Search
Close this search box.

اتفاق “الحزب” مع العدو مُنجَز بحرياً جاهز برّيا

tersim

الكل يتذكر المرحلة التي سبقت السابع من تشرين الأول 2023 وتلت الاتفاق – قبل ان يجف حبره – بين “الدولتين اللبنانية والاسرائيلية” ترسيماً لحدودهما البحرية وحفظاً لثرواتهما النفطية ومحافظة على الامن والاستقرار لتأمين حسن سير التنقيب والاستخراج والضخ والتصدير لكلتي الدولتين اللدودتين الموقعتين على الاتفاق المعترفتين بحقوق بعضها البعض، ولو ان الحقوق الاسرائيلية هي مغتصبة من الفلسطينيين أصحاب الحقوق الحصرية بالأراضي الفلسطينية براً بحراً وجواً على ما يؤكده المحور الذي يقوده حزب الله في لبنان والذي لولاه لما كان هناك اتفاق ولا ترسيم ولا اعتراف ولا وهباً للحقوق البحرية اللبنانية والفلسطينية، واستكمالاً للانتصار البحري بجعل لبنان “دولة نفطية” بالرعاية والضمانات الاميركية بشخص المجنّد السابق في الجيش الاسرائيلي آموس هوكشتاين، كان لبنان على موعد انتصار ثانٍ مثيل دعي بالترسيم البري وكان شبه منجز ومسهّل التطبيق من الحزب بمثل ما سهّل في الاتفاق البحري.

لقد توقّف الكثيرون عند نفي نصرالله في السابع عشر من الشهر الحالي في خطابه العاشورائي عما ضجّت به المصادر والتسريبات عن اتفاق جاهز “برّي” عند الحدود الجنوبية بين “العدو” الاسرائيلي و”الحزب” اذ قال حرفياً: “في حال توقف العدوان وستأتي الوفود المفاوضة لتفاوض على مستقبل الجنوب… الجهة التي ‏تُفاوض باسم لبنان هي الدولة اللبنانية، وأبلغنا كلّ من اتصل بنا أنّ الجهة المعنية بالتفاوض وبإعطاء ‏الأجوبة هي الدولة اللبنانية، كلّ ما يُشاع عن اتفاق جاهز للوضع عند الحدود الجنوبية هو غير صحيح، لم يتم حتّى الآن أي ‏اتفاق، هناك مسودات، هناك أفكار، هناك طروحات، هذا متروك للوقت، مستقبل الوضع في الجنوب سيتقرّر على ضوء نتائج هذه المعركة”.

في حين ان القليلين تنبّهوا الى ما أكده نصرالله في نفيه ان “هناك مسودات وهناك أفكاراً وهناك طروحات” موضع نقاش بين “الحزب” وحامليها شفّره نصرالله بعبارة “هذا متروك للوقت”.

اما بالنسبة الى تفويضه “الدولة اللبنانية” بالتفاوض، فلقد سبق للسيد ان “فوّضها” بحرياً وكان انجازاً سجّل لحزبه وانتصاراً لمحوره، كذلك فوّضها برّياً قبل السابع من تشرين الأول 2023 وتحديداً في 2 تشرين الأول 2023 بتناغم مع موقفه المسهل السابق بحرياً ومع موقفه الحالي برّياً اذ قال: “إنّ على الدولة اللبنانية أن تتحمّل مسؤولياتها في ملف الترسيم البري”.

وقبل آخر اطلالة كان لأمين عام الحزب قراءة لما يمكن ان تعطي “جبهة اسناده” في الجنوب اللبناني من نتائج ايجابية في “الملّف البرّي المطروح في “المفاوضات والطروحات والمسوّدات” مع الوسيط الذي اعتبره سابقاً الحزب غير نزيه آموس هوكشتاين وقبوله بوساطته وضمانته وادارته لاحقا للملف البحري الميمون، اذ قال نصرالله ما حرفيته في 5 كانون الثاني 2024: “بعد 60 يوماً من القتال، يتم العمل على تثبيت معادلات الردع التي أسست لها المقاومة وهو يفتح فرصة جديدة للبنان بأن يتمكن بعد انتهاء هذه المعركة من تحرير بقية أرضه وتثبيت معادلة تمنع فيها العدو الإسرائيلي من اختراق أجوائنا وبحرنا وحدودنا… إننا أمام فرصة حقيقية لتحرير كل شبر من أرضنا اللبنانية ومنع العدو من استباحة حدودنا وأجوائنا”.

هنا تزامن حديث نصرالله عن “الفرصة الحقيقية” في كانون الثاني 2024 مع التسريبات الصادرة عن هوكشتاين والرئيس نبيه بري حول ترسيم الحدود البرية بعد الترسيم البحري وحل مشكلة النقاط الـ 13 العالقة بين لبنان وإسرائيل على الخط الأزرق من دون مزارع شبعا وزيادة عديد الجيش اللبناني في الجنوب ووقف الطلعات الجوية الإسرائيلية، وفي “تفصيل صغير” عن “المفاوضات” ان النقطة التي بقيت عالقة هي طلب إسرائيل انسحاب حزب الله إلى شمال نهر الليطاني فيما سرّب عن الثنائي الشيعي “فهمه” لما ورد في القرار 1701 “حظراً” للمظاهر المسلحة جنوب نهر الليطاني.

هنا  لا بد من الاشارة الى ما انجز واقعاً من الاتفاق البحري في كل من الدولتين اللبنانية والاسرائيلية، فالاستكشاف متوقف في بلوكات لبنان في حين ان العدو المغتصب قطع مراحل الاستكشاف والتنقيب وبدأ بالاستخراج والضخ والتصدير الى مصر والدول الاوروبية من حقل “كاريش” الذي ساهم “الحزب المقاوم” بوهبه لعدوه اللدود من دون أي يُرمى الحقل بوردة قبل الثامن من تشرين الاول 2023 ولا بعده.

وعليه نكون امام التزام “مفترض” من الحزب مستقبلي بتسهيل تنفيذ الترسيم البرّي عبر التهدئة وضمان الحدود مع دولة اسرائيل وعدم التوتير معها تماماً كالتسهيل الذي أمنّه الحزب لتنفيذ الترسيم البحري والتهدئة التي أدت الى تأمين استخراج “دولة اسرائيل لنفطها وغازها”.

بالإضافة لدور آموس هوكشتاين في إيجاد حل للجبهة المشتعلة على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، فللموفد الأميركي حقل آخر ينشط فيه هو الانتخابات الرئاسية اللبنانية ويلعب فيه مع “الحزب” عبر الرئيس نبيه بري ونائبه صديق “آموس” الياس بو صعب لعبة الجزرة والإغراء في التعويض على “الحزب” في الرئاسة والحكومة والتعيينات والمناصب ليقرّش “الاتفاق الفرصة” مع العدو  في الداخل اللبناني وعلى حساب الشريك في الوطن والذي ما ينفك الحزب يعتبره عدوّاً بديلاً عن العدوّ الحقيقي المتربّص شراً بالبلاد والعباد.

يبقى ان ما يؤكد قطع “مفاوضات الترسيم” شوطاً بعيداً وصولاً الى ما اطلق عليه “اتفاق جاهز” بين العدوَّين الحميمَين وما حاول نصرالله نفيه في خطابه العاشورائي هو في ما ورد في بيان المطارنة الموارنة تاريخ 7 شباط 2024: “إننا نحذّر من المحاولات دوليًا ومحليًا لتمرير ترسيم مشبوه للحدود بين لبنان واسرائيل خال من أي ضمانات دولية واضحة، والتفاوض في هذا الشأن يبقى من اختصاص رئيس الجمهورية”.

طبعاً ان نفي نصرالله في هذا السياق عن وجود اي مفاوضات مباشرة او غير مباشرة مع الأميركيين ومن خلالهم مع الاسرائيليين له ما يبرّره اذ سيظهر كأنه يسعى ومن تحت الطاولة للتوصل الى اتفاق على حساب دماء أهل غزة ودمارها ودماء الجنوبيين ودمار منازلهم وتلف مزروعاتهم وحرقها، وهذا صحيح، وللبحث صلة.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: