أعلن رئيس الجمهورية ميشال عون منفردا، موافقة لبنان على اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل من دون إجراءات مكملة تفترض إحالة الاتفاق على مجلس الوزراء للتصديق عليه ولا على مجلس النواب لمناقشته واقراره، علما ان نسخا منه وزعت امس على الوزراء بعد فوات الاوان. ذاك ما اقتضاه تفاهم اركان السلطة رغم تصاعد الأصوات النيابية والحقوقية والقانونية والدستورية الاعتراضية والمعترضة على اختصار تطور بهذا الحجم وبهذه الأهمية الاستراتيجية التي تقارب مسألة تمس بجوهر الصراع مع إسرائيل. مع ذلك لم تقف مفارقة اختصار الإجراءات و"المراسيم" و"الطقوس" عند اعلان رئيس الجمهورية الموافقة على الاتفاق، بل ان رمزية لافتة واكبت ذلك مع توقيت "متوهج" لتوجيه الرئيس عون رسالة الى اللبنانيين في موضوع الاتفاق اذ تزامن الموعد من جهة مع الذكرى الـ 32 لعملية 13 تشرين الأول 1990 التي اسقطت حكومة عون العسكرية آنذاك على يد القوات السورية، ومن جهة أخرى مع اقتراب ولاية عون من نهايتها بعد 17 يوما.اما الجانب السلبي الاخر الذي واكب اعلان عون موافقة لبنان على الاتفاق فتمثل في تعمده توظيف "الإنجاز التاريخي" في الحسابات وتصفية الحسابات السياسية الداخلية عند مشارف نهاية الولاية اذ تقصد الإشارة الى ان ملف الترسيم "هو ثمرة مسيرة طويلة بدأت فعليا في العام 2010 عندما أعـدت وزارة الطاقة والمياه التي كان يتولاها الوزير جبران باسيل الخطة" ثم استدرك في سياق عرضه لمراحل المفاوضات الى اتهام اطراف سياسيين بعرقلة الفريق السياسي والوزاري الذي يمثله في الحكومات المتعاقبة.الا ان الدوائر المعنية في القصر الجمهوري باشرت التشاور مع الوسيط الأميركي عاموس هوكشتين ومع الأمم المتحدة في ما يتعلق بالترتيبات الخاصة بلقاء متوقع في مقر القوة الدولية في الناقورة بين 27 و 29 من الشهر الجاري لتسليم لبنان وإسرائيل الوسيط الأميركي الأوراق الموقعة بخصوص التفاهم. ولم يعلن الرئيس عون بعد تشكيلة الوفد وسط حذر شديد من محاولة البعض إضفاء أي طابع سياسي على الحدث التقني من خلال رفض ضم الوفد أي شخصية سياسية، والتأكيد أن هدف اللقاء تسليم الجانب الأميركي الأوراق الموقعة وليس الظهور في صورة مع الوفد الإسرائيلي.وذكرت "البناء" أنه سيتم توزيع نص اتفاق ترسيم الحدود البحرية على الوزراء والنواب للاطلاع عليه فقط من دون عقد جلسة لمجلس الوزراء لمناقشته وتوقيعه أو لمجلس النواب لمناقشته وإبرامه كما تردد، لكون إقراره يعني اتفاقاً أو معاهدة بين لبنان والعدوّ الإسرائيليّ الذي لا نعترف به كدولة.وأشارت مصادر مطلعة لـ"البناء" الى أن "ترسيم الحدود ليس اتفاقية ولا معاهدة دولية لتعرض على مجلس النواب، بل هي تصحيح وتوضيح لحدود لبنان البحرية ولا تتعارض مع المرسوم رقم 6433 الذي سبق وأودعه لبنان في الأمم المتحدة".ووصفت مصادر سياسية لـ"اللواء" الكلمة التي القاها رئيس الجمهورية ميشال عون بالامس للاعلان عن موافقة لبنان على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، بانها تصلح لتعبر عن موقف رئيس التيار الوطني الحر، وليس رئيس جمهورية لبنان وقالت: لم يكتف رئيس الجمهورية بمحاولة توظيف اتفاقية الترسيم، لعهده، دون غيره متجاوزا الجهود التي بذلتها الحكومات السابقة، ودور رئيس المجلس النيابي نبيه بري في هذا الخصوص، بالرغم من توجيه الشكر الظاهري له لرفع العتب، بل اعطى الدور الأساس والبطولي بمسار التحضير الوزاري والاداري لصهره النائب جبران باسيل، والفريق الوزاري ألذي يمثل التيار في حكومة ميقاتي الثانية، قبل وصول عون للرئاسة، وملقيا مسؤولية التأخير الذي استمر لسنوات طويلة على المماحكات السياسية، بينما يعلم الجميع الدور التعطيلي ألذي مارسه هو شخصيا مع حليفه حزب الله لتعطيل مسار استخراج الثروة البحرية لسنوات طويلة، تحت حجج غير مقنعة على الاطلاق، مع العلم ان الوصول الى اتفاق نهائي بين لبنان وإسرائيل، تجاوز الادوار الثانوية لاكثرية الاطراف بالداخل اللبناني، ومرتبط بالمصالح الدولية لأوروبا والولايات المتحدة الأميركية.
