يصل اليوم الى بيروت الموفد الرئاسي الاميركي آموس هوكشتاين، في ظروف عسكرية وحزبية وسياسية ودبلوماسية صعبة التشابك، وفي محاولة لفك الارتباط بين تسوية الوضع في لبنان بصرف النظر عن مسار: اليوم التالي بعد توقف الحرب على غزة الذي لم يكن من مناص امامه سوى اعلان ان الحرب يجب ان تستمر، لأن وقفها الآن يعني انتصاراً لحماس.
وبمعزل عن الاشتراطات التي سبقت وصوله الى بيروت، لجهة طبيعة الحل الذي يحمله او يسعى اليه، فإن مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والنقاط البرية الـ13 العالقة عند الحدود الجنوبية، يتعين ان تكون في صلب مهمة هوكشتاين، إن لم يكن على مستوى العمل، فأقله على مستوى النظر.
وحسب مصادر واسعة المتابعة في «الثنائي الشيعي» فإن البحث في اية صيغ لمعالجة الوضع الحدودي، غير قابلة للترجمة، خارج ما يمكن وصفه تلمُّس خارطة طريق اميركية لإنهاء الحرب في غزة.
وفهم ان هوكشتاين يحاول استطلاع المدى الذي يسعى لمعرفته، الامر الذي حوّل زيارته الى «زيارة استطلاع» ومعرفة الموقف من النقاط التي وصلت الى لبنان عبر شخصيات قريبة من اطراف السلطة.
ولفتت أوساط مراقبة لـ«اللواء» إلى أن اجتماعات الموفد الأميركي تخرق رتابة المشهد المحلي نظرا لما يمكن أن تحمله معها على صعيد ملف جبهة الجنوب في الوقت الذي لا يعول عليها البعض ما لم تأت زيارته بمسعى يتصل بكيفية إرساء الاستقرار، وأشارت إلى أن النقاط التي يتطرق إليها آموس هوكشتين تتركز على موضوع الاشتباكات في الجنوب والقرار ١٧٠١ وكيفية العمل على حل من أجل وقف الحرب على الحدود، مؤكدة أن ما قد يسمعه الموفد الأميركي هو التشديد الرسمي على أهمية وقف إسرائيل اعتداءاتها واحترام لبنان القرارات الدولية.
وقالت لـ«اللواء» ان تكون زيارته خطوة في سياق زيارات متتالية له بعد أن يسمع من المعنيين طروحاتهم، أما إذا كان مصرا على الأسراع في العمل على حل، فإنه يدرك أن هناك اتصالات تتم مع حزب الله.
وفي ظل ذلك تجمع المعطيات المتوافرة على ان الشق الأساسي والعاجل من مهمة هوكشتاين يتصل بمحاولة أميركية متقدمة لتهدئة الجبهة الجنوبية اللبنانية وتقليص رقعة خطر اشتعالها وتبريدها تمهيدا للشق الثاني المتعلق باحياء جهود هوكشتاين لاطلاق مفاوضات في شأن اتفاق لبناني – إسرائيلي برعاية اممية وأميركية لانهاء النزاع على الخط الأزرق الحدودي. وتنفي المعطيات نفسها في هذا السياق ان يكون الوسيط الأميركي في وارد اثارة مسالة بت النزاع المعقد على مزارع شبعا المحتلة اقله في اطار مهمته الحالية علما ان الكثير مما تردد أخيرا في لبنان حيال هذا الامر بدا “من صناعة محلية” صرفة ولم يكن الاميركيون وراءه كما ثبت. ولعل ما ينبغي الإشارة اليه ان الاصداء التي يفترض ان تتركها مهمة هوكشتاين قد يتردد صداها في الكلمة الجديدة التي سيلقيها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الأحد المقبل في الساعة الثانية بعد الظهر، في مناسبة مرور أسبوع على اغتيال القيادي في “حزب الله” وسام الطويل.
ووفق معلومات لـ»نداء الوطن» من مصدر ديبلوماسي، أنّ هوكشتاين سينقل مطلباً إسرائيلياً رئيسياً هو «عودة سكان مستوطنات الشمال أولاً، قبل البحث في أي أمر آخر». وقال المصدر إنّ الجانب الإسرائيلي «يرفض أي اقتراح لا يتضمّن وقف «حزب الله» إطلاق النار في الجنوب وتطبيق القرار 1701». وأبدى المصدر خشيته من عدم تجاوب «الحزب» مع التحذيرات التي نقلها الموفدون الغربيون، والتي سينقلها اليوم موفد الرئيس بايدن. وقال: «لا يزال «الحزب» يراهن على الأميركيين كي يمارسوا ضغطاً على إسرائيل كي لا توسّع النزاع على الجبهة الجنوبية، لكن هذا الرهان خاطئ كلياً». وشدّد المصدر على أنّ تل ابيب لن تقبل إضاعة الوقت ما يؤخر عودة سكان الدولة العبرية الى المناطق المحاذية للحدود مع لبنان. وقدّر أنّ هوكشتاين، أياً تكن نتائج محادثاته اليوم في بيروت، يسعى الى التحضير لـ»اليوم التالي» بعد انتهاء حرب غزة لاحقاً.