Search
Close this search box.

“أثمان” حروب الممانعة: رضيَ القتيلُ ولم يرضَ القاتلُ

flag

ان الاعتقاد الذي يقول بأن التاريخ يكتبه المنتصرون فيفرضون قصتهم وسرديتهم وروايتهم ويحذفون بجرة قلم كل ما لا يناسبها، تسقطه الجهود المبذولة لوقف تشويهات هذا “المنتصر” وكما تدحضه الوقائع من هذا التاريخ والوثائق والمعطيات والأدلة التي لا بد في النهاية ان تكشف زيف ما كتبه منتصرو اليوم مهزومو الغد.

ان النتيجة التي أفضت إليها الحرب اللبنانية منذ ما قبل 13 نيسان 1975 وصولاً الى 13 تشرين الأول 1990 بالوكالة العامة الدولية التي أعطيت للمحتل السوري بالوصاية على لبنان حتى 26 نيسان 2005 رسّخت الاعتقاد الآنف الذكر بفرض سردية “أحادية” تقول بأن الحرب اللبنانية خاضها شيطان واحد طرف واحد وحزب واحد وطائفة واحدة ضد ملائكة عزّل من السلاح حاملي الشموع واغصان زيتون السلام… وكأن الغرباء الذين توافدوا على لبنان كانوا قوات حفظ سلام غانديين سقطوا على يد ذاك “الشيطان”.

اليوم وبعد مرور اربعة وثلاثين عاماً على نهاية الحرب، ما زالت فلول تلك الوصاية على اعتقادها وسرديتها، فأمام اعتراض اللبنانيين السياديين وعلى رأسهم حزبي القوات والكتائب اللبنانية على تحميل أعباء حرب المساندة التي “أشعلها” الحزب على الجبهة الجنوبية منذ الثامن من تشرين الأول 2023، للمكلف اللبناني من ماله وخزينة دولته، قام الحزب عبر جيشه الالكتروني المنظم الموجه بعرض نفس سردية “المعتقد بالنصر” في كتابة تاريخ الحرب اللبنانية اذ وزّع وعمّم المنشور الآتي تحت هاشتاغ” # المقاومة _الثقافية

#مطالبة_حزب_الكتائب_وآل_الجميل_بتعويضات_الحرب_الأهلية!

بعد اعلان رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميل رفضه إعطاء التعويضات للمتضررين من الحرب الإسرائيلية على الجنوب وكذلك القوات اللبنانية  وتقديم النائب نديم الجميل كتاباً رسمياً لمعرفة الأموال المحوّلة لمجلس الجنوب منذ تشرين اول 2023 (ولسنا ضد نشر قيمة المبالغ والمستفيدين منها والتدقيق بكيفية صرفها ).. بحجة ان المقاومة لم تستشر اللبنانيين وان الحكومة ليست مسؤولة عن التعويضات !

نتمنى على الاخوة نواب كتلتي التنمية والوفاء، المبادرة لتقديم طلب الى المجلس النيابي والحكومة، لتبيان ومعرفة ما دفعته الحكومة اللبنانية من تعويضات للمهجرين وتعويضات الحرب الأهلية التي اشعلها حزب الكتائب اللبنانية من دون استشارة أحد من اللبنانيين ودون مسؤولية الحكومة اللبنانية…(مع الفارق بالمقارنة).

ونطالب مجلس الجنوب بنشر قيمة التعويضات المستحقة وقيمة الأموال المحوّلة من الحكومة، إن لم تخجل لن نسمح لك بأن تفعل ماتشاء”.

بالنسبة لسردية الحرب الاهلية التي “أشعلها” حزب الكتائب من دون استشارة أحد من اللبنانيين نقع اولاً على كلمة عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ابو أياد في المهرجان الخطابي الذي اقيم في جامعة بيروت العربية في 23 أيار 1976 والذي اقّر فيها: “ان شهداء الثورة الفلسطينية الذين قتلوا في عيون السيمان وعينطورة وصنين، انما سقطوا لأن طريق فلسطين ﻻ يمكن ان تمر اﻻ في عيون السيمان وجونية” كما أقرّ هو نفسه في 28 نيسان 1978 مبرئاً حزب الكتائب من “اشعال” الحرب الأهلية في كتابه “فلسطيني بلا هوية”: “ان الكتائب لم تكن مسؤولة عن الحادث” (بوسطة عين الرمانة)”.

وفي دحض للسردية المفروضة من مزوّري الوقائع والتاريخ نقرأ في 7 كانون الثاني 2008 اعلان فلسطين في لبنان، (وثيقة اعتذار من الشعب اللبناني) أذاعه ممثل اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في لبنان عباس زكي. ومما ورد في الوثيقة:

“من الإنصاف القول بأن التورُّط الفلسطيني في لبنان، على نحو ما شهدنا، وبخاصة أثناء حروب 1975 – 1982، إنما كان في مجمله قسرياً بفعل ظروف داخلية وخارجية أشبه ما تكون بالظروف القاهرة.

لا نقول هذا تنصلاً، ولا من قبيل نسبة ما جرى إلى “المؤامرة”، بل رفقاً بالضحيتين، وفتحاً لباب المراجعة، ومساعدةً لأنفسنا جميعاً على تنقية الذاكرة. وأياً ما كان الأمر، فإننا من جانبنا نبادر إلى الاعتذار عن أي ضرر ألحقناه بلبنان العزيز، بوعي أو من غير وعي. وهذا الاعتذار غير مشروط باعتذار مقابل”.

وعن النظام السوري الذي فرض كتابة مغايرة للتاريخ نقرأ في تاريخ 20 تموز 1976 ما قاله الرئيس السوري حافظ الأسد من مدرج جامعة دمشق اذ اعتبر في 20 تموز 1976: “سوريا ولبنان عبر التاريخ بلد واحد، وشعب واحد وهذا الامر يجب ان يدركه الجميع”: ليقرّ بعدها: “من اجل هذا قدمنا السلاح والذخائر، وقررنا ان ندخل تحت عنوان جيش التحرير الفلسطيني، وبدأ هذا الجيش الدخول الى لبنان ولا احد يعرف هذا أبداً، لم نأخذ رأي الاحزاب الوطنية ولا غيرها ولم نأخذ أذنا من أحد “.

ان دخول الجيش السوري تحت عنوان “جيش التحرير الفلسطيني ومتظمة الصاعقة” كانت ترجمته ما حصل في الدامور والسعديات من مجازر وتهجير بحق قاطنيها كما كانت ترجمته آلاف الضحايا من اللبنانيين منذ ذاك الدخول وحتى خروجه في 26 نيسان 2005.

وفي قراءة موضوعية للتاريخ نمر على حرب المخيمات بين حركة أمل والفلسطينيين والتي استمرت لأكثر من عامين ووقعت فيها مجازر بحق المدنيين الفلسطينيين نذكر منها “مجزرة صبرا وشاتيلا” ولكن على يد حركة أمل الشيعية في 20 أيار 1985.

كما نمر على المعارك التي نشبت بين أبناء الطائفة الشيعية والتي استمرت هي ايضا لأكثر من عامين هذه المعارك وقعت فيها أيضا مجازر بحق المدنيين نذكر منها على سبيل المثال “مجزرة اقليم التفاح” او ما عرف بـ”السبت الاسود” ولكن على يد الحزب الشيعي بحق الشيعة في 8 كانون الثاني 1989.

لن نخوض كثيراً بكل الحروب التي خاضها “الحزب”بحق المقاومين من الحزب الشيوعي اللبناني ومنظمة العمل الشيوعي والحزب السوري القومي الاجتماعي وغيرها من الأحزاب والقوى الوطنية.

ان كل ما ذكر بالإضافة الى ضحايا الاغتيالات وحرب تموز 2006 و7 أيار 2008 وطبعا ضحايا حرب المساندة 2023-2024 يستدعي طلب التعويضات من أموال المتسببين والمعتدين والمرتكبين المعروفين الهوية والانتماء وبالاسماء وتحميلهم أعباء وتكاليف الخسائر التي تسببوا بها، واعفاء ضحاياهم منها.

يستنتج مما تقدم اننا امام اختلال واضح وفاضح في المفاهيم العلمية التاريخية والاخلاقية بحيث أضحت الضحية متهمة بقتل نفسها وملزمة بانفاذ عقوبة القتل في حين ان قاتلها هو القاضي والديّان.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: