ودعت بشري امس الضحيتين هيثم ومالك طوق في مأتم مهيب ،بإنتظار نتائج التحقيقات التي تجريها مديرية المخابرات في الجيش والقضاء، والمفترض ان تظهر خلال ايام قليلة نظرا لحساسية ودقة وخطورة الموضوع.
وافادت «نداء الوطن»، ان الجيش بدأ تحقيقاته التي تتسم بوتيرة سريعة وجمع الأدلة لتكوين خارطة طريق الأحداث ورسم صورة لما حصل. كما افادت المعلومات عن توقيف 22 شخصاً. ونفت توقيف اي ضابط من الجيش.وبدا ان الجيش يثابر على التحقيق في الجريمة المزدوجة متصدياً لأي تحريف في هذا المسار. ومن نماذج هذا التحريف، الكلام المتعجّل عن «مسافة قريبة» أطلقت منها النار على الضحية الاولى، أي هيثم طوق. وسرعان ما تبين ان المسافة التي أطلقت منها الرصاصات الجانية، تبلغ 200 متر. وهذا المعطى يعزّز مجدداً فرضية القنص والقتل المتعمد عن سابق تصوّر وتصميم.وشرحت اوساط واسعة الاطلاع لـ»نداء الوطن» الظروف المحيطة بما جرى في القرنة السوداء، فقالت إنه نتيجة الحوادث التي كانت تحصل في الاعوام الماضية، وتجنباً لحوادث كبيرة جداً في هذه المنطقة، بُذل جهد كبير كي يصدر قرار رسمي عن الحكومة بتكليف الجيش بإنفاذ القانون، وهذا ما يفترض أنه حصل بدءاً من شباط الماضي. لكن منذ ذلك الوقت، وقعت حوادث عدة جانبية وثانوية، وكان يفترض الا تقع، ما ولّد إنطباعاً بأن لا قرار رسمياً صدر بعد عن الحكومة، وبالتالي لم يتسلمه الجيش. علماً ان منطقة القرنة السوداء وعرة جداً الى درجة ان قوى الامن لا تستطيع الصعود اليها. ويبقى الجيش هو الوحيد القادر على كشف من ارتكب الجريمتَين. لكن الخوف هو عدم تمكن الجيش من توقيف هؤلاء المرتكبين، ما سيؤدي الى دخول المنطقة في كرّ وفرّ خصوصاً ان قتل هيثم طوق كان نتيجة استهداف. وتخلص الاوساط نفسها الى القول: «إذا لم يتم خلال الساعات الـ 48 المقبلة، او في الايام القليلة المقبلة، توقيف القتلة فهناك خطورة ان تذهب الامور الى مكان آخر».
في هذا الوقت، واصل المحقّقون استجواب الموقوفين الذين بلغ عددهم بعد إطلاق بعضهم 22، هم 15 من الضنيّة و7 من بشرّي. وعاين فريق التحقيق أمس مكان مقتل هيثم طوق عند تخوم القرنة السوداء لجمع الأدلّة، بعدما اطّلع على تقارير الأطباء الشرعيين والأدلّة الجنائيّة. وعلمت «الأخبار» أنّ الجيش نقل، في سابقة لم تحدث من قبل، عدداً من الموقوفين إلى مكان الحادثة ووزّعهم في أماكن محددة تبعاً لإفاداتهم لإعادة رسم ما يُشبه مسرح الجريمة.
اضافت أنّ الكشف على الجثة والتقرير الطبي وتقدير الخبير العسكري، كلّ ذلك يرجّح أن تكون الرصاصة التي تسبّبت بمقتل هيثم قد أُطلقت من بندقية M16 أو سلاح مماثل تبعاً لحجم الثقب الذي أحدثه المقذوف في جسد الضحية. أما في ما يتعلق بمقتل مالك طوق، فإن الترجيحات الأمنية تذهب إلى سقوطه عن طريق الخطأ برصاص الجيش، إذ إنّ عدداً من أهالي بشري استنفروا عقب انتشار خبر مقتل هيثم طوق وقدموا إلى المنطقة وهم يطلقون النار، وقد يكون الجيش ردّ بالمثل، ما أدى إلى مقتل مالك طوق وإصابة آخر.
وذكرت «البناء» أن سلسلة اتصالات واجتماعات جرت وتُجرى على مدار الساعة بين مرجعيات وقيادات سياسية ودينية وأمنية وقضائية لاحتواء غضب الشارع من خلال العمل على ثلاثة مسارات:الأول سياسي – روحي لقطع دابر الفتنة وأي ارتدادات للجريمة على المستوى الوطني.وفي سياق ذلك أعلن رئيس بلدية بقاعصفرين – الضنية بلال زود، في بيان «الحداد عن روح الفقيدين هيثم ومالك طوق من أبناء جيراننا في بشري، في بلدة بقاعصفرين، وإغلاق المؤسسات الرسمية فيها، وتنكيس الأعلام على مبنى البلدية».الثاني قضائي عبر إجراء تحقيق شفاف لتحديد المسؤوليات وكشف المجرمين وكل المتورطين في الحادثة النكراء.
واستبعدت معلومات لـ«البناء» فرضية قنص الشابين من آل طوق التي سوّق لها البعض لتوجيه أصابع الاتهام الى أهالي بقاعصفرين – الضنية، موضحة أن أحد الضحايا لا ينتمي إلى حزب القوات اللبنانية بل مؤيّد للنائب وليم طوق.ولفتت أوساط مطلعة لـ«البناء» الى أن أهالي بقاعصفرين – الضنية منفتحون على أي حل يضمن إنهاء الخلاف العقاري مع بشري، ويؤدي الى إحلال السلم في المنطقة ويرفضون جرهم الى الفتنة، لكن لن يتنازلوا عن حقوقهم العقارية تحت هول وضغط الجريمة وقوة الأمر الواقع ووضعهم في موضع الاتهام بالجريمة.