“الرجاء إبدال الأكاليل بالتبرّع للكنيسة”.. هي عبارةٌ واحدةٌ ذيّلت ورقتي نعي منفصلتَين في كنيستَين متجاورتَين: كنيسة رقاد السيدة العذراء في بلدة أنفة الكورانية وكنيسة القديس جاورجيوس في بلدة كوبّا البترونية.
هي مشهديةٌ مفجعةٌ لتداعيات جريمة القتل ثم الانتحار التي شهدتها بلدة كوبّا على ساحل قضاء البترون في نهاية الأسبوع الفائت، والتي راح ضحيتها أسعد مينا (66 عاماً) والمربّية ليلى نخول وطفلها جوني (4 سنوات) وجنينها في شهره الثالث، على يد زوجها جوني مينا (34 عاماً) الموظف في بلدية البترون، الذي أقدمَ على قتل والده في حديقة المنزل ثم أكمل جريمته بقتل زوجته وابنه داخل المنزل قبل أن ينتحر، واضعاً حداً لحياته.
وبعيداً من التحقيقات الجارية لمعرفة ملابسات الجريمة رغم الشحّ في المعلومات المتوافرة حتى الآن، فقد تجلّت مظاهر الحزن الكبير في بلدة أنفة، مسقط رأس الزوجة ليلى نخوّل، وهي استاذة في مدرسة البلمند، عندما أصرّ والدها فريد نخول المفجوع بإبنته الوحيدة وحفيده، وبعد اتفاقٍ رضائي بين عائلتي مينا ونخول، على دفن الإبنة وإبنها وجنينها في مدافن العائلة في أنفة، وقد فاجأ الأب الحضور المعزّي بعد الجناز بطلب نقل جثمان الطفل جوني الى تابوت والدته، مردّداً عبارة “خلّلوا حفيدَيي بحضن أمهن”، في إشارة الى الطفل والجنين معاً.
هي المواجعُ والأحزانُ ترتدي في كل مرة حِلَلاً مغايرة.. نتيجتها ثابتة لا تتغير.. المزيد من الدموع في مآقي اللبنانيين.