"أبو الفضل" أمام القضاء.. محاكمة سريعة ومن "الصفر"

317266356852

في حمأة المهرجانات الصيفية وزهوها، لم يتنبّه أحد الى سؤال طرحه الفنان محمد شاكر نجل الفنان فضل شاكر على الجمهور الحاضر في أكثر من مناسبة غنائية عندما سأل من على المسرح "اشتقتوا لأبو الفضل؟"، والمقصود فضل شاكر، ليأتي الجواب بالإيجاب من الحضور وفي أكثر من حفلة.

هذه الواقعة التي مرّت مرور الكرام في حينها يبدو أنها كانت محاولة جس نبض لمعرفة مدى تجاوب الجمهور والرأي العام مع عودة الفنان فضل شاكر الى المشهد الفني، وهي حتماً أتت بالتزامن مع مفاوضات مع جهات معنية كتوطئة لتسليم شاكر نفسه الى القضاء العسكري كما حدث يوم السبت الماضي، وهي القضية التي أثارت لغطاً كبيراً في الشارع اللبناني الذي انقسم كما العادة بين مؤيد رأى فيها خطوة ناضجة شجاعة تعزّز قرينة البراءة لديه وقد تبعها إطلاق "هاشتاغ" "العدل لفضل شاكر"، ومعارض يعتبره مسؤولاً عن خطاب تحريضي وأن يديه ملتخطتان بالدم وأن العدالة لا تُقاس بالشهرة والنجومية.

في كل الأحوال، هذه الخطوة قد تفتح الباب أمام تسوية قانونية تعيد شاكر الى الواجهة الفنية في حال تمت تبرأته أو تخفيف العقوبات عنه خصوصاً في ظل جوٍ عام في البلد يراهن على مسار تشكيلات قضائية تسعى الى الحد من التدخلات السياسية وحتى من نفوذ حزب الله داخل المحكمة العسكرية، علماً أن شاكر تعرّض خلال فترة هروبه الطويلة من وجه العدالة (١٢ عاماً) الى حملة إعلامية من قبل "الحزب" وفريق الممانعة على خلفية تأييده للثورة السورية آنذاك ومعارضته لتدخل حزب الله في القتال في سوريا.

في المسار القانوني، كل الأحكام الصادرة بحقه غيابياً ستُعاد بعد سقوطها تلقائياً بتسليم نفسه كما حدث يوم السبت الماضي.

فريق شاكر القانوني بصدد الطلب بشكل عاجل من المحكمة العسكرية الدائمة إعادة محاكمته من نقطة "الصفر" لأن كل الأحكام الغيابية وعددها سبعة التي صدرت بحقه تُعتبر لاغية، فما هي هذه الأحكام؟

القضاء العسكري أصدر في العام ٢٠٢٠ حكمين غيابيين قضى الأول بسجنه مدة ١٥ عاماً مع الأشغال الشاقة وتجريده من حقوقه المدنية لإدانته بجرم التدخّل في أعمال إرهابية جنائية  قام بها إرهابيون، مع علمه بالأمر عن طريق تقديم خدمات لوجستية لهم، والثاني قضى بسجنه ٧ سنوات مع الأشغال الشاقة وغرامة مالية بتهمة تمويل جماعة الشيخ المتشدّد أحمد الأسير والإنفاق على أفرادها وتأمين أسلحة وذخائر لها، لكن في العام ٢٠١٨ صدر حكم غيابي أيضاً ببراءته من تهمة قتل عسكريين خلال معارك عبرا بعد عدم ثبوت الأدلة خصوصاً أنه وخلال جلسات محاكمة الشيخ الأسير والموقوفين معه في معركة عبرا لم يرد إسم شاكر أبداً من قبل أحد منهم ولم يدلِ أحد بإفادة حول حمله للسلاح أو إطلاق النار باتجاه عناصر الجيش اللبناني أو التحريض على الجيش، ما يعني أن إفادات الشهود وتسجيلات كاميرات المراقبة لم تثبت أي مشاركة له في معركة عبرا، وبالتالي لم يكن لشاكر دور محوري كبير في تلك الأحداث وأن المعطيات أثبتت أنه لم يشارك ميدانياً فيها.

شاكر سيقف أمام المحكمة العسكرية ليُحاكم بثلاث تهم متبقية وهي: حمل السلاح وإطلاق النار وتأليف جمعيات مسلحة للإخلال بالأمن الداخلي.

الإفراج الفوري عن شاكر غير وارد راهناً بانتظار استكمال المحاكمة الى حين صدور الحكم النهائي مع فارق بأن المحاكمة قد تجرى بوتيرة سريعة نظراً لتلقيه ضمانات بذلك، علماً أنه يُحكى في هذا السياق عن تسوية بواسطة جهات عربية وأن فضل سيغادر لبنان فور صدور حكم ببراءته للإقامة في إحدى الدول العربية.

في المحصلة، المحاكمة ستكون علنية وضمن الأطر القانونية لتبيان براءة فنان اشتهر بأدائه المميز وإحساسه العالي قبل أن ينقلب المشهد بشكل دراماتيكي حين أعلن التزامه بقضايا دينية وسياسية، فهل يعود صاحب أغنية "يا غايب" لمدة ١٢ عاماً في مجاهل مخيم عين الحلوة الى الواجهة الفنية قريباً؟ فلننتظر كلمة القضاء.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: