ألان سركيس لـLebTalks: قرار الحكومة تاريخي ولا خيار لـ"الحزب" سوى الرضوخ لمنطق الدولة

hezeb

في لحظة سياسية حاسمة ينتظرها اللبنانيون منذ أكثر من ثلاثة عقود، كسر مجلس الوزراء جدار الصمت، واتخذ قراراً تاريخياً طال انتظاره: حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية. خطوةٌ ما كانت لتحدث لولا تراكم معطيات داخلية وخارجية دفعت الدولة أخيراً إلى المواجهة، لا مع طرف بعينه، بل مع واقع الشلل والانقسام الذي عطّل السيادة وأجهض حلم الدولة. إنه القرار الذي طالما هربت منه الحكومات السابقة، واليوم بات واقعاً لا رجوع عنه.

إنه القرار الذي طالما تهرّبت منه الحكومات المتعاقبة، خوفاً من الفتنة، أو من الاصطدام بـ"الخطوط الحمراء"، أو بسبب حسابات طائفية داخلية. لكن التوازنات تغيّرت، والخوف تراجع، والمجتمع الدولي لم يعد يتسامح مع وجود سلاح خارج الشرعية.

بهذا السياق، أشار الصحافي ألان سركيس في حديث لموقع LebTalks إلى أن "بالنظر إلى المسار السياسي في لبنان منذ التسعينيات حتى اليوم، يُعدّ هذا القرار الذي اتّخذه مجلس الوزراء خطوة تاريخية بكل ما للكلمة من معنى. ففي أوائل التسعينيات، اتُّخذ قرارٌ بتسليم سلاح الميليشيات، لكن تمّ استثناء ممارسات حزب الله، ما كرّس واقعًا استثنائيًا خارج إطار الدولة".

وقال: "اليوم، يأتي هذا القرار في سياق تحوّلات متراكمة، بدأت باتفاق الهدنة في 27 تشرين الثاني الماضي، مرورًا بانتخاب رئيس الجمهورية وخطاب القسم الشهير، وصولًا إلى البيان الوزاري الذي أكّد على حصرية السلاح بيد الدولة، توازيًا مع الورقة الأميركية التي استندت جزئيًا إلى اتفاق الهدنة".

وتابع سركيس: "كل ذلك يُشير إلى أن مسألة تسليم السلاح باتت في مرحلة مفصلية ونهائية: فإما أن تتحرك الدولة لسحب السلاح غير الشرعي، وإما أن تتورّط في مواجهة خطيرة. وهنا، ورغم الضغوط الأميركية والدولية، اتخذ مجلس الوزراء قراره، وكأننا نُعوّض تأخيرًا امتدّ لـ35 سنة.

بوضع العوامل الداخلية والخارجية على الطاولة، يظهر بوضوح أن لا مجال بعد اليوم للتهرّب من هذا الملف، وبات أمرًا واقعًا. وقد كُلّف الجيش اللبناني رسميًا، بعد منحه غطاءً سياسيًا واضحًا، ما يُعطي القرار ثقله وجديّته".

أضاف: "في المقابل، لم يعد من الممكن التذاكي على المجتمعَين الدولي والعربي، فهناك قرار دولي واضح يقضي بتسليم سلاح جميع الميليشيات. والمعطيات تغيّرت بالكامل: من عام 2006 حتى 2008 كانت الظروف مختلفة، أما اليوم، فحزب الله يمرّ بانتكاسة سياسية وعسكرية، ونظام بشار الأسد حليفه الأساسي سقط، وإيران نفسها تلقت ضربات مؤلمة".

وشدد سركيس على أن "لم يكن أمام الدولة اللبنانية سوى اتخاذ هذا القرار. إنها لحظة مفصلية تتطلب التنفيذ، لأن العبرة لا تكمن في الكلام بل في التطبيق".

وعن المشهد في الشارع، لفت إلى أن "المسيرات التي خرجت لا ترتقي إلى مستوى التظاهرات الحقيقية، وكانت محصورة بالضاحية الجنوبية. وقد لوحظ غياب حركة أمل تماماً، واقتصر الحضور الشعبي على مناصري حزب الله فقط"، مشدداً على أن "كل التهويل الذي يُشبه 7 أيار بات فارغاً من مضمونه، ولو كان هناك نية لتحرّك جدي لكان قد حصل بالفعل".

وأشار سركيس إلى أن "الجيش اللبناني أرسل رسالة واضحة لحزب الله: أي تحرّك سيُواجَه، وزمن 7 أيار والطيونة انتهى. وهذا ما يفسّر عجز الحزب عن التحرّك، خاصة مع تزايد الأصوات الحليفة المطالبة بحصر السلاح بيد الدولة، من بينهم طوني فرنجية وفيصل كرامي".

وأردف: "اليوم، حزب الله بات أمام خيار واحد وهو تسليم السلاح، لأن المواجهة المباشرة مع الجيش، هي معركة غير واردة حالياً".

في هذا المشهد الذي يتغيّر بسرعة، لم يعد حزب الله يملك ترف المناورة. فالعزلة الشعبية تزداد، والحاضنة الحليفة تتفلّت، والدولة، وإن متأخرة، استجمعت جرأتها، وقالت كلمتها: لا سلاح خارج الشرعية بعد اليوم. القرار وُلد من تراكم الضغط، لكنه يُمهّد لمسار جديد لا يشبه ما قبله. وإذا كانت العبرة بالتنفيذ، فإن مأزق الحزب يكمن في أنه يواجه للمرة الأولى معادلة لا يمكن كسرها بالسلاح ولا بالشارع، بل فقط بالرضوخ لمنطق الدولة.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: