افتتاحية LebTalks: سوريا تعيد بناء دورها.. و"القوات" تعيد بناء خطاب الداخل

WhatsApp Image 2025-12-07 at 15.24.14_f2b9c8be

بعد عام على سقوط النظام السوري، يقف الشرق الأوسط أمام مرحلة سياسية غير مسبوقة تتداخل فيها الحسابات الإقليمية مع إعادة ترتيب موازين القوى الداخلية في أكثر من دولة. وفي حين ينشغل الداخل اللبناني بمحاولات التكيّف مع واقع سياسي هش ومؤسسات متقادمة، تتقدم تطورات سوريا كعامل مؤثر في مستقبل المنطقة، لا بما كانت تمثله سابقاً، بل بما تحاول أن تكونه اليوم.

دمشق وسعيها لإعادة التموضع

في هذا الإطار، تلفت مصادر ديبلوماسية مطّلعة لموقع LebTalks إلى أن دمشق تبذل جهداً استثنائياً لإعادة تقديم نفسها لاعباً مقبولاً إقليمياً ودولياً، بعدما وجدت في مرحلة ما بعد السقوط فرصة لإعادة التموضع. فالنظام يعمل على فتح أبواب الاستثمار والسعي وراء قنوات تمويل لإعادة الإعمار، بالتوازي مع طرح نفسه كجهة قادرة على احتضان مشاريع طاقة عابرة للحدود، في ظل حاجة دول عدة إلى ممرات آمنة واستقرار جغرافي.

وترى هذه المصادر أن الأسلوب السوري في المرحلة الحالية "انفتاح اقتصادي وتفاهمات سياسية انتقائية"، هدفه تحسين العلاقات مع الخليج وتركيا وأوروبا بصورة براغماتية. غير أن السؤال يبقى مفتوحاً، هل ستكون دمشق من أوائل العواصم التي تتجه نحو التطبيع الإقليمي؟

توضح المصادر أن "دمشق تمتلك مصلحة حقيقية في الاقتراب من الاتفاقيات الإبراهيمية، مستفيدة من مواردها وموقعها الحيوي (الموانئ، النفط والغاز، والممرات البرية). لكن هذا المسار يبقى مشروطاً بمطالب خليجية وأميركية واضحة، إجراءات ضد التشدد، ضمانات أمنية، والتزام بعدم احتضان جماعات متطرفة. لذلك ترجح المصادر أن يتقدم التطبيع الاقتصادي والتجاري بسرعة، بينما يبقى التطبيع السياسي الشامل تدريجياً، لكنه في رأيها "مسار حاصل، ولو ببطء".

فرنسا ومبادرتها لدعم الجيش اللبناني

في موازاة المشهد الإقليمي المتحول، تعود فرنسا، وكالعادة، من خلال زيارة الموفد الرئاسي جان إيف لودريان، لتطرح بقوة مبادرة عقد مؤتمر دولي لدعم الجيش اللبناني، وهذه المرة بصورة مباشرة وأكثر وضوحاً من أي وقت مضى. ويأتي ذلك في سياق الاهتمام الفرنسي المتجدد بالوضع اللبناني، سواء على المستوى الأمني أو السياسي أو الإصلاحي.

وفي هذا الإطار، يحضر الوضع العام بقوة في لقاءات لودريان، إلى جانب مناقشته الوضع في الجنوب اللبناني وتطورات المفاوضات وخطر اندلاع الحرب وملف ترسيم الحدود البحري والبري، إضافة إلى الإصلاحات الداخلية المطلوبة، سيطرح لودريان أيضاً ملف هذا المؤتمر الذي سبق وتحدث عنه في زيارته الأخيرة الى بيروت.

وتؤكد معلومات LebTalks أن لودريان سيكون حاملاً جملة نصائح وتحذيرات خلال زيارته، وسيشدد على أهمية اتخاذ لبنان خطوات جدية قبل 31 كانون الأول أي المهلة الأميركية لتجنّب الانزلاق نحو الحرب، والعمل سريعاً على تطبيق القرارات الدولية وعلى رأسهم القرار 1701، واحترام اتفاق وقف الأعمال العدائية.

وبينما تستمرّ التحوّلات الإقليمية في رسم مشهد جديد حول لبنان، يقدّم المؤتمر العام للقوات نموذج قوة سياسية تحاول تطوير أدواتها، وتحديث خطابها، والتموضع على خط متقدم من النقاش الوطني. وهو ما يفتح الباب أمام سؤال أوسع حول القوى اللبنانية القادرة على مواكبة المرحلة المقبلة، لا بردود الفعل، بل برؤية سياسية واستعداد تنظيمي.

القوات اللبنانية: حزب متماسك وتضحيات لحماية الدولة

في هذا الوقت، أظهرت القوات اللبنانية من خلال مؤتمرها العام صورة حزب متماسك منذ انطلاقته حتى اليوم. أعادت عرض محطاتها الأساسية بثقة، في وقت تشتتت فيه أحزاب أخرى، تفككت، أو بقيت أسيرة أيديولوجيات لا تشبه الدولة ولا مؤسساتها.

القوات قدّمت تضحيات كبيرة ودفعت ثمناً بشرياً باهظاً، لكن كل ذلك كان في إطار حماية منطق الدولة لا ضربها. قالقوات قد تكون حملت السلاح في مراحل مصيرية من تاريخ لبنان، لكنه لم يحمِ مشروعاً بديلاً عن الدولة، ولم يسعَ يوماً ليكون سلطة فوقها أو بديلاً منها. واليوم، وبعد التحولات الكبرى في المنطقة وداخل لبنان، تظهر القوات كقوة سياسية حديثة، متجددة، تعتمد العمل المؤسساتي، وتراهن على مشروع دولة تُبنى على السيادة والقانون والشفافية، مع خطاب وبرنامج متماسكين مع فكرة الدولة وسيادتها.

وبينما تستمر التحولات الإقليمية في رسم مشهد جديد حول لبنان، قدّم المؤتمر العام نموذج قوة سياسية تتموضع على خط متقدم من النقاش الوطني. وهو ما يفتح الباب أمام سؤال أوسع حول القوى اللبنانية القادرة على مواكبة المرحلة المقبلة، لا بردود الفعل، بل برؤية سياسية واستعداد تنظيمي.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: