"الأصول المؤجلة".. لماذا لا تعني الخسائر إفلاس مصرف لبنان؟

masref

تكشف البيانات الأميركية الأخيرة عن أن الاحتياطي الفدرالي بدأ يقلّص تدريجياً الخسائر التي راكمها خلال فترة رفع الفوائد، لكن خلف هذه الأرقام تفصيل أساسي يتجاهله كثيرون في لبنان، المصارف المركزية حول العالم لا تُدار محاسبياً كما تُدار المصارف التجارية. ولديها بند جوهري يُعرف بـ"الأصول المؤجّلة".

فهذه الأصول ليست لغزاً ولا خدعة، إنها آلية محاسبية رسمية تستخدمها المصارف المركزية لتسجيل خسائر مرحلية، على أن تُغطّى لاحقاً من الأرباح المستقبلية.

ولا تعني إفلاساً، ولا تُستخدم كوسيلة للتلاعب، بل هي قاعدة عالمية مطبّقة في واشنطن، لندن، وفرانكفورت، حتى الاحتياطي الفدرالي سجّل خلال العامين الماضيين أصولاً مؤجّلة ضخمة، ومع ذلك لم يشكك أحد في صدقية ميزانيته.

فمصرف لبنان يعتمد الأسلوب المحاسبي ذاته، وبند "الأصول الأخرى" أو "الأصول المؤجّلة" ناتج بشكل طبيعي عن سياسات وتدخلات مالية قام بها خلال السنوات الماضية، مثل الحفاظ على سعر الصرف، دعم السلع الأساسية، الفوائد المرتفعة.

ومع ذلك، ظهر في النقاش اللبناني من يتهم المصرف المركزي بـ"تزوير" ميزانيته، إما بسبب عدم فهم الفرق بين محاسبة مصرف مركزي ومصرف تجاري، أو في إطار حملات تحمّل شخصيات معينة مسؤولية كل شيء، بعيداً من النقاش التقني.

فالمصرف التجاري ينهار عندما يُصاب بخسائر كبيرة، لكن المصرف المركزي لا ينهار لأنه الجهة المصدّرة للعملة ولأنه يعمل ضمن منظومة محاسبية خاصة تختلف جذرياً عن المصارف العادية.

لذلك، تصوير الأصول المؤجّلة كأنها "تزوير" ليس نقاشاً علمياً، بل سوء فهم أو استثمار سياسي. فميزانية مصرف لبنان ليست خارج المعايير الدولية، والاحتياطي الفدرالي نفسه يعتمد المقاربة ذاتها.

الأسئلة الحقيقية ليست في شكل الميزانية، بل في السياسات التي أدت إلى تراكم الخسائر، وكيعف يمكن إعادة بناء نموذج نقدي يمنع تكرار الأخطاء الماضية، هذا هو النقاش الجدي الذي يستحقه اللبنانيون، ولا الشعارات الجاهزة.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: