كما كان متوقعاً لم تأتِ الجلسة التاسعة للمجلس النيابي لانتخاب رئيس للجمهورية بمتغيرات ومفاجآت، لكن الجديد هو تعادل عدد أصوات النائب المرشح ميشال معوض مع عدد الأوراق البيضاء، ما يؤشر الى بداية تحول واستدارة في موقف التيار الوطني الحر وافتراقه عن حزب الله في الملف الرئاسي، إذ وزع تكتل لبنان القوي أصواته بين الورقة البيضاء وعدة مرشحين كترجمة لكلام رئيسه النائب جبران باسيل في مؤتمره الصحافي أمس الأول بأنه في حلٍ من أمره بموضوع التصويت، وهذا التعادل السلبي في الأصوات كان أولى انعكاسات الخلاف بين «حارة حريك» و»ميرنا الشالوحي» على الصعيد الرئاسي بعد الحكومي.
على طريقة المثل الشعبي "بدل ما يكحلها عماها"، جاءت مجريات الجلسة التاسعة لمجلس النواب لانتخاب رئيس الجمهورية امس لتطلق العنان حتى من قلب المجلس وباصوات نواب لادانة تتسع باطراد للسلوكيات الهزلية التي تسخف اخطر استحقاق دستوري ترتكز اليه صورة الهيبة والجدية للأصول الديموقراطية الجادة. وبلغ الجانب المستخف بالاصول ذروة خفته وهزاله بعدما قرر فريق "التيار الوطني الحر"، "الحردان"، استعمال الجلسة وتوظيفها "نصف بريد" الى حليفه "حزب الله" على طريقة مهاجمته من دون تسميته، وذلك بتصويت هزلي زج فيه اسم المرشح الوحيد الجدي الثابت، وهو مرشح المعارضة النائب ميشال معوض، عبر توزيع خمس أوراق تحمل نصف اسمه لـ"التمريك" على حليف لم يجرؤ على تسميته ومن ثم سارع الى لقائه في قلب المجلس النيابي إياه عقب الجلسة
بهذه الرمزية الخفيفة وسواها، عادت انغام الحوار لترتفع في الجلسة ما قبل الأخيرة هذه السنة قبل ان يتم ترحيل الجلسات ومعها الاستحقاق الرئاسي ومعهما ازمة الفراغ الرئاسي الى السنة 2023 ، اذ ستكون الجلسة العاشرة الخميس المقبل الاخيرة هذه السنة ما لم يطرأ ما يحول الجلسة الانتخابية الى جلسة حوارية كما دعا الى ذلك رئيس مجلس النواب نبيه بري في ختام الجلسة .
العودة الى طرح الحوار طريقا او محاولة الى كسر الانسداد والدوران في دوامة العقم التي تطبع جلسات انتخاب رئيس الجمهورية، بادر اليها بري ردا على مداخلة "مهذبة" لعضو "كتلة الجمهورية القوية" النائب فادي كرم الذي حذر من ان "البلد ينهار" وخاطب بري من موقع كون الأخير "من اكبر المسؤولين عن تدارك الأمور ويمكنكم دعوة جميع المقاطعين الى وقف هذه المقاطعة". ولاقى كلامه استحسانا واسعا. وقال الرئيس بري في نهاية الجلسة: "الجلسة الاخيرة قبل آخر السنة الساعة الحادية عشرة قبل ظهر الخميس المقبل، وآمل من الان الى الخميس ان آخذ رأي الكتل جميعها في الحوار، اذا حصل فسأحولها الى حوار، واذا لا فعندئذ نذهب الى آخر السنة".
وبحسب مصادر نيابية، انه لا معنى لأوراق التيار البرتقالي في جلسة امس، سوى ارسال رسالة «للثنائي الشيعي» ان ما هدَّد به باسيل عن عدم التنسيق في ما خص انتخاب الرئيس ماضٍ به، وما جرى في الجلسة-9 هو الدليل على جدية رئيس التيار..
ان النقطة الثانية، فتتصل باطلاق الرئيس نبيه بري دعوة لرؤساء الكتل النيابية، لاعطائه جواباً في ما خصَّ رأي النواب والكتل جميعاً بموضوع الحوار في مجلس النواب، واذا كان الرأي ايجابياً فستتحول جلسة الخميس المقبل، وفي تحمل رقم 10 الى جلسة للحوار، وإلَّا فتبقى جلسة انتخاب، ولكن اخيرة لهذا العام.
وعلقت مصادر سياسية بأن ما حصل يؤشر إلى أن «التيار الوطني الحر يحفظ خط الرجعة مع حزب الله حتى الآن، إذ لم يخرج نهائياً من خيار الورقة البيضاء ولم يذهب إلى تسمية مرشح محدد»، خصوصاً أن باسيل الذي «يبدو الأكثر انضباطاً وهدوءاً بين التياريين في مقاربة الخلاف يدرك ضيق الهوامش أمامه وخطورة الانفصال الكلي عن حزب الله وأهمية التحالف الاستراتيجي معه، مع علمه أن من هم في الداخل والخارج ينتظرون فرصة للتضييق عليه وعزله».
