تشكل الجلسة العاشرة لانتخاب رئيس الجمهورية التي تنعقد اليوم واقعيا "خاتمة" جولات العقم في السنة الحالية بعد 45 يوما من نهاية ولاية الرئيس السابق ميشال عون ونحو ثلاثة اشهر ونصف الشهر حتى اليوم منذ بداية المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية في اول أيلول الماضي، أي ان السنة ستنقضي على أربعة اشهر عمليا من العجز عن انتخاب الرئيس الرابع عشر للجمهورية. وإذ يتوقع الا تخرج حصيلة ونتائج الجلسة العاشرة قبل ظهر اليوم عن "النسخ" التسع للجلسات التي سبقتها من حيث توزع الأصوات تقريبيا في الدورة الأولى ومن ثم تطيير النصاب في الدورة الثانية، فان النتيجة الفعلية التي ستفضي اليها هذه الجلسة، ما لم يفاجئ رئيس مجلس النواب نبيه بري النواب بتحديد موعد اخر للجلسة الحادية عشرة بعد أسبوع، ستكون في ترحيل الجلسات ومعها الاستحقاق الرئاسي برمته وأزمة الفراغ بمجمل تداعياتها الى السنة 2023. ولم يكن هذا الامر مفاجئا في كل الأحوال نظرا الى "استعصاء" دوامة التعطيل التي تتحكم بهذه الازمة والتي ستشكل خاتمة احداث وتطورات السنة اللبنانية الافلة في مواكبة نهاية عهد الرئيس السابق ميشال عون الممهور بخاتم أسوأ انهيار عرفه لبنان في تاريخه. ولكن جاءت أيضا مسألة اخفاق الدعوة الى الحوار بين الكتل النيابية التي وجهها الرئيس بري الأسبوع الماضي، وسقطت منذ يومين بفعل رفض الاستجابة لها من اكبر كتلتين مسيحيتين هما كتلتا "القوات اللبنانية" و"التيار الوطني الحر" لتشكل إشكالية إضافية من إشكاليات الازمة. اذ ان الخبراء الدستوريين والقانونيين يؤكدون صوابية البعد الدستوري في رفض دعوة بري الى الحوار على قاعدة عدم إعطاء معطلي الاستحقاق ورقة إضافية تشكل تجاوزا لاصول الانعقاد الدائم لمجلس النواب حتى انتخاب رئيس الجمهورية وعدم جواز خرق ذلك باي اجراء اخر للمجلس. ومع ذلك فان البعد السياسي يلعب دورا أيضا في ابراز الإشكالية التي تستبعد الحوار من دون القدرة لاحقا على قيام قنوات تواصل وتشاور الا في اطر ثنائية وثلاثية. ولذا تزداد التساؤلات حول المرحلة المقبلة داخليا خصوصا في ظل تصاعد تداعيات الازمة الاقتصادية والاجتماعية وما ينتظر حصوله مع بداية السنة المقبلة في حال استمرت معادلة تعطيل الاستحقاق وتزايد التعقيدات في طريقه واستفحال الانقسامات والقطيعة بين الافرقاء الخصوم.
موقف مرتقب لبري
ومن المتوقع وفق معلومات «البناء» أن يطلق الرئيس بري موقفاً حاسماً في نهاية جلسة اليوم يتوجه خلاله الى الكتل النيابية كافة بضرورة اللجوء الى الحوار في نهاية المطاف والذي من دونه لن نصل الى تفاهم وتوافق على رئيس جمهورية، ما يفتح المجال أمام تدخلات خارجية تفرض تسوية على اللبنانيين.ووفق معلومات «البناء» فإن تكتل لبنان القوي سيصوّت بالورقة البيضاء ولن يطرح أي مرشح في هذه الجلسة على أن يحسم موقفه من هذا الأمر مطلع العام المقبل. في المقابل ستبقى خريطة تصويت الكتل النيابية الأخرى على حالها باستثناء بعض التغيير بعدد أصوات النائب المرشح ميشال معوض والورقة البيضاء وظهور أسماء أخرى، كما سيسجل المجلس غياب عدد كبير من النواب بداعي السفر والمرض، إذ علمت «البناء» أن أكثر من 4 نواب مصابين بوباء «الكورونا» أو بـ»الرشح» وسيلتزمون منازلهم حتى تعافيهم.
الخارج يتحرك
وكشف مصدر سياسي بارز ل" اللواء" أن الحراك الداخلي والخارجي متواصل بعيدا من الاضواء، لتسهيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، بالرغم من التعثر الظاهري والعلني بمجلس النواب والمواقف العلنية لبعض الزعامات والمسؤولين اللبنانيين وقال: ان هناك رغبة بالمساعدة في الوصول إلى الاتفاق على مرشح توافقي مقبول، يمكنه ان يشكل قاسما مشتركا، بين جميع الاطراف، في ضوء فشل اي طرف سياسي في ترشيح شخصية مدعومة منه، يمكنها الفوز بالرئاسة.
واشار إلى ان جلسات انتخاب رئيس الجمهورية، على كثرتها، لم تحقق اي اختراق، لتشبث كل فريق سياسي بمواقفه، واصبحت الجلسات بمثابة الدوران بالحلقه المفرغة المملة، ومن دون انتخاب رئيس جديد للجمهورية. ولذلك لم يعد ممكنا التسليم بهذا الجمود مع استمرار تدهور الاوضاع الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية على النحو الكارثي.
وفي اعتقاد المصدر السياسي، فإن سلسلة المشاروات الخارجية مع الداخل اللبناني والتي، تستنسخ اسلوب التفاوض الذي اعتمد لانجاز ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، ولو بشكل مختلف، قطع شوطا بعيدا في تحديد اسم الشخصية التي ستنتخب للرئاسة الاولى، معربا عن اعتقاده بأن هناك تفاهما قد حصل بين واشنطن وباريس التي تتواصل مع طهران والمملكة العربية السعودية على اسم قائد الجيش العماد جوزاف عون، ليكون مرشحا توافقيا، بدعم من مجموعة الدعم الدولية للبنان، على أن تتولى الدوحة بغطاء من الدول المذكورة، تخريجة انتخاب عون للرئاسة، وتوظف علاقاتها الجيدة مع كل الاطراف لانجاز آلية الانتخاب خلال الاسابيع الاولى من السنة المقبلة.
