بعدما وضعت إسرائيل مفاوضات الترسيم الحدودي البحري على صفيح ساخن مشحون بأجوائها الانتخابية المحمومة، تواصلت خلال الساعات الأخيرة التسريبات الإسرائيلية لتسعير وهج التحدي للبنان، مؤكدةً غداة الإعلان عن رفض تل أبيب التعديلات اللبنانية على مسودة اتفاقية الترسيم "الاستعداد لإجراء اختبار على ضخ الغاز من حقل كاريش قريباً جداً وربما بداية الأسبوع المقبل". وعلى المقلب الآخر، بانتظار إطلالة الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله المرتقبة، تولى الوكيل الشرعي العام للسيد علي خامنئي في لبنان الشيخ محمد يزبك الرد المبدئي على التهديدات الإسرائيلية، معرباً أمس عن استعداد "حزب الله" لخوض الحرب، وقال: "ردنا واضح لا استخراج من كاريش قبل تحقيق مطالب لبنان… نحن لا نريد حرباً لكن إذا فرضت فإننا أهلها".وبمعزل عن أجواء التهديد والوعيد المتبادلة، أبدت وزارة الخارجية الأميركية مساءً اعتقادها بأنّ "التوصل إلى اتفاق لترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل لا يزال ممكناً"، وذلك بموازاة تلقي الجانب اللبناني ممثلاً بنائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب الردّ الإسرائيلي الرسمي على الملاحظات اللبنانية عبر الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين. وكشفت مصادر مواكبة للملف لـ"نداء الوطن" أنّ "اتصالات وتدخلات خارجية متسارعة جرت خلال الساعات الماضية مع كل من لبنان وإسرائيل لخفض منسوب التوتر والسلبية بين الجانبين"، موضحةً أنّ "واشنطن أكدت بشكل واضح للمعنيين من الجانبين عزمها وتصميمها على إنجاز ملف الترسيم"، كما نقلت المصادر أنّ "تطمينات فرنسية وردت إلى المسؤولين اللبنانيين مفادها أنّ الكلام الإسرائيلي العالي السقف هو لأغراض انتخابية بحتة وأنّ الأمور ليست بالسوء الذي ظهرت عليه عبر وسائل الإعلام الإسرائيلية، والمطلوب من لبنان في هذه المرحلة ضبط النفس والتحلّي بالصبر".وفي سياق متقاطع، أكدت مصادر لبنانية رسمية لـ"نداء الوطن" أنّ "الأجواء هدأت نوعاً ما وملف الترسيم لم يُقفل ولم ينتهِ بل يحتاج إلى مزيد من المشاورات لإنجاز بعض التفاصيل التقنية الدقيقة بالتشاور مع الوسيط الأميركي"، وأضافت": "قد يتأخر إنجاز اتفاق الترسيم بعض الوقت لكنّ أحداً ليس لديه مصلحة في "تطييره" خصوصاً وأنّ هناك رغبة أميركية حثيثة لإبرام هذا الاتفاق لما يحققه من استقرار في المنطقة"، مشددةً على أنّ "لبنان بصدد تدارس الرد الإسرائيلي بتمعّن، فإذا كان يمسّ جوهر الاتفاق الوارد في العرض الأميركي فإنّ ذلك سيستدعي عقد اجتماع على مستوى الرؤساء الثلاثة لتحديد الموقف، أما إذا كان الأمر متصلاً بتفاصيل تقنية معيّنة فسيصار إلى إحالتها إلى اللجنة التقنية لدراستها وإعداد التقرير اللازم بشأنها".
وفي هذا السياق اشارت صحيفة "الاخبار" الى ان نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب تسلم من الوسيط الأميركي عاموس هوكشتين رسالة تتضمن الملاحظات الإسرائيلية على المسودة وتعليقات العدو على التعديلات اللبنانية المقترحة، وسط مناخات في بيروت لا توحي بوجود عقبات كبيرة، مقابل انشغال العدو بانعكاسات موقفه من المطالب اللبنانية على الجمهور الإسرائيلي.
وفيما أعلن الرئيس نبيه بري أن لبنان غير معني بكل السجال الإسرائيلي المتعلق بالانتخابات، شدّد مصدر رسمي على أن ليس للبنان ما يقدمه من تنازلات، وهو الموقف الذي نقله زوار الرئيس ميشال عون عنه أمس، وفيه أن لبنان «يقف على أرض ثابتة، وقال ما لديه عن وعي وعلم، وأن الرد على آخر رسالة من هوكشتين سيكون واضحاً وقريباً جداً». بينما أعلن عضو شورى حزب الله الشيخ محمد يزبك أنه «لن يكون هناك استخراج من كاريش قبل تحقيق مطالب لبنان».
وقال المصدر إن الجميع، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، يعرفون أنه لا يمكن التسويف والمماطلة في الملف أكثر مما حصل حتى الآن. كما يعرفون أن لبنان لا يهتم بالتهديدات الصادرة عن قادة العدو السياسيين والعسكريين. وأن المعادلة واضحة وبسيطة: الاستقرار ثمنه حصول لبنان على كامل حقوقه.وتحدث المصدر عن مساع أميركية للعمل على صياغات مختلفة للبنود الواردة في المسودة، مشدداً على أن أي محاولة جديدة لإطاحة تعديلات لبنان ستواجه بالرفض، خصوصاً المسألتين اللتين تتعلقان بخط الطفافات حيث يصر لبنان أنه لا صفة قانونية لهذا الخط لا الآن ولا لاحقاً، وأن ما يجري هو ترسيم لحدود المناطق الاقتصادية وليس للحدود بين طرفين، كما أن للبنان الحق الكامل في العمل في حقل قانا وغيره من دون انتظار موافقة مسبقة من العدو بحجة أن إسرائيل تريد اتفاقاً مع شركات التنقيب.
وعلمت "الأخبار" من مصادر بارزة أن الفرنسيين دخلوا على الخط بعد التصعيد الإسرائيلي. ونقل الجانب الفرنسي رسالة عبرَ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بأن «إسرائيل لا تنوي التصعيد». وقالت المصادر إن «الأميركيين يقفون وراء الموقف الإسرائيلي.
