مع ان الصورة العامة للمجلس المنتخب بقدامى أعضائه والجدد منهم، كانت اتضحت الى حدود بعيدة قبل اكتمال اعلان النتائج الرسمية امس، فان نتائج الدوائر الثلاث في الشمال وبيروت الثانية جاءت لتكرس الصورة المختلفة تماما للبرلمان الجديد الذي اول ما يميزه انه ازاح أكثرية 8 اذار عن سيطرتها واسقط اكثريتها بشكل مثبت بحيث لم يعد نواب الثنائي الشيعي مع حليفه “التيار الوطني الحر” وحلفائهما يشكلون الأكثرية بل تراجع عددهم الى نحو 59 نائبا. ثم انه رغم مسارعة رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل الى التباهي بان “التيار” لديه اكبر كتلة في المجلس المنتخب، بدا واضحا انه اتبع سياسات الانكار واتهام خصومه “بانتصار وهمي” متجاهلا النكسة الكبيرة التي مني بها والاختراق المسيحي الأقوى الذي حققه حزب “القوات البنانية” الذي كبر حجمه من 14 نائبا الى 18 نائبا صافيا من دون حلفائه فيما حجم كتلة “التيار” تراجع على الأقل تسعة الى عشرة مقاعد فبات عدد أعضائه 18 من دون حلفائه.
اما الميزة الثالثة للمجلس الجديد فتتمثل في انه بتوزع تكتلاته المستعادة والجديدة مقبل على كسر الثنائية الحصرية بين أكثرية واقلية تقليديتين كانتا تكرستا بصراع معسكري 14 اذار و 8 اذار . فالثابت أيضا ان مجموع التكتلات الخارجة عن محور 8 اذار والأكثرية السابقة التي حملتها الانتخابات الأخيرة الى البرلمان المنتخب، تشكل أكثرية جديدة ويبلغ عدد نوابها مبدئيا 69 نائبا. ولكن توزع التكتلات هذه لا يتيح بعد رسم اطار جبهوي واحد للاكثرية الجديدة لكونها موزعة على ثلاث تكتلات أساسية: أولا التكتل الذي يضم الكتل السيادية وهو الأكبر وفي مقدم هذه القوى واكبرها “القوات اللبنانية” ومن ثم الحزب التقدمي الاشتراكي فالكتائب والنواب “المتحدرين” من التحالف السيادي سابقا في مختلف المناطق. ثانيا التكتل الجديد المنبثق من انتفاضة 17 تشرين وحركة المجتمع المدني والذي يربو عدده على 14 نائبا جديدا . ثالثا النواب المستقلون الموزعين بين قدامى وجدد . لذا يبدو المجلس المنتخب الجديد امام تجربة مختلفة يصعب الجزم مسبقا باي الية ستتسم عبرها عمليات توزع القوى وهل سيكون ثمة اطار جامع لمجمل هذه التكتلات في مواجهة تحالف الثنائي الشيعي و”التيار الوطني الحر” .
أما يوم السبت فتنتهي ولاية المجلس الحالي فيما يُنتطر توجيه الرئيس نبيه بري، بصفته رئيس السن، الدعوة الى المجلس الجديد لانتخاب رئيس المجلس النيابي ونائب لرئيس المجلس وانتخاب اللجان النيابية ورؤسائها، بدءاً من الأسبوع المقبل.
وكشفت مصادر متابعة انه فور الاعلان عن النتائج الرسمية للانتخابات النيابية، بدأت حركة اتصالات متواصلة بين مجموعات النواب التغييرين، والمستقلين مع بعض الاحزاب والقوى السيادية، للتشاور وتبادل الاراء، بخصوص المباشرة بتشكيل آلية تواصل وتنسيق مستمرة بين هذه القوى، لاقامة نواة تجمع سياسي نيابي،للعمل معا في المرحلة المقبلة، واتخاذ موقف موحد في مقاربة الاستحقاقات الداهمة،لاسيما منها انتخابات رئاسة المجلس النيابي، وتاليف الحكومة الجديدة، وانتخاب رئيس جديد للجمهورية في الخريف المقبل.
واشارت المصادر الى ان الاتصالات، مازالت في مراحلها الاولى،وينتظر ان تتواصل بوتيرة متسارعة خلال الأيام المقبلة، لملاقاة بداية انعقاد مجلس النواب وتسمية رئيس للحكومة، والانتخابات الرئاسية لاحقا ،وشددت على ان التنسيق بين هذه القوى ومواجهة الاستحقاقات بموقف موحد، هدفه التأثير بقوة في تحديد الخيارات الوطنية الصحيحة، لمصلحة كل اللبنانيين، لاسيما في الخيارات الاساسية والاستحقاقات المقبلة، بينما يؤدي التفرد، واتخاذ مواقف محصورة من جانب واحد، وبمعزل عن اطار جامع،الى تبعثر جهود هذه القوى واضعاف تاثيرها في مجريات الامور،والبت في القضايا والمسائل المطروحة.
