ب الصباحية: لا انفراجات داخلية للأزمة.. وتحرك مصري روسي لرأب الصدع
يزدحم الخط السياسي بقراءات وتوقعات عن انفراجات وشيكة في المسار الحكومي، ربطاً باللقاء الثلاثي بين الرؤساء ميشال عون ونبيه بري ونجيب ميقاتي، ولكن دون تقديم أي ضمانة لفتح باب الانفراج، ما خلا كلام عن محاولة رئاسية لبلورة مخرج يعيد انعاش الحكومة وإحياء جلسات مجلس الوزراء. هذا في وقت، تشهد الأزمة بكل الوانها المالية والاقتصادية والمعيشية مزيداً من الانهيار، وجنوناً في الاسعار، مع القفزات المتتالية للدولار، الذي تجاوز امس عتبة الـ24 الف ليرة، دون ان يتحرّك ساكن لدى السلطة الحاكمة.
الأجواء المحيطة بحركة الإتصالات الجارية في الكواليس السياسية، تشي بأنّ المستويات الداخلية على اختلافها، قد ضبطت ساعاتها على التوقيت الرئاسي، والعيون شاخصة في اتّجاه القصر الجمهوري ترقباً لأن يتصاعد من «متابعات» رئيس الجمهوريّة «معالجة المواضيع التي بُحثت في اللقاء الثلاثي»، دخان ابيض يؤذن باستيلاد مخرج لأزمة التعطيل الحكومي.
وعلى الرغم ممّا تصفها مصادر موثوقة « النفحة الإيجابية» التي بعثها لقاء الرؤساء الثلاثة، غير انّ الاجواء، تضيف المصادر «ما زالت رماديّة، فثمّة محاولة جديّة جارية لبلورة حلّ، والأمور تُحسب بخواتيمها، حيث يُفترض ألّا يطول الوقت أبعد من نهاية الأسبوع المقبل حتى تنقشع الرؤية وتتوضّح الصورة ويتحدّد من خلالها المسار الذي ستنحى اليه الامور، إما في اتجاه البناء على هذه الايجابية او في الاتجاه الآخر وعودة الدوران المكلف في متاهة السلبية».
واذا كان الرؤساء الثلاثة مجمعين على ضرورة إنعاش الحكومة ومعالجة الأسباب التي دفعت الى تعطيل انعقاد مجلس الوزراء، فإنّ أوساط الرئاسات الثلاث تتجنّب الغوص في أفكار الحلول المطروحة، الا انّها تتقاطع عند التعبير عن الأمل في أن تتمكّن هذه الأفكار من تجاوز كلّ الموانع والتعقيدات، بما يفضي الى عودة مجلس الوزراء الى استئناف جلساته الاسبوع المقبل، وخصوصاً انّ ما يزيد على المئة بند تنتظر البتّ فيها في مجلس الوزراء على ما اعلن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي.
على انّ الحركة الداخلية، هذه، ستدخل في «استراحة سفر» مؤقتة، مع زيارة رئيس الحكومة الى الفاتيكان ولقائه اليوم بالبابا فرنسيس، وكذلك زيارة رئيس الجمهورية الاثنين المقبل الى قطر للقاء اميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والمشاركة في افتتاح فعاليات مناسبة رياضية. حيث املت مصادر سياسية مواكبة لجهود الحلحلة، ان تعود الحركة الداخلية الى الانطلاق بزخم اكبر بعد عودة عون من الدوحة الثلاثاء المقبل، في الاتجاه الذي يخدم احياء جلسات مجلس الوزراء.
هذا داخلياً، أما خارجياً ف أشارت "الجمهورية" الى ان اللافت للانتباه، هو الحضور المصري المكثّف على الخط الداخلي، الذي يتجلّى بالتحرّك اللافت لسفير مصر في لبنان ياسر علوي، في اتجاه كبار المسؤولين، مؤكّداً موقف بلاده الحريص على لبنان واستقراره.
وكشفت مصادر سياسية موثوقة لـ«الجمهورية»، انّ «الديبلوماسية المصرية، وانطلاقاً من حرص مصر على لبنان وامنه واستقراره، كما على امن واستقرار كل منطقة المشرق العربي، تحرّكت في الآونة الاخيرة في الإتجاه الذي يخدم بلوغ حل سياسي يعزز التفاهم بين اللبنانيين، ويرسّخ الامن والاستقرار في لبنان على كل المستويات، ويجنّبه أيّ توترات يمكن أن تحصل في أيّ مجال، وخصوصاً أنّ مصر التي تقف الى جانب الشعب اللبناني تعتبر أنّ الأزمة في لبنان باتت تهدّد بمخاطر كبيرة جداً على هذا البلد، وبالتالي لا بدّ من إرادة لبنانية جامعة على التصدّي لها».
واشارت المصادر، الى انّه ضمن هذا التوجّه، تندرج حركة السفير المصري في لبنان في اتجاه المسؤولين اللبنانيين، حيث اعرب عن القلق من تدهور الوضع في لبنان، مشدّداً على انّ مصر تنصح بالوحدة الوطنية، وتعرب عن تقديرها لكل الجهود الرامية الى احتواء الامور والتهدئة، وتهيئة المناخ لحوارات سياسية افضل ولتقارب وجهات النظر بما يؤدي الى انهاء التحدّيات الرئيسية.
وبحسب المصادر، فإنّ السفير علوي، اكّد للمسؤولين في لبنان دعم مصر القوي للحكومة واستمرار عملها، وأنّ على جميع اللبنانيين واجب الحفاظ على المؤسسات في لبنان وفي مقدمها الحكومة. مشدّداً على أنّ من مصلحة لبنان ان يستمر العمل الحكومي، وأنّ على الحكومة برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي مواجهة الكثير من التحدّيات والصعوبات، ومن الضروري ألّا يؤدي اي وضع الآن الى توقف عمل الحكومة او تعطيلها بما يضرّ مصلحة الشعب اللبناني.
وبحسب المصادر، فإنّ الديبلوماسيّة المصريّة ترى ضرورة ملحّة في تغيير الوضع الصعب القائم الذي يُقلق مصر على شقيقها الاصغر لبنان. مؤكّدة انّ مصر، تسعى، وستسعى لتحرّك جادّ يخدم مصلحة لبنان والشعب اللبناني.
وقال السفير علوي لـ«الجمهوريّة»: «انّ مصر تقارب واقع لبنان ضمن اولويتين مترابطتين، او تحديَين نعتبرهما سبيل خروج لبنان من ازمته، وهذا ما نشدّد عليه امام كل الاطراف، الاول حاجة لبنان الى الحفاظ على مؤسساته وادارة الوضع القائم والأزمة الحالية للتخفيف من وطأة الانهيار، والثاني ضرورة اجراء الانتخابات النيابية والرئاسية في مواعيدها، باعتبار انّ هذه الانتخابات بوجهيها النيابي والرئاسي خط احمر، لا يمكن القبول بالمساس به بأي حال من الاحوال. وبالتالي اعادة تكوين السلطة السياسية وشرعنتها بعد الانتخابات اياً كانت نتائجها، وهو الامر الذي يؤدي الى وقف الانهيار والخروج من الازمة».
دعم روسي: واسترعى الانتباه في الساعات الماضية حضور روسي لافت على المسرح الداخلي، اقترن برسائل دعم من القيادة الروسية للبنان. ونقلها السفير الروسي في لبنان الكسندر روداكوف الى كل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري. وتؤكّد من خلالها موسكو التزامها الدائم بدعم سيادة ووحدة لبنان، وبعدم جواز أي تدخّل خارجي في شؤونه الداخلية».
واوضحت مصادر مطلعة على الموقف الروسي لـ«الجمهورية»، انّ «موسكو تشعر بقلق بالغ حيال مستقبل الوضع في لبنان، جراء التطورات الدراماتيكية التي تتسارع فيه على مختلف الصعد، ويحدوها الامل الكبير في التقاء اللبنانيين على مصلحة بلدهم، وسعيهم الى احتواء الموقف وتجنّب دخول لبنان في اي منزلقات خطيرة».
وبحسب المصادر «فإنّ موسكو، وانطلاقاً من حرصها على لبنان، استجابت لطلب الحكومة اللبنانية في تقديم صور الاقمار الاصطناعية حول انفجار مرفأ بيروت، وفي الوقت نفسه تؤكّد على المسؤولين اللبنانيين ان يتنبّهوا الى انّ مخاطر تحدق بلبنان، وانّهم كلما عجّلوا في ايجاد توافق في ما بينهم، فذلك يصبّ في مصلحة لبنان، ويبعد عنه اي احتمالات شديدة الكلفة على لبنان والشعب اللبناني».