آخر الكلام في العام 2025

WhatsApp Image 2025-12-31 at 08.44.06

كتب عبد الفتاح خطاب:

مرّت عقود طوال عجاف على اللبنانيين وهم يُشيّعون الأيام باللعنات كلّ مساء، وتنتعش تمنياتهم مطلع كل نهار بأن يأتي يومهم هذا "بما لم تستطعه الأوائل" من استقرار وأمان ورغد عيش وراحة بال وكرامة وأمان وتفاهم ومحبة وعدل ومساواة... وإرساء الانتماء غير المشروط إلى الوطن!

وبالنسبة إلى لقمة العيش، أمل اللبنانيون أن يَشبعَ "أكلة الجبنة" لربما يحظى الناس بفُتات يُقيم أودهم وأود عيالهم، ويُوقف هجرة فلذات أكبادهم.

أما بالنسبة إلى الوضع الداخلي، فقد انتظر الناس الغلابة "أن يَهْدِي الله" الزعماء والمتزعمين و"الزوعيميين" وأشباه الزعماء ومشاريع الزعماء والطامعين بالزعامة، وكل "من ركب على ظهرنا"... وأن يتركونا نهنئ بالعيش أشهراً قليلة، أو حتى أسابيع وأيام، من دون نكد ومُساجلات وجرّ البلد إلى الصدام وحافة الانفجار والتفكك... "عا لصغيرة والكبيرة".

المصيبة أن الجميع ينتظر ويراهن على تطور الأحداث الإقليمية والدولية، وما سيؤول إليه اتفاق وقف إطلاق النار وهل ينسحب العدو وهل تندلع الحرب ثانية، وتطورات المواجهة المُسْتَعِرَة مع إيران، ونتائج سعي الموفدين والوسطاء ولجنة "الميكانيزم"، وماذا سيفعل الرئيس ترامب... وربما مصير الحرب الروسية الأوكرانية... وبالطبع ملف غزة!

وهكذا نحن... ننتظر طويلاً "فيض" الآخرين تجاهنا، و"فتات رضاهم". ويمرّ العمر قهراً وعُسراً، ومع ذلك ننتظر ساعة بعد ساعة، ويوماً بعد يوم، وسنة تتبعها أخرى... في إطار مقولة "لعل وعسى"، و"غداً يوم آخر".

وكالأغنام البلهاء الصاغرة الذليلة... سرنا خلف زعيم زُقاقنا، وحيّنا، ومنطقتنا، وعشيرتنا، ومذهبنا... وأعدنا انتخابه وتثبيت موقعه وسُلطته (هو وعائلته وسليلته وأنسباؤه ومريدوه واتباعه وأصدقاؤه وأزلامه وزبانيته)، مثنى وثلاث ورباع وسُباع وتُساع واثنان وعشرون، كي يُحسن التسلّط علينا والإمساك برقابنا... واغتصابنا!

لكن تبقى الحقيقة حقيقة، ولو علاها الصدأ والغبار والضباب والأوساخ، وغشيتها المغالطات والأكاذيب... وهي أن مستقبلنا ومستقبل أبنائنا وأحفادنا لا يجوز أبداً أن يصيغها الزعيم، ولا يجوز أبداً أن يصنعها الآخرون، ولا يجوز أبداً أن يكتبها الآخرون، ولا يجوز أبداً أن يصبغها الآخرون، وأن قدرنا بيدنا إذا شئنا ذلك، وإذا اجمعنا على ذلك، وإذا عقدنا العزم على ذلك، وما عدا هذا فهو وهمٌ وسرابٌ وخداعٌ وباطل.

أملنا بمعجزة أن يتمخض الشعب ويلد انتفاضة تُشعل تغييراً تاماً وثورة شاملة لا تُبقي ولا تذر من بنيان الفاسدين والطُّغَاة، جميعهم من دون أي استثناء... ويبقى الرجاء الدائم في تدبير ربّ العالمين الذي يُمهل ولا يُهمل.

من صقيع الغُربة ووحدتها وحدّتها، ووحشتها ووحشيتها، وخباياها وخيباتها، من قلب حزين ملتاع مكلوم منفطر منكسر مهزوم، أكتب آخر الكلام في العام 2025... آملاً وراجياً... ويبقى الله هو الملاذ الأوحد والأعظم والأقوى، سبحانه لا يملّ من عباده رغم تقصيرهم وجحودهم.

واستودعكم الله الذي لا رجاء ولا مُغيث غيره.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: