تحت وطأة تجديد الاتحاد الأوروبي صلاحية تدابيره العقابية الخاصة بلبنان لمدة عام والتي تستهدف الشخصيات والكيانات التي تقوض الديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان، وتحت أنظار السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا التي حرصت على حضور جلسة الهيئة العامة أمس، لم تجد السلطة مفراً من أن تسلك طريق الإصلاح بعد طول انتظار، فأقرّ المجلس النيابي مشروع القانون المتعلق بالسرية المصرفية مع بعض الضوابط الإجرائية والجزائية تمهيداً لدفع قطار المفاوضات قدماً مع صندوق النقد الدولي في المرحلة المقبلة.لكن وعلى قاعدة "الطبع يغلب التطبّع"، غلبت "شهوة" السلطة المفتوحة والمكبوتة على أجواء الجلسة التشريعية الإصلاحية فصبغتها بحلة "إباحية" مخزية من الهياج الذكوري والزعرنات النيابية على وقع ما تعرضت له النائب سينتيا زرازير من "تحرش" فاقع سواءً في أروقة القاعة العامة حيث كشفت عن تعرضها للتنمّر والتلطيش من قبل نواب "حركة أمل"، أو داخل مكتبها في المجلس النيابي حيث عثرت عند استلامه على "مجلات بلاي بوي وواقيات ذكرية مستخدمة في أرض المكتب وجواريره"، فضلاً عما كشفته من أساليب الترهيب و"البلطجة" التي تواجهها في المجلس، لا سيما في ما يتصل بمحاولة إذلالها والتضييق عليها لدى الدخول إلى البرلمان وعدم منحها موقفاً لركن سيارتها، والتهكم على اسم عائلاتها بعبارات نابية جسّدها النائب قبلان قبلان حين توجه إليها وإلى النائب حليمة قعقور بالقول: "صراصير زرازير".وكما بدأت الجلسة الصباحية التي سجّلت مشادات كلامية متكررة بين رئيس المجلس نبيه بري وأعضاء كتلته البرلمانية من جهة ونواب الثورة من جهة ثانية بلغت حدّ تهديد بري بطرد قعقور من الهيئة العامة لتردّ عليه بالقول: "شو هالقلة الأخلاق بالتعاطي"، كذلك انتهت الجلسة المسائية بأجواء مشحونة من الهرج والمرج والمشاحنات بين النواب فرضت رفع الجلسة، بينما استرعى الانتباه على هامش انعقاد الجلسة تقديم النائب فيصل الصايغ استقالته من المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، ربطاً بما عكسه المجلس في تركيبة عضويته من تنصيب صوري لنواب المنظومة في موقع القيّمين على عملية مساءلة "أولياء نعمتهم" السياسيين ومحاكمتهم.ورغم هذه المشهدية التي يصح فيها القول انها مزرية ومأساوية فقد نجح الرئيس نبيه بري من الحؤول دون اندلاع اشتباك سياسي من شأنه لو وقع ان يطيح بالجلسة من خلال عدم فتح المجال امام الحديث في الاوراق الواردة التي كان بعض النواب لا سيما نواب الكتائب «والتغيريين» يردونها منصة للتصويب السياسي في اتجاهات مختلفة ، مستغلين بذلك الازمة الناشئة على خلفية الحادثة التي تعرض لها المطران موسى الحاج والتداعيات التي تركتها في الوسطين السياسي والروحي والشعبي.وقالت مصادر واكبت الجلسة لـ»الديار» ان نواب «التغيير» يسعون لفرض ايقاع ونمط جديد من العمل النيابي يُقابل برفض مطلق من قبل رئيس المجلس والنواب المحسوبين عليه والمقربين منه، وهو ما سيجعل كل جلسة بمثابة كباش حاد بين طرفين يحاول كل منهما كسر الآخر، ما سيؤدي تلقائيا لحرف بوصلة «التغييريين» عن هدفها».
