ولو ضعيفة حيال ما اذا كانت تردداته ستنسحب على جوانب من ازمة الشغور الرئاسي، خصوصا ان الحضور المسيحي الشامل لكل القوى والاتجاهات في المنتدى ترك صورة مشجعة لجهة التحفيز على البحث الجاد في اسرع ما يمكن من وسائل للحؤول دون إطالة امد الفراغ الرئاسي . ولعل ما يذكي الجهود الداخلية للخروج بسرعة من وضع الفراغ ان المعطيات المتصلة بالمواقف الخارجية من لبنان، تظهر اتساع التشاؤم حيال الوضع في لبنان في ظل نشوء الشغور الرئاسي على غرار ما عبرت عنه مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط باربرا ليف في ذهابها الى التحذير من سيناريو تفكك الدولة في لبنان.
وتقول أوساط ديبلوماسية واسعة الاطلاع ان ثمة رابطا عضويا بين اندفاع المملكة العربية السعودية الى اطلاق رسالة تثبيت رعايتها لاتفاق الطائف والموقفين الفرنسي والأميركي من استعجال انتخاب رئيس للجمهورية كركن أساسي في عملية النهوض من الانهيار الداخلي. ولكن المعطيات السياسية الداخلية لا تبدو على جانب مشجع بان حقبة الفراغ قد لا تطول ما دام أي مؤشر لم يظهر بعد حيال تبدل المسار الشكلي لجلسات انتخاب رئيس الجمهورية التي يبدو انها ستمضي في اطار فولكلوري لملء الوقت حتى اشعار اخر لا اكثر. وتكشف هذه الاوساط ان الجهات الرسمية والسياسية اللبنانية سمعت الكثير من التحذيرات الخارجية حيال خطورة تفلت الازمات الاجتماعية في الفترة المقبلة بما عكس وجود معطيات شديدة الحساسية والخطورة لدى البعثات الديبلوماسية في لبنان في شأن ما يمكن ان يشهده لبنان في مرحلة الضياع السياسي والرسمي كلما طال امد الشغور الرئاسي .
وفي هذا السياق برز ما أشار اليه امس البابا فرنسيس عقب انتهاء زيارته الى البحرين الى أن "لبنان يسبّب لي الألم، لبنان ليس بلداً، لبنان رسالة لها معنى كبير لكنه يتألم حالياً". وأضاف: "لا أريد أن أقول أنقذوا لبنان بل أقول ساندوا لبنان... ساعدوا لبنان على وقف انهياره". كما دعا البابا السياسيين اللبنانيين إلى "تنحية مصالحهم الشخصية".
وفي هذا السياق قال مصدر رفيع شارك في المنتدى لـ«اللواء» ان مؤتمر الاونيسكو فتح الباب على مصراعيه للتفاهم اللبناني- العربي- الدولي على مرشح رئاسي.
واشار مصدر نيابي محسوب على المستقلين لـ» الديار» الى انّ السيناريو المعروف سيتكرّر حتى إشعار آخر، أي لا رئيس هذا الخميس، وقال:» لكن الخرق وارد وفق ما وصلني من معلومات عن طرح إسم رئاسي جديد خلال الجلسة سيُحدث مفاجآة، على ان يسبق ذلك اتصالات مكثفة بين المعنيين بالملف الرئاسي» ، لكنه إستبعد ان يعلن الثنائي الشيعي إسم مرشحهما للرئاسة، على الرغم من انه معروف، لكن حتى اليوم يفضلان عدم تسميته في العلن.
وتوقعت مصادر سياسية أن ترسم جلسة انتخاب رئيس الجمهورية يوم الخميس المقبل، مسار عملية الانتخاب بعد فترة من الجمود، بفعل تمنع قوى الثامن من آذار ،من تسمية مرشحها للرئاسة والاقتراع بورقة بيضاء، في مواجهة مرشح قوى المعارضة ميشال معوض، بسبب تبدل محتمل بموقف كتلة التيار الوطني الحر، باتجاه تسمية مرشح للرئاسة، بدلا من خيار الورقة البيضاء، ما يؤدي عمليا الى انكشاف في انتقال الاستحقاق الرئاسي الى مرحلة جديدة.
وقالت المصادر ان انفراد كتلة التيار الوطني الحر، بتسمية مرشح رئاسي بمعزل عن الاتفاق مع حليفه حزب الله وحلفاء الحزب، لم يحصل صدفة، وانما اتى بعد لقاء رئيس التيار النائب جبران باسيل مع الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله مؤخرا، والذي تناول النقاش خلاله موضوع الانتخابات الرئاسية، ولم يكن كما تمناه باسيل، الذي رفض نصيحة نصرالله بتأييد ترشيح خصمه السياسي، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، كما رفض الالتقاء به، للتفاهم على موضوع الانتخابات الرئاسية والاتفاق بينهما على المرشح المقبول من كليهما، واصر رئيس التيار الوطني الحر على ان يكون هو شخصيا المرشح الوحيد للرئاسة، باعتباره يمثل اكبر كتلة نيابية مسيحية، في حين يفتقد فرنجية الذي خسرت كتلته بالانتخابات النيابية الماضية ولا يحوز على الحيثية الشعبية التي تؤهله للترشح للرئاسة الاولى.
وتوقعت المصادر ان يعقد التيار الوطني الحر اجتماعا يوم غد الثلاثاء، لبلورة الموقف النهائي الذي سيعتمده بجلسة الانتخاب الخميس وتسمية المرشح الذي سيصوت له، والذي بقي قيد الكتمان، في حين استبعدت ان يطرح باسيل نفسه مرشحا لرئاسة الجمهورية منذ الان، قبل أن يضمن الحد الادنى من التأييد والتعاطف من حليفه حزب الله، وهذا ليس متوافرا بعد، بل سيعمد الى تسمية مرشح يختاره من أصدقاء التيار، لتقصي ردة الفعل عليه وتحديدا من حليفه، وبعدها يحدد خياره النهائي.