يسود الترقب الساحة اللبنانية، بانتظار ما سيخرج عن لقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف والمقرر عقده اليوم بعد ما كان مرجحا أمس وارجىء بطلب من الرئيس الحريري الذي اتصل برئيس الجمهورية وأكد تعذر قيام الاجتماع. ولفتت المصادر إلى أن المعلومات لا تزال تشير إلى إمكانية تقديم صيغة حكومية انطلاقا من مبادرة رئيس مجلس النواب لكن ذلك لا يعني أن الأمور تمت لأن الاجتماع بعد فترة انقطاع طويلة قد تفضي اما لأمكانية قيام ثغرة أو تأكيد المؤكد بشأن خيار الاعتذار.
ويفترض حسب المصادر المتابعة لعملية تشكيل الحكومة، ان يقدّم الحريري الى عون بعد عودته من مصر تركيبة من 24 وزيراً، على امل ان يوافق عليها او على الاقل يحصل نقاش حولها ربما افضى الى تعديلات توافقية، وإلّا فإن الحريري قد يتجه الى الاعتذار قبل نهاية الاسبوع الجاري.
وفي الموازاة، أشارت مصادر على تواصل مع الحريري، كما مع القاهرة، إلى أن “الجو المصري يوحي بأن السيسي لن يثني الرئيس المكلف عن الإستقالة بعدَ أن فشلِت الجهود في تسويقه بالشراكة مع الفرنسيين، وأن الحريري يعلَم ذلِك، وحتى لو كانت هناك طلب من الجانب المصري بتأجيل الإعتذار فإن الحريري لن يتراجع عن قراره، بعدَ أن اقتنع باستحالة وجود فرصة للتأليف”. حتى محاولات رئيس مجلس النواب نبيه بري إرجاء الإعتذار، ربطاً بخريطة طريق تحدد البديل وشكل الحكومة وبرنامجها لم تعُد تجدي نفعاً،
وعلى رغم الكتمان الشديد الذي أحاطت به الأوساط القريبة من الحريري الاسباب التي أملت ارجاء زيارته لبعبدا امس، فإن المعطيات التي واكبت الحركة الديبلوماسية والسياسية الكثيفة في الساعات الأخيرة، أبرزت حقيقة ان دولاً أساسية منخرطة في الجهود القائمة لحل الازمة الحكومية بدت متوجسة من التداعيات التي قد تترتب على احتمال إقدام الحريري على الاعتذار، اذا رفض عون تشكيلته الجديدة، باعتبار ان الاعتذار سيترك فجوات خطيرة في واقع لبنان ما لم ترافقه ترتيبات انتقالية للبحث عن البديل بموافقة كلية من الحريري نفسه. ولعل اكثر الدول المنخرطة في جهود اللحظة الأخيرة لمنع حصول تداعيات خطرة لاي احتمال لتنحي الحريري هي فرنسا ومصر وروسيا اذ قامت كل منها بشبكة اتصالات وجهود لافتة في الساعات الأخيرة سعياً الى إبقاء مسار الجهود مركزاً على تشكيل حكومة برئاسة الحريري وتحصين لبنان بحزام أمان الحد الأدنى الذي يحول دون اختلالات سياسية واجتماعية دقيقة إضافية. وبرز هذا الامر مصرياً عبر زيارة الحريري للقاهرة، وفرنسياً عبر ارسال موفدين الى بيروت وتزخيم الاستعدادات لعقد مؤتمر الدعم الثالث للبنان وروسيا في فتح الروس سلسلة اتصالات مع اللاعبين الأساسيين في لبنان والإعلان تكرارا تأييد موسكو لحكومة برئاسة الحريري.
وفي موازاة كل هذه الأحداث، كان لافتاً التحرك الفرنسي، حيث أفادت “النهار” ان الموفد الرئاسي الفرنسي الديبلوماسي باتريك دوريل وصل امس الى بيروت لاستكمال اتصالاته بالمسوؤلين لتشكيل حكومة وللتحضير لمؤتمر المساعدات الإنسانية الذي سيترأسه الرئيس ايمانويل ماكرون يوم 4 آب وفق ما كشف لـ”النهار” مسؤول فرنسي رفيع. وقد تم الاتفاق على ان يعقد في 4 آب في ذكرى مرور سنة على انفجار مرفأ بيروت بدلاً من 20 تموز الموعد الذي كان مقرراً. وقال المسؤول الفرنسي ان فرنسا ما زالت على موقفها من انه ينبغي تشكيل حكومة من عناصر توحي بالثقة لان احداً لا يريد تقديم أي تمويل للمسؤولين الحاليين لان لا ثقة دولية بهم. وأضاف ان باريس اكدت انها تؤيد ان يكون الرئيس المكلف سعد الحريري على راس الحكومة ولكن في المقابل يجب ان يتمتع الوزراء في الحكومة بصدقية وثقة ونزاهة وهذه الشروط الأساسية للدعم .
وقد اجرى الرئيس الفرنسي اتصالات بدول الخليج شملت ولي عهد الامارات الشيخ محمد بن زايد وامير قطر الشيخ تميم، كما ان وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لو دريان اجرى اتصالات بنظيره الأميركي طوني بلينكن ثم تحادثا مع وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان. ويزور لودريان حالياً واشنطن حيث يجري محادثات مع نظيره ومسؤولين آخرين يتطرق فيها مجدداً الى الملف اللبناني والضغوط المتوقعة على المعطلين. وقال المسؤول الفرنسي لـ”النهار” ان العقوبات الأوروبية آتية قريباً على المسؤولين عن التعطيل وأصبحت جاهزة، وثمة دول لم تكن موافقة مثل هنغاريا، عادت فوافقت مع مجموعة الدول الـ27 . واوضح ان منع كبار المسؤولين اللبنانيين من دخول الاتحاد الأوروبي وتجميد ممتلكاتهم بسبب الفساد سيشكل ضغطاً قوياً عليهم اذا لم تشكل الحكومة. وقال ان الامل ما زال موجودا بادراك المسؤولين انه حان الوقت لتشكيل الحكومة لإنقاذ البلد. وفي هذه الاثناء يدفع ماكرون نحو التعبئة لمساعدة لبنان وجمع الأموال ورصد المشاريع لانقاذه في حال تم تشكيل حكومة.