إنتخابات نقابة المحامين 2024.. التردد والترشيح السلبي والإيجابي

lawyer

كتب إدمون الحداد:

تغلب صفة التردد على إنتخابات نقابة المحامين في بيروت لهذا لعام. فالعديد من الأحزاب لم تقدم مرشحيها بعد على الرغم من أن المعركة الإنتخابية أضحت على أبواب العطلة القضائية. من بين هذه الأحزاب المترددة، كل من، حزب الكتائب، التيار الوطني الحر، حركة أمل والحزب التقدمي الإشتراكي. مرد هذا التردد بحسب مراقبين يعود، بالإضافة لحسابات الربح والخسارة التي يقيمها عادة كل فريق، فإن عاملاً مستجداً دخل هذا العام في الحسابات الإنتخابية لهذه الأحزاب. هذا العامل المستجد يتمثل بإرتباطات وتحالفات معركة الدورة الماضية للعام 2023، هذه التحالفات التي تم نسجها والتي أنتجت فوزاً للنقيب الحالي المحامي فادي المصري، والتي جاءت بمعظمها ظرفية، جمعت الأضداد والخصوم السياسيين التقليديين، بمواجهة المرشح المدعوم من حزب القوات اللبنانية في حينه. فما تأثير تحالفات العام المنصرم، على إنتخابات العام الحالي، سألنا أحد الخبراء المراقبين، فأتى الجواب كالآتي.

أدت التحالفات الواسعة، في إنتخابات العام المنصرم التي أوصلت النقيب فادي المصري، ومن بينها تلك التي تم نسجها مع الخصوم السياسيين التقليديين، إلى موجب نتيجة معلوم، وهو موجب يقع على عاتق فريق النقيب المصري وحزب الكتائب، يتمثل برد الجميل لهؤلاء جميعاً، ذلك بدعم مرشحي هذه الأحزاب في انتخابات هذا العام.

يضاف إلى مرشحي الأحزاب، مرشحين مستقلين، بينهم من قام بدعم النقيب الحالي في انتخاباته في العام المنصرم أيضاً، جميعهم ينتظرون حجز موقع لهم على اللائحة التي يُحكى عن الرغبة بتشكيلها.

لكن عقبتان تحولان دون إتمام هذا الموجب بحسب المراقبين،
العقبة الأولى، تتمثل بكثرة عدد الأحزاب التي يتوجب دعم مرشحيها لهذا العام من قبل فريق النقيب المصري وحزب الكتائب، الأمر الذي يزيد عن عدد المقاعد الأربع الشاغرة لهذا العام، ما يمكن أن يلزم حزب الكتائب عن الإحجام عن تقديم مرشح لعضوية مجلس نقابة المحامين من داخل صفوفه، والإكتفاء بدعم مرشح مقرب من خارجه، الأمر الذي ما زال إلى اليوم موضع أخذ ورد داخل صفوف ندوة المحامين الكتائب، وربما يتخطى القرار ندوة المحامين فيه، كونه أصبح موجباً على عاتق الحزب ورئيسه وقيادات فيه.

العقبة الثانية، تتمثل بانعدام الثقة بين الأحزاب التي يقتضي أن يجتمع مرشحوها طبيعياً، على لائحة واحدة هذا العام، لخوض معركة مشتركة توصل جميع مرشحي اللائحة، والتي يقتضي أن تجمع كما يجري التداول، مرشحين عن كل من، حزب الكتائب أو مقرب منه، التيار الوطني الحر، حركة أمل أو مقرب منها، الحزب الإشتراكي أو مقرب منه، وربما تيار المستقبل الذي يعاني من إشكالية في هذه الدورة الإنتخابية، تختصر بمحاولته الإستئثار بتسمية المرشح السني، في سابقة لم تشهدها نقابة المحامين طيلة تاريخها الإنتخابي.

من هذه الزاوية يقرأ مراقبون التردد الحاصل في تقديم العديد من الأحزاب مرشحين من داخل صفوفها في انتخابات هذا العام. فيعلق المرشحون ومعهم الناخبون في زواريب المصالح الموسمية الضيقة التي رسمتها بعض الأحزاب، الأمر الذي ينعكس سلباً على العملية الإنتخابية الصحيحة.

وفي تفصيل لموقف تيار المستقبل المستغرب لهذا العام، يضيف الخبير المراقب،
يعتبر تيار المستقبل، أن موقع أمين سر النقابة وهو ينتمي عادةً إلى الطائفة السنية، يقتضي حكماً أن يكون من نصيبه هو وحده، دون ما عداه من الفرقاء والشخصيات السنية من المحامين.

لكن هذا الأمر وصل هذا العام، إلى حد ممارسة تيار المستقبل كافة أنواع الضغوطات المعنوية والعملية، لمنع ترشح أي شخصية سنية وازنة من المحامين، في مواجهة مرشح تيار المستقبل، الأمر الذي لم يعتده المحامون ولم يسبق أن حصل بتاريخ العمل النقابي، كما يستغربه المحامون قاطبة، وهو أمر سلبي. وفي هذا الإطار، يعتبر مراقبون أن تقديم تيار المستقبل مرشح من صفوفه لهذا العام، هو من قبيل الترشيح السلبي، الذي يهدف إلى شرذمة أصوات المحامين السنة، وإلى توزعها بين المرشحين.

تجدر الإشارة، إلى أن الحزب الوحيد الذي بقي خارج هذا الصراع الحاصل، هو حزب القوات اللبنانية، الذي كان لافتاً تقديمه مرشح من صفوفه في وقت مبكر لهذا العام، ما شكل عاملاً إيجابياً وقع في مصلحته، كما وفي مصلحة النشاط الإنتخابي التنافسي السليم الذي اعتادته نقابة المحامين. ويعتبر مسؤولون في ماكينة المرشح القواتي، أن الحزب معني فقط بدعم مرشحه ويعمل على إيصاله، وهو غير ملزم بأية تحالفات يمكن ان تؤثر سلباً على حظوظ مرشحه بالفوز.

يبقى القول، بحسب مراقبنا الخبير، بأن محاولة استنساخ بعض الأحزاب طريقة عمل “مجلس تشخيص مصلحة النظام” المعتمد في دول معينة، وتحديدها هي لمصلحة المحامين والنقابة، من خلال العمل على إبعاد بعض المرشحين غير المنتمين لها، بالضغط والتضييق، لا يستقيم مع المحامين. على عكس أحزاب أخرى تسعى دائماً أن تجمع حولها وتدعم مستقلين، فتقدم المعيار المهني على ما عداه.

ويبقى المحامون تواقون دوماً للحرية ومدافعين عن الحقوق وفي طليعتها حق التعبير عن الرأي وممارسة الديمقراطية الإنتخابية الصحيحة، بعيداً عن أي توجيهات أو ضغوط.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: