إتفاقية الشرع – عبدي: قنبلة جيو سياسية هائلة ومتعددة المفاعيل

syria

كتب جورج أبو صعب : في وقتٍ تركّز كافة وسائل الإعلام العربية والدولية على أحداث الساحل السوري وتداعياتها، سجّلت دمشق خرقاً وإنحازاً جيو سياسياً ذكياً و ضخماً تمثّل بتوقيع الرئيس السوري أحمد الشرع اتفاق اندماج “قوات قسد” والأكراد في الجيش النظامي السوري ومؤسسات الدولة السورية مع قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبّدي. وقد نصَّ الاتفاق على ضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة في العملية السياسية وكافة مؤسسات الدولة، بناءً على الكفاءة بغض النظر عن خلفياتهم الدينية والعرقية.

وأقرّ الاتفاق بأن المجتمع الكردي مجتمع أصيل في الدولة السورية، وتضمن الدولة السورية حقه في المواطنة وكافة حقوقه الدستورية.

كما لحظَ الاتفاق وقف إطلاق النار على كافة الأراضي السورية ودمج كل المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية، بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز، فضلاً عن ضمان عودة كافة المهجرين السوريين إلى بلداتهم وقراهم وتأمين حمايتهم من الدولة السورية،

ورفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية ومحاولات بث الفتنة بين كافة مكونات المجتمع السوري.

وقد أنشأ الاتفاق لجاناً تنفيذية للعمل على تطبيق الاتفاق بما لا يتجاوز نهاية العام الحالي.

هذا الاتفاق يمكن اعتباره من جانب السلطة في دمشق بمثابة “ضربة معلم” لأنه ضربَ بحجرٍ واحد أكثر من عصفور وحقّق أكثر من هدف وخلط الأوراق الجيو سياسية على أكثر من صعيد داخل سوريا وخارجها:

أولاً: هذا الاتفاق الذي يمكن وصفه بالتاريخي أنهى سنوات وسنوات من الانفصال بين الأكراد والدولة السورية وأعادهم إلى حضن الدولة بما يناقضُ كافة الحسابات والمراهنات على التقسيم والتفتيت في سوريا.

ثانياً: وطّدَ الاتفاق نجاح النهج التوحيدي للسلطة في دمشق من خلال إعادة انضمام سوريا المفيدة إلى الدولة السورية، وبالتالي إفشال رهانات إسقاط النظام الجديد انطلاقاً من الشمال الشرقي السوري ورهانات اعتبار  شمال شرق سوريا منطلقاً لعمليات تمرّد أخرى يقوم بها ماهر الأسد المرتبط وجماعته بإيران.

ثالثاً: الاتفاق ألحقَ ضرراً فادحاً بإيران أيضاً لأن الإيرانيين كانوا يراهنون على حمل أكراد سوريا بالمال والسلاح على التمرّد على السلطة الجديدة في دمشق وفي وجه تركيا انطلاقاً من شمال شرق سوريا.

رابعاً: الاتفاق نزعَ من واشنطن ورقة اشتراط ضمان حقوق الأقليات لرفع العقوبات عن سوريا، فالاتفاق انتفت الحجة الهامة لا سيما وأن الولايات المتحدة الأميركية وقفت الى جانب الأكراد كحلفاء لها شمال شرق سوريا، ودعمت وجود قسد بالمال والسلاح الأميركي المتطور لسنوات، فضلاً عن قيام الرئيس السوري بتشكيل لجنة تحقيق قضائي حول أحداث الساحل السوري الأخيرة لإحالة مرتكبي المجازر والتعديات الوحشية على السوريين في الساحل السوري وبدأت اللجنة بالاعتقالات.

خامساً: الاتفاق قطعَ الطريق أمام الحركات الإنفصالية في جنوب سوريا والمتماهية مع إسرائيل الساعية دائماً إلى زعزعة سوريا وتقسيمها وتدعيم التوجهات الانفصالية لدى الدروز، وبالتالي يمكن القول إن المشروع الإسرائيلي تعرّضَ لانتكاسة كبرى انطلاقاً من شمال شرق البلاد.

الاتفاقية إذاً زلزال جيو سياسي اقتصادي سوري هام وخطير سيعيدُ خلط الكثير من الأوراق المحلية والإقليمية والدولية، والأهم من ذلك أنه أتى بمثابة خطوة متقدّمة مانعة لتقسيم سوريا ومساهِمة في تقوية السلطة الجديدة في دمشق بما يُسقطُ كافة الرهانات السلبية تجاهها وتجاه الرئيس أحمد الشرع.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: