انفجار التلَيل أمام المجلس العدلي بسرعة قياسية…فمتى العدالة لضحايا المرفأ ؟

004-1235 (1)

كتب المحرّر القضائي

من الدلالات الهامة على عودة انتظام العمل الى الجسم القضائي بدءاً من الأسبوع المقبل بعد اعتكاف نفّذه غالبية القضاة استمر من آب الماضي، تحديد أولى جلسات المحاكمة في ملف إنفجار خزّانات الوقود في بلدة التلَيل العكارية أمام المجلس العدلي، الذي سيلتئم بعد انقطاع دام نحو ثلاث سنوات عند الساعة العاشرة من قبل ظهر يوم الجمعة ١٣ كانون الثاني الجاري في قصر العدل في بيروت.
وللتذكير فإن الانفجار وقع في ١٥ آب ٢٠٢١ وأدى الى سقوط ٣٦ ضحية وعشرات المصابين بحروق من عسكريين ومدنيين من بلدة التليل وبعض القرى المجاورة، وهو قد أُحيل على المجلس العدلي بناءً على مرسوم صدر عن حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، علماً بأن القرار الإتهامي صدر عن المحقق العدلي القاضي علي عراجي في أواخر تموز الماضي أي بعد ١١ شهراً على وقوع الإنفجار، ما يعني أن القرار إتخُذ بسرعة قياسية على خلاف ما يحصل في ملف انفجار المرفأ، وقد وصف بأنه قرار مفصّل وغير متشعب وهو يتضمن رواية رسمية معزّزة بأدلة قانونية، من هنا فإنه من المتوقّع أن تكون المحاكمات سهلة وقادرة بسرعة على تبيان هويات المدّعى عليهم وعددهم ثمانية، مع الإشارة الى أن القسم الأكبر منهم موقوف.
الوقائع الواردة في متن القرار الإتهامي حتّمت إجراء المحاكمات أمام المجلس العدلي الذي هو "محكمة" الجرائم الواقعة على أمن الدولة، لأن ما حدث كان من أشد الجرائم خطراً وتأثيراً على الأمن الاجتماعي والقومي، علماً بأن القرار لم يأتِ على ذكر أية عناصر عسكرية، ما أدى الى تحييد المؤسسة العسكرية عن أي مسؤولية في هذه الجريمة، مع حفظ حق قيادة الجيش في تقديم الدعاوى اللازمة في حق المدّعى عليهم.
مجموع المدّعين في هذا الملف وصل الى ٦٩ شخصاً أسقطَ منهم حوالي ٢٠ حقوقهم الشخصية أمام المحقق العدلي، علماً بأن إسقاط الحق الشخصي لا يؤثر على مجريات الدعوى أمام المجلس العدلي، وأن كل ما يمكن أن يحصل هو تخفيف العقوبة على المدّعى عليهم، الذين إتُهم بعضهم بجريمة التسبّب بموت أشخاص من غير قصد، واحتكار المحروقات وبيعها في السوق السوداء كما تهريبها الى سوريا عبر معابر عدة، مع الإشارة الى أن قرار القاضي عراجي أسندَ إتهامات إضافية الى المدّعى عليهم منها جرائم تبييض الأموال الناتجة عن أفعال جرمية، والقيام بأعمال إرهابية لناحية إيجاد "حالة رعب" تُرتكب بواسطة الأدوات المتفجرة والمواد الملتهبة( مازوت وبنزين) إضافة الى الظنّ بعدد منهم بجرائم التهرّب الضريبي والاحتكار.
هي أيام فاصلة عن بدء مسار إحقاق الحق لضحايا حريق تسبّب به جشع التجار وإهمال الدولة معاً، فهل سيكون هذا المسار أمام مجلس هو بمثابة "محكمة درجة وحيدة" لا تقبل أحكامها أي طعن، بارقة أمل لأهالي ٢٢٠ ضحية والآف الجرحى ذنبهم الوحيد أنهم كانوا موجودين عند الساعة ٦،٠٧ دقائق من عصر الرابع من آب ٢٠٢٠ داخل مرفأ بيروت أو في محيطه؟

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: