دخلت البلاد مدار عطلة أعياد الميلاد ورأس السنة ما سينعكس برودة سياسية وترحيلا للملفات والاستحقاقات وعلى رأسها الملف الرئاسي الى العام المقبل، المتوقع أن يكون حافلاً بالأحداث والتصعيد السياسي وتفاقم الأزمات الاقتصادية والمالية والتوترات الاجتماعية والأمنية وتصاعد الضغوط الخارجية السياسية والاقتصادية على لبنان.وأشارت أوساط سياسية لـ»البناء» الى أن لبنان «ليس على جدول أولويات المجتمع الدولي، والدليل أن البيان الختامي لقمة بغداد 2 خلا من أي إشارة الى لبنان وأزماته المتعددة وكذلك من أي لقاء ثنائي سعودي – إيراني ولا أميركي – إيراني تحت حجة أن موضوع القمة هو الشأن العراقي، ما يؤشر بوضوح الى أن لبنان لا يزال في ثلاجة الانتظار الإقليمية – الدولية حتى حصول مستجدّات وتطورات مفاجئة تفتح باب التسويات للكثير من الملفات».
وتخلص الأوساط الى أن ««لبنان مقبل على مزيد من التصعيد والتوتر خلال الأشهر القليلة المقبلة، لكن ذلك لا يعني غياب الحراك الداخلي والإقليمي والدولي بقيادة فرنسية لمحاولة التوفيق بين القوى الإقليمية المؤثرة في الساحة اللبنانية وإنتاج تسوية رئاسية تفتح باب الانفراج الاقتصادي، إلا أن هذه المحاولات والحراك المستمر لم يثمرا حتى اللحظة».
وعطفا على زيارة وزير الخارجية الإيطالية أمس، وما سيليها أواخر الشهر من زيارة سيقوم بها كل من رئيس الوزراء الإسباني ووزيرة الدفاع الفرنسية إلى بيروت، ومع تواتر المعلومات العابرة للحدود عن حراك خارجي يقوده الرئيس الفرنسي بالتكافل والتضامن مع واشنطن والرياض والدوحة لبلورة صيغة الحلول المؤاتية لوضعية التأزّم اللبناني، كشفت مصادر واسعة الاطلاع عن انطلاق "حراك بعيد عن الأضواء في المطبخ الداخلي تحضيراً لوعاء التسوية اللبنانية وفق مقادير الوصفة الخارجية".وأوضحت المصادر لـ"نداء الوطن" أنّ الاتصالات والمشاورات البينيّة تكثّفت في الآونة الأخيرة على أكثر من خط داخلي في محاولة لرسم معالم "خارطة الطريق" الآيلة إلى إيجاد أرضية مشتركة يمكن التأسيس عليها لبناء تصوّر رئاسي توافقي داخلي يلاقي الحراك الخارجي ويخفف من وطأة الضغوط والإسقاطات الخارجية في التسوية اللبنانية المرتقبة"، مؤكدةً أنّ "القوى الرئيسية في فريق 8 آذار بدأت تستشعر خطر الاستمرار في سياسة العرقلة والمراوحة، فقررت المضي قدماً في البحث عن صيغة حل للأزمة الرئاسية تستجيب لهواجس أكثرية أطراف الداخل وتستطيع أن تحظى بغطاء خارجي مساعد وضامن لتأمين مقوّمات نجاحها انطلاقاً من القناعة بأن أي حل لبناني داخلي لن يكتب له النجاح، رئاسياً واقتصادياً ومالياً، من دون تغطية دولية وعربية".بناءً عليه، توقعت المصادر أن "تبدأ التباشير العلنية للحراك الداخلي بالظهور تباعاً بعد عطلة الأعياد من خلال مبادرات متتالية تتولاها شخصيات اعتادت ان تنشط على هذا الخط"، مع التلميح في هذا المجال إلى اللقاء الذي جمع رئيس مجلس النواب نبيه بري مع المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم في عين التينة وتمحور في جانب أساسي منه على الملف الرئاسي إلى جانب استعراض نتائج زيارة ابراهيم الى العراق، معربةً عن اعتقادها بأنّ "المبادرة التي ستنطلق مع بداية العام الجديد لن تكون محصورة بالرئاسة الاولى فقط، إنما قد تشمل سلة من التفاهمات التي تطال الحكومة والعناوين الإصلاحية المطلوبة وكيفية مقاربة ملف النفط والغاز مع اقتراب بدء الكونسورتيوم الحفر في البلوك الرقم 9، وصولاً الى كيفية استكمال تنفيذ دستور الطائف، بعدما أبدى الخارج تمسكاً حاسماً بهذا الدستور اللبناني وتأكيداً على ضرورة تطبيقه بكامل بنوده".
