لا تزال ترددات جلسة مجلس النواب التي خصصت لبحث رسالة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون المتعلقة بالتأليف تسيطر على الساحة الداخلية اللبنانية، بل ان المخاوف من بلوغ الازمة الحكومية حافة اليأس الحقيقي من إيجاد مسالك لاختراق الانسداد الذي يطبعها، تفاقمت بقوة في ظل الشكوك الواسعة في ان ينجح ما تردد عن عودة تحريك رئيس مجلس النواب نبيه بري قنوات الاتصالات بين بعبدا وبيت الوسط، عله ينجح في تعويم مبادرته وتطويرها ان اقتضى الامر، واذا بدا ان هناك أرضية معقولة تسمح بتحرك جدّي جديد.
ولم يخف بري امام "النهار" قوله ان مسألة اعادة النظر في تفسير بعض بنود الدستور مطروحة، ولكن الاكيد ان الوقت اليوم ليس مناسباً أبداً لهكذا طرح. ذلك ان فتح هذا الباب من شأنه ان يستدرج الامور الى أماكن اخرى لا وضوح بعد او توافق على مقاربتها.
وأوضحت المصادر أنّ بري ينتظر عودة الحريري إلى بيروت من أجل حثه على أن يتقدم بتشكيلة جديدة على قاعدة التوافق على صيغة الـ24 وزيراً من دون ثلث معطل، مستنداً بذلك إلى طلب البطريرك الراعي من جهة، وإلى أن أكثرية المجلس النيابي منحته ثقتها كي يواصل جهود التأليف بسرعة من جهة ثانية.
وبدا واضحاً ان البطريرك من خلال اشادته بخلاصة الجلسة النيابية كما من خلال دعوته الحريري الى تقديم صيغة محدثة للتشكيلة الحكومية والتوافق عليها مع رئيس الجمهورية، أعطى بري مفتاحاً للمضي في محاولة تعويم مبادرته وفتح قفل التأليف العالق. وتكشف المعلومات المتوافرة على ضوء كلام بري انه سيطرح مبادرة تقوم على طرح لائحة جديدة من الاسماء يتم التفاهم عليها مع البطريرك الراعي .
وعلمت "نداء الوطن"، في هذا الاطار، أن دعوة الراعي للحريري إلى المبادرة، تعود إلى أنه كان قد تلقى وعداً من الحريري بأنه سيتقدم بتشكيلة حكومية جديدة من أجل إخراج الأزمة الحكومية من الجمود الذي تغرق البلاد فيه، وما ينتج عنها من أزمات معيشية واقتصادية كارثية. وفي وقت أفادت معلومات أن الراعي تلقى هذا الوعد من الحريري خلال اتصالات بعيدة من الأضواء بينهما، لمحت المصادر لـ"نداء الوطن" إلى حصول لقاء بعيد من الأضواء بين البطريرك والرئيس المكلف قبل زهاء أسبوعين، جرى خلاله التداول في الأزمة، فحثّ الأول الثاني على المبادرة باقتراح لائحة حكومية جديدة، ووافقه الحريري الرأي لكنه آثر التريث في طلب زيارة القصر الرئاسي لهذا الغرض، ما دفع بالراعي إلى تكرار مطالبته بهذه الخطوة علناً.