غداة الدوي الحاد الذي احدثته مواقف القوِى المعارضة المسيحية بلسان كل من رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع في مهرجان معراب ورئيس حزب الكتائب سامي الجميل في حديث تلفزيوني، بدا واضحا ان الفرز السياسي العريض في البلاد بات يقف عند “اشتباك ” غير مسبوق على خلفية تحديد الكتل النيابية والقوى السياسية مواقفها من “ازدواجية” في الحوار المطروح ما بين “حوار محلي” اطلق الدعوة اليه رئيس مجلس النواب نبيه بري و”حوار فرنسي ” اطلق الدعوة اليه الموفد الفرنسي جان ايف لودريان، وليس من الثابت او المؤكد بعد ما اذا كان طرح الحوار الثاني يحظى فعلا وجديا بدعم مجموعة الدول الخماسية التي أصدرت بيان جدة الأخير. ولذا ستتسم الأيام المقبلة التي ستسبق وصول لودريان الى بيروت بحيوية سياسية تصاعدية اذ انطلق كل من الفريقين العريضين المتصارعين في معترك الازمة الرئاسية لتحصين أوراقه ومواقفه الحاسمة من ملف “الحوارين”، وينتظر من الان حتى موعد زيارة لودريان ان ينهي عدد وافر من النواب المستقلين او المحايدين وقوفهم عند ضفة المتفرجين لان الضغط السياسي التصاعدي سيبلغ ذروته مع وصول لودريان تحسبا للاحتمالات التي تنتظر مصير مبادرته ولو ان المؤشرات الحالية تنذر باخفاق دعوته الى الحوار مثلما سيكون عليه مصير دعوة الرئيس بري أيضا ما لم تحصل مفاجآت غير محسوبة اطلاقا. وقد اثارت اهتمام القوى السياسية بداية تحركات لعدد من سفراء الدول المنخرطة في مساعي الحل للازمة الرئاسية اذ ينتظر ان تتكثف زيارات السفراء للمراجع السياسية في الاتي من الأيام بما قد تتكشف معه بعض خيوط الاتجاهات الخارجية في شأن لبنان قبيل استئناف التحرك الفرنسي في اتجاه محاولة انهاء الشغور الرئاسي في الأسابيع المقبلة .
أوساط بارزة في المعارضة قالت ل «نداء الوطن»: «هناك حراك دولي كبير في الموضوع الرئاسي، وهذا من الأسباب التي دفعت بري الى مبادرة أيلول كي يجنّب نفسه تجرّع الكأس المرّة على هذا الصعيد. كما أنّ هناك حراكاً قطرياً وأميركياً وسعودياً، نقل المبادرة من اليد الفرنسية الى مكان آخر. وبالتالي، هناك ضغط كبير من أجل انتخاب رئيس للجمهورية، في مرحلة تشدد ديبلوماسي ظهر في أكثر من مكان وآخره في قرار التمديد لـ»اليونيفيل»، وقبل ذلك في اجتماع اللجنة الخماسية، وهو يظهر حالياً في الوضع السوري وفي انهيار الليرة والموقف الواضح لحاكم مصرف لبنان بالإنابة. وبالتالي، ما بين مطرقة الانهيار وسندان الضغط الدولي والاميركي تحديداً، والمبادرات القطرية بالتواصل مع السعودية والتشديد على المسائل الأساسية، تشعر جماعة الممانعة أن «لا شيء ماشي». ولفتت الى أنّ الرئيس بري «يحاول الذهاب الى وضعية لا يكون معها فريق الممانعة قدم تنازلاً كاملاً، بل تراجع مثلاً 90 درجة بدلاً من 180 في محاولة لفتح أفق ما، لكن المعارضة تقفل الطريق أمام هذه المحاولة برفض الذهاب الى أي وضعية غير دستورية لانتخاب رئيس للجمهورية» . وخلصت الأوساط الى القول: «هناك شيء ما يحصل. ومن ذلك، موجة ضد الممانعة غير قادرة على الالتفاف عليها ما يعيدها الى المربع الأول».
أضافت: أن الموفد الأمني القطري سيزور لبنان في العشرين من الجاري لإجراء اتصالات بالمسؤولين والقيادات السياسية تتناول تطورات الاستحقاق الرئاسي.
ونقلت ” اللواء” مصادر متابعة للحركة الفرنسية ان لا شيء جديداً لديها حتى الآن بإنتظار ما سيحمله لو دريان، وان جولة السفير الفرنسي الجديد هي للتعارف والاستماع الى ما لدى القوى السياسية وابلاغ ادارته بنتائجها.
وفي السياق، المتصل باستحقاق ايلول الحواري، وربما الرئاسي، تخطت زيارة السفير القطري الجديد الشيخ سعود عبد الرحمن بن فيصل آل ثاني طابع الزيارة البروتوكولية الى عين التينة، لمناسبة توليه مهامه كسفير لبلاده فوق العادة ومفوضاً في لبنان، المناسبة الى التطرق الى الظروف المحيطة بالاستحقاق الرئاسي، وصعوبات التواصل بين الاطراف اللبنانية.
وتحدثت بعض المصادر عن وصول موفد قطري قبل مجيء لودريان او بالتزامن مع زيارته.
وأوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن الأسبوع الراهن قد لا يحسم مصير الحوار الذي يريده رئيس المجلس واعتبرت أن الاشتباك قد يزداد بين معارضي ومؤيدي الحوار نفسه.وقالت أن المعطيات الرئاسية على حالها وقد تبقى على هذا المنوال لفترة من الوقت في حين أن موقف البطريرك الراعي منه هذه المرة يقتضي التوقف عنده دون معرفة ما إذا كان هناك من اتصالات سيقوم بها من أجل تليين ردود الفعل المتصلبة بشأنه.
إلى ذلك رأت أن ما من مناخ سياسي يمهد لهذا الحوار وبالتالي فإن المرحلة مقبلة على سيناريوهات أولها وليس آخرها إطالة الأزمة إلا إذا برز ما قد يدفع إلى التفاؤل بإجراء الانتخابات الرئاسية في المدى المنظور.