Search
Close this search box.

إيران في “عين العاصفة” الإسرائيلية … وردُّها غير المباشر قد يكون عبرَ “رجالها” على أرض سوريا 

WhatsApp Image 2024-04-03 at 08.53.53_d3983f03

كان لافتاً في الساعات الأخيرة الماضية، بعد الهجوم الإسرائيلي على مقرّ الحرس الثوري الإيراني في دمشق، هذا السيل من البيانات الإيرانية المهدّدِة والمتوّعِدة إسرائيل بردٍّ مزلزِلٍ، بالتزامن مع بيانات أميركية نافية لعِلم واشنطن المسبَق بالغاراة الإسرائيلية.

إسرائيل وحرية التحليق والقصف واستهداف مواقع إيرانية في سوريا

مما ﻻ شكَّ فيه بدايةً أن الغارة الإسرائيلية أول من أمس على مقرٍّ ملاصقٍ للسفارة الإيرانية في دمشق في لحظة انعقاد اجتماعٍ سرّيٍ بين مسؤولين كبار في الحرس الثوري الإيراني مع مسؤولين من حركة “الجهاد الإسلامي” للبحث في حرب غزّة ومآلاتها جاءت لتزيد الإيرانيين انكشافاً وإحراجاً، وقد باتت أجواء سوريا وأراضيها حيث التواجد الإيراني مكشوفةً أمام المقاتلات الحربية والمُسيّرات الإسرائيلية وآخرها مقاتلات F35 التي نفّذت الهجوم الأخير على المقرّ الإيراني.

وبغضّ النظر عن الكثير من التفسيرات والتأويلات والتساؤلات التي قد يكون جزءٌ منها مُحقّاً وصائباً، يبقى السؤال الأهم حول كيفية السماح للطيران الحربي الإسرائيلي بخرق الأجواء السورية وقصف مواقع إيرانية بأريحية وحرية تحليق وقصف واستهداف.

لا مانع لدى موسكو من ضرب أهدافٍ إيرانية في سوريا

هذه الغارة الأخيرة في حي المزّة في دمشق، وعلى هدفٍ إيراني مباشر مُفترضٍ أن يكون محميّاً ومُراقَباً، تكشّفَ بوضوح الخرقُ الأمني واﻻستخباراتي للوجود الإيراني من داخل بيت النظام السوري أولاً، والتهاون الروسي في سوريا تجاه الغارات الإسرائيلية ونوعية استهدافاته … فروسيا وهي الوحيدة القادرة على منع الإسرائيلي من قصف مواقع في سوريا تقفُ متفرّجةً على استهداف مواقع إيرانية وكأن لسان حال موسكو في هذا الصدد لا يجد مانعاً من ضرب وإضعاف الوجود الإيراني في سوريا لغاياتٍ في نفس الرئيس الروسي فلاديمير بوتين .

تل أبيب أيقنت أن نظام الأسد لم يعد حامياً للجولان

للمرة العاشرة، يتمكّن الطيران الإسرائيلي من اصطياد قيادات مرموقة في الحرس الثوري الإيراني داخل سوريا من دون أي رادعٍ أو حمايةٍ أمنية واستخباراتية، الأمر الذي يطرح مجدّداً مسألة ما اذا كان استهداف إيران في سوريا يأتي في سياقات موضعية أم أنه تنفيذٌ لقرارٍ كبيرٍ مُتَخذ بإنهاء الوجود الإيراني في سوريا أو أقلّه إضعافه الى الحد الأقصى الممكن، بعدما أيقنت تل أبيب أن نظام الأسد لم يعد حامياً للجولان ولم يعد مُمسكاً بورقة حماية الحدود مع إسرائيل، الأمر الذي بات يدفع بالإسرائيلي الى التدخّل في كل مرةٍ يجدُ أن ثمة خطرٌ محدِقٌ بأمنه متأتٍ من سوريا.

إسرائيل أسقطت كل المحرّمات والخطوط الحمر مع إيران

الهجوم الإسرائيلي الأخير لم يأتِ عبر مُسيّرات بل عبر مقاتلات F35، ما يعكسُ انتقالاً  نوعياً في استخدام إسرائيل وسائط الهجوم وبلوغها حدَّ استخدام المقاتلات دليلاً على اطمئنانها بعدم إمكانية إسقاطها، وهي مقاتلات مكلِفة جداً بحيث من الصعب المخاطرة باستخدامها في أجواء أراضٍ معادية ما لم تكن استخداماتها مضمونة النتائج، كذلك فإن استهداف المقرّ القنصلي الإيراني في دمشق يعطي إشارة واضحة الى سقوط كل المحرّمات والخطوط الحمر لدى إسرائيل واستعدادها لاغتيال وقصف واستهداف أي هدف إيراني وأية شخصية إيرانية مهما علا شأنها، وفي أية بقعة من بقاع سوريا، وذلك في رسالة أخرى توجّهها تل أبيب الى طهران مفادها أن سوريا لم تعد آمنةً للإيرانيين ومسؤولي إيران إن جاؤوا الى سوريا.

تضامن واشنطن وتل أبيب وتضافرهما أبشعُ سيناريو قد تواجهه طهران

اللافت أيضاً ما تضمّنه الردُّ الإيراني الإعلامي على الغارة من افتخارٍ بأن الجانب الأميركي أبلغَ الجانب الإيراني بأنه لم يكن على علمٍ بالغارة، ولم يشارك في قصف المبنى القنصلي في دمشق، وأن واشنطن لم تشارك في الهجوم،

لكن الحقيقة هي أن الرسالة الأميركية تضمنت شقّين، بحيث تحدثت طهران في الشقّ الأول المتعلّق بعدم مشاركة واشنطن في الهجوم لكنها أخفت الشقّ الثاني من الموقف الأميركي الذي تضمّنَ تحذيراً يصلُ الى درجة التهديد لإيران من مغبّة الردّ على إسرائيل انتقاماً … حيث عندها ستُضطرُ واشنطن الى تلقين الإيرانيين درساً لن ينسوه، من هنا فإن أغلب الظنّ أن إيران تعيش حالة خوف من الأميركي والإسرائيلي على السواء، لأن أبشع سيناريو لا يحتمله الإيراني بأن يرى الأميركي والإسرائيلي متضامنَين ومتضافرَين في تأديب إيران عسكرياً إن هي أقدمت على حماقة انتقامية ضد إسرائيل.

وجهان لإيران: إستشراسٌ ضد الدول العربية وخنوعٌ أمام إسرائيل وأميركا

إسرائيل لا تضربُ في سوريا اإلا بعد التنسيق العسكري واللوجستي مع الروس لا سيما وأن لموسكو، ورغم كل التوتّرات الإعلامية بينها وبين تل أبيب مؤخراً، مصالحَ مع إسرائيل وعلاقة قوية معها، ولذا يستطيع الروس مباشرةً بلورة تفاهمات عسكرية ميدانية مع الإسرائيليين وطمأنة الإيرانيين في نفس الوقت الى وقوف روسيا الى جانبهم واستنكار الاعتداءات الإسرائيلية عليهم، بحيث أنه 

مرةً جديدةً تتظهّرُ بوضوح وجلاء حقيقةُ التخادم الأميركي- الإيراني- الإسرائيلي، فإيران أعجز من أن تتواجه مع أميركا وإسرائيل، وهي لا تقوى سوى على ضرب الدول العربية وتدميرها من الداخل، أما عندما يصلُ الأمر الى مواجهة الأميركي والإسرائيلي، فتصبحُ إيران مهادنةً مطواعةً خانعةً وخائفة.

إيران لا تملك سوى الجعجعة واللطم

قصفُ أرض إيرانية قنصلياً وديبلوماسياً يساوي في العُرف الديبلوماسي والقانون الدولي قصفَ دولة لأراضي دولة أخرى، ما يُفترَض أن يستجرَّ معه إعلان حالة حرب بين المعتدي والمعتدى عليه، لكن في المثال الإيراني تخنعُ طهران وتتهرّبُ من مواجهة إسرائيل ومن ورائها أميركا يقيناً منها بالثمن الباهظ الذي يمكن أن تدفعه طهران وبخاصةٍ نظامها،

واللافت أيضاً ما وردَ في تغريدة المرشد علي خامنئي تعليقاً على الهجوم الإسرائيلي على دمشق، حيث أشار الى أن “رجالنا ” سيردّون على إسرائيل من دون أدنى شكّ، ولم يذكر القوات الإيرانية بل “رجال إيران” أي الميليشيات وعلى رأسها حزب الله، ما يؤكدُ موقفاً إيرانياً ثابتاً بعدم التورّط مباشرةً في أي مواجهة عسكرية مع أميركا وإسرائيل، وترك المبادرات العسكرية بيد “رجال إيران” في المنطقة، لأن إيران أعجز من التدخّل العسكري المباشر واﻻنتقام لنفسها بالمباشر،

فهي لن تردّ على إسرائيل … وهي لا تملك سوى الجعجعة واللطم … لكن الأكيد المؤكد هو أن إسرائيل وضعت الوجود الإيراني في سوريا هدفاً أساسياً واستراتيجياً لها … وبالتالي باتت طهران في “عين العاصفة” الإسرائيلية الجارفة …

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: